استغرب الإعلامي والمحلل السياسي سعيد الخمسي، من استمرار مظاهر “التنخيب الأسري” ولو بشكل ضمني، في عدد من المباريات والامتحانات، منها امتحان مزاولة مهة المحاماة.
وقال الخمسي في مداخلته خلال مشاركته بالندوة التي نظمتها جريدة “بناصا”، أمس الخميس، حول موضوع صيغة الأسئلة متعددة الاختيارات، في امتحان المحاماة ومباريات القضاء، إن نظام المدارس الكبرى الذي أنتجته الثورة الفرنسية، وأنتجه سياق تاريخي معين كان مبنيا على توريث المهن، قضى على “بورصة المهن”.
وأضاف الخمسي أنه بعد الثورة الفرنسية، وإعادة تشكيل المجتمع، ابتدع العقل الإنساني، نظام المدارس الكبرى، لإنهاء بورصة المهن، التي كانت تقوم على توريث المهن، بحيث يكون “الطب عند العائلات الفلانية، القضاء عند العائلات الفلانية، البناء عند العائلات الفلانية”، مستغرباً من استمرار “التنخيب الأسري”، ولو ضمنيا، في القرن 21.
وانتقد الإعلامي ذاته، في مداخلته، نظام السؤال متعدد الاختيارات “QCM”، الذي استعمل في امتحان المحاماة، ومباراة الملحقين القضائيين، معتبراً أن “إنتاج محامي بهذا النظام، يعني إنتاج محاميي غبي”، متابعاً: “حين أرى محاميا، أرى أن فيه 4 كفاءات، والقاضي نفس الشيء، وأرى أنه رجل منطق، لا يمكن إنتاج رجل قضاء بدون منطق”.
وشدد الخمسي على أنه “لا يمكن إنتاج محام لديه بناء منطقي سليم، ويستطيع أن يدخل المدخلات ويحلل وينتج المخرجات، بهذا النظام من الأسئلة، لأن هذه عملية ليست آلية، ويستحيل أن تكون كذلك”. ذهب المتحدث إلى أنه لا يمكن إنتاج أي مهنة مجتمعية، بهذا النظام من الأسئلة.
وأشار الخمسي إلى أنه “لا يمكن اكتشاف هذه المهارات، ولا امتحانها، عبر الأسئلة متعددة الاختيارات، منطق الاختيار يعطي نسبة 50 في المائة في أن يكون الجواب صحيحا حتى قبل البدء، يمكن لأي شخص لا علاقة له بالمهنة، أن يجيب على جميع الأسئلة صحيحة، في الوقت الذي يمكن، من الناحية الرياضية، ألا يجيب شخص آخر متخصص في القانون”.
ونبه إلى أن السؤال الأكبر حاليا، هو نظام المباريات في المغرب، ويجب أن “يفتح نقاش حول نظام مباريات، على مستوى السياسات العمومية، وعلى مستوى التدبير القطاعي، الآن قبلنا أن يكون لدينا بوابة موحدة للإعلان عن المباريات، لماذا لا نقبل أن يكون لدينا وكالة وطنية للمباريات، بها متخصصين؟”.
وأردف أنه “إن كان القصد هو مجرد تنظيم المباريات، فميكن تنظيم القرعة فقط، ومن فاز بها الله يربح، لكن المباراة المقصود منها، هو أننا نختار الأفضل في البنية البشرية الكبيرة، لكن الأفضل بناء على أي معايير؟”. مشيراً إلى أن ما يجب على الأحزاب فعله، هو فتح نقاش حول آليات المباريات.
وبخصوص دفاع البعض عن التصحيح بالآلة، بذريعة أنها لا تكذب، ولا تخطئ، أكد الخمسي، أن من يقول هذا الكلام، “إما جاهل، أو شخص يريد تمرير شيء ما، لأنه في حال رغب أي شخص في تمرير أي اسم عبر الآلة، فالأمر سهل جدا، وبالتالي فإنها ليست مرادفا للنزاهة”.
هذا، وانتقد الخمسي في مداخلته، خرجات عبد اللطيف وهبي وزير العدل، المتعددة، بداية بواقعة “الجوارب”، التي قال عنها إنها تمثل “اختلالا في نظام الفهم”، متسائلاً: “هل أنت مؤسسة أمنية؟ مؤسسة استخباراتية؟”، قبل أن يضيف: “حين تصبح شخصية الفاعل فيها نوع من التضخم، والآنا، والاعتقاد أنه يفهم أكثر مما يفهمه الآخر، تغيب ثقافة المؤسسات”.
وذكّر المتحدث، بأن الإنسان حين يصبح مسؤولاً، “فأول شيء يفقده هو حريته، ولابد من التحفظ، لأن التحفظ هو التنازل عن جزء، وأحيانا تُسب ولا ترد، لأن وظيفتك الأساسية هي هذه”، مشدداً على ضرورة تحفظ المسؤول، كما اعتبر أن السؤال الذي وجهه الصحفي لوزير العدل، بخصوص ابنه، كان مستفزاً، ولم يكن يجب أن يُطرح.
تعليقات الزوار ( 0 )