يلقّب بـ”الجندي الإفريقي”.. رجل ساعد بالمال والسلاح المقاومة في المغرب والجزائر وكلّ القارّة السمراء، للتخلص من الاحتلال الفرنسي والإسباني للمنطقة، هو محمد الخضير حمو الطاهر الحموتي، ابن بني أنصار ضواحي مدينة الناظور، الشخص الذي احتفظت باسمه السجلات كواحد من كبار الثوّار بالمملكة.
ولد الخضير في الأول من شهر فبراير من سنة 1936، بقلبيلة قبويا ببني انصار، قبل أن يشتدّ عوده، ويقوى عضده، وينضم إلى المقاومة المسلحة، بالسلاح والمال، وبجسده أيضا، فقد كان واحداً من القلائل اللذين كانوا أعضاء في جيش التحرير المغربي والجزائر معاً، وداعماً كبيراً للمقاومة التونسية، ولم يثنه حصول المملكة على استقلالها سنة 1956، عن الاستمرار في دعم الجيران لغاية طرد المستعمر بشكل كامل.
شخصية الخضير الحموتي، الذي وسمت تاريخ جيش التحرير في شمال إفريقيا، كان له دور أساسي في تمويل الثوار بالجارة الشرقية الجزائر، بالمال والسلاح، بعدما وضع رهن إشارتهم سفنه وعلاقاته التي كان يملكها في إسبانيا وجبل طارق، لخدمة المقاومة ضد الاحتلال، إلى أنه عمل على فتح بيته لزعماء التحرير.
وعكس العديد من الأشخاص الذين كانوا ميسورين واختاروا الابتعاد عن المقاومة تجنباً لفقدان ثورتهم، وضع الخضير، وهو ابن العائلة الغنية، كلّ ما يملك في كفّ عفريت، بعد أن سخر سفنه لنقل الأسلحة بين المغرب والجزائر، ووفر منزله لاستقبال المقاومة الجزائرية والتونسية والإفريقية عموماً، وجلب بماله، الأطباء الأخصائيين لمداواة المقاومين المرضى والمصابين.
عن مرحلة دعم المقاومة الجزائرية، يقول سعيد باجي في كتابه “يوميات مقاومة مغتالة”، نقلاً عن محمد عبد الله الحموتي، ابن عمّ الخضير، إن “بوضياف كان كثير التردد على محلبة في ملكية عائلة لخضير، وبعدما استمرت إقامته بالمنطقة أكثر من أسبوع، ذات يوم كنا نتساءل عن هوية الشخص، الذي كان آنذاك يضع على رأسه قبعة نصرانية الصنع، كما نعتقد حينئذ أن الشخص ذاك موالِ للفرنسيين أو للإسبان”.
وأضاف: “لكن لما استفسرناه، أوضح لنا أنه مجاهد جزائري، وقد جاء إلى المنطقة من أجل جمع الدعم المادي واللوجستيكي للمقاومة بالجزائر”، متابعاً: “كانت بالنسبة إلينا، كلمة مجاهد في الريف، كلمة مقدسة، وهو ما دفعنا لجمع التبرعات، لقد كان الرجل على حذر شديد، لأنه حسب قوله، كان مقيما بالريف كلاجئ سياسي لدى إسبانيا”، بعد التظامه بعدم التدخل في شؤونها بالمنطقة.
وورد في المصدر السابق أيضا، أن “بوضياف وزملاءه، كانوا يعيشون وسط عائلة لخضير وكأنهم من أفرادها، يقول أحد المقاومين بالريف، وما أن مرت سنتين حتى أصبحت المنطقة، مضيفةً لكل الثوار والقادة الجزائريين، بما فيهم الهواري بومدين، وأحمد بن بلة سنين بعد ذلك، والذين سيشرفون فيما بعد على اندلاع الثورة الجزائرية في فاتح نوفمبر 1954”.
بعدما انكشف أمر الخضير للاحتلال الإسباني، قام الأخير باعتقاله في الـ 22 من نوفمبر سنة 1955، ونقل إلى أحد سجون مدينة مليلية السليبة، حيث جرى توجيه تهمة تهريب الأسلحة إليه، إلى جانب دعم الثورة الجزائرية، قبل أن يخرج في الـ 10 من ماي 1956، ويواصل السير على نفس منوال تمويل المقاومين والثوّار.
بعد الاستقلال، عين الملك الراحل الحسن الثاني، الخضير الحموتي ملحقا بديوانه الخاص، وكان يعتزم تعينه سفيراً لدى الجزائر بعد خروج المستعمر الفرنسي، غير أن حرب الرمال بين الجارين، أجلت ذلك، قبل أن يذهب الحموتي، في الـ 1964، صوب الجارة الشرقية، لرأب الصدع، والصلح مع الجيران، دون أن يعلم أنها رحلته الأخيرة، حيث اختفى بعدها للأبد، ولم يكشف مصيره لغاية الآن.
وبالرغم من نفي هواري بومدين، اغتيال الخضير، إلا أن أصابع الاتهام ظلّت تشير إلى السلطات الجزائرية وقتها التي كان بوخروبة نفسه، على رأسها، في ظلّ أن الاختفاء الغامض للحموتي، تم على أراضي الجارة الشرقية، دون أن يظهر له أي أثر فيما بعد.
تعليقات الزوار ( 0 )