قال مولاي الحسن الداكي الوكيل العام للملك، رئيس النيابة العامة، إن ‘’المسؤول القضائي اليوم مطالب بأن يستشرف المشاكل والإشكالات، ويستبقها بحلول ناجعة تحقق انسجام وتكامل أداء مكونات المحكمة مع تحديث آليات ومساطر التصريف اليومي لحاجيات المواطنين من العدالة، وهي مسؤولية جسيمة لا يمكن تحملها بنجاح إلا من خلال التمسك بروح القانون والعدل وامتلاك مهارات الاستماع وسعة الصدر، مطوقين في ذلك بتوجيهات جلالة الملك كما وردت في ظهير تعييني في منصب الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض وبهذه الصفة رئيساً للنيابة العامة، وذلك بالدفاع عن الحق العام والذوذ عنه، وحماية النظام العام والعمل على صيانته، متمسكين بضوابط سيادة القانون ومبادئ العدل والإنصاف لاستكمال بناء دولة الحق والقانون القائمة على صيانة حقوق وحريات المواطنين والمواطنات أفراداً وجماعات، في إطار التلازم بين الحقوق والواجبات’’.
وأضف رئيس النيابة العامة، في اجتماع المسؤولين القضائيين بمحاكم المملكة، أن ‘’المسؤول القضائي، لم يعد هو ذلك المسؤول الذي يقبع في مكتبه ويقفل عليه الأبواب، بل إن المسؤول القضائي أصبح مطالبا بالانفتاح على محيطه الداخلي والخارجي، والانصات وحل المشاكل، والاجتهاد في إيجاد الحلول المبتكرة وإنتاج الأفكار الخلاقة، وهو ما نتطلع إلى تحقيقه جميعا في إطار الشعار الذي رفعناه ” نيابة عامة مواطنة”.
مبرزا في ذات السياق، أن ‘’المسؤول القضائي مدعو اليوم أكثر من أي وقت مضى للانخراط بكل فعالية وجدية من أجل الرفع من جودة العدالة إلى جانب باقي المتدخلين بغية تحقيق النجاعة القضائية، التي يتطلب تحقيقها من المسؤول القضائي وضع لوحة قيادة تمكنه من رصد مكامن الخلل وتحديد مكامن الضعف والقوة، وضبط الموارد التي يتوفر عليها سواء كانت مادية أو بشرية أو على تدبير أفضل للملفات القضائية، حيث يمكن للمسؤول القضائي من خلال هذه الآلية وضع آجال تقريبية للبت في القضايا بشكل يراعي خصوصية المنطقة الجغرافية وحجم الإمكانات المتوفرة، وهذا ما سيسمح له كلما رن جهاز الإنذار في تلك اللوحة عن وجود مشكل للتدخل وإرساء الحلول المناسبة’’.
وشدد المسؤول ذاته، على أ ‘’نجاح المسؤول القضائي في مهامه أصبح رهينا كذلك بتملكه لمفاتيح الإدارة القضائية وحسن إدارته للموارد البشرية واللوجستيكية التي يتوفر عليها وذلك في إطار نوع من التعاقد المبني على تحقيق الأهداف والرفع من نجاعة الأداء’’.
مشيرا في ذات السياق، أنه ينبغي تفعيل دور التأطير، من أجل تأطير العاملين تحت إشرافكم وتحسيسهم بالدور المنوط بهم، مع العمل على الاطلاع بواجبكم في تخليق المرفق الذي تشرفون عليه، وهي مهمة تزداد أهميتها مع الدور الذي أناطته بكم مدونة الأخلاقيات القضائية بصفتكم مستشاري الأخلاقيات’’.
وفي سياق متصل، قال رسي النيابة العامة، في كلمته أمام المسؤوليين القضائيين ‘’إن مهامكم تقتضي منكم إجادة تدبير الأزمات وتلافي مسبباتها، وتقوية الثقة في نظام العدالة في زمن تطغى فيه ثقافة التشكيك في أحكام وقرارات المحاكم، وفقدان الثقة، وهو ما يستوجب منكم استيعاب دقة المرحلة التي يجري فيها تنزيل مقتضيات الدستور المتعلقة باستقلال السلطة القضائية والإيمان بأهمية دوركم فيها، وإنني لموقن أنكم سترفعون هذه التحديات بعزيمة صلبة وإيمان راسخ للوفاء برسالة القضاء النبيلة ورفع تحديات المسؤولية القضائية في هذه الظرفية الدقيقة التي يعرف فيها المشهد القضائي تحولات دستورية وقانونية، قد تترتب عنها إشكالات جديدة في التدبير والتسيير الإداري للمحاكم، سيتعين عليكم التغلب على مشاكلها وتذليل إكراهاتها بالحكمة والرزانة والضمير المسؤول’’.
مؤكدا على أنه ‘’ينبغي استحضار دقة المرحلة التي تمر بها بلادنا والتي تتميز بتحديات كبرى وأوراش إصلاحية مهمة، في مقدمتها تنزيل النموذج التنموي الجديد. مضيفا ‘’لا شك بأنكم قد اطلعتم على مضامين التقرير العام المتعلق بالنموذج التنموي الجديد الذي قدم بين صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله يوم 25 ماي 2021، وما تضمنه من تشخيص للواقع وتوصيات ذات صلة بمجال عمل السلطة القضائية في علاقتها بتنزيل النموذج التنموي’’.
مبرزا أنه يتطلب على الجميع ‘’الانخراط التام والفعلي في تنزيل النموذج التنموي الجديد الذي يصبو إليه جلالة الملك لبلادنا، وأن نتعبأ جميعا من أجل المساهمة في إنجاح الأوراش الكبرى التي نحن مقبلون عليها، وهي كلها رهانات أنتم قادرون على تحقيقها بفضل ما تتوفرون عليه من مؤهلات وما راكمتموه من تجربة مهنية وما تتحلون به من أخلاق وما أنتم متشبعون به من قيم وحس وطني عال’’.
تعليقات الزوار ( 0 )