نورالدين لشهب من دوار البغال بنواحي وزان
الطريق إلى مقر سكنى الخادمة لبنى احميمن لم يكن سهلا ولا متيسرا، طريق غير معبدة ووعرة مسالكها، تتخللها منعرجات في جبال دوار البغال السفلى في اتجاه ناحية مدينة وزان. كل الناس هناك بجماعة سيدي بوصبر ونواحيها يعرفون مسكن لبنى من خلال القضية التي تناولتها قناة الجزيرة قبل عام ونيف، والكل يقر كونها شابة مظلومة، والكل يتعاطف معها، كما أخبرنا سائق السيارة التي حملتنا إلى الدوار، غير أنه لا أحد يستطيع أن يبوح بتعاطفه مع الخادمة لبنى خوفا من الجاه وسلطة الاكراه والمال التي يمتلكها رئيسا كل من بلدية جرف الملحة ورئيس جماعة سيدي بوصبر، والرئيسان المعنيان ليسا سوى أبناء الرجل الذي اغتصب الخادمة لبنى احميمن كما أوضحت الخبرة الطبية بنسبة 99.9999 % بأن المسمى ص.ع.ك هو الأب البيولوجي للطفلة آية.
المنعرجات والمسالك الوعرة التي قطعناها في طريقنا لدوار البغال السفلى، ربما هي أيسر على النفس من المنعرجات والمسالك الوعرة التي عرفها ملف الخادمة لبنى حميمن من مسار الملف بين المجتمع والقاتون، هنا والآن، نعيد تركيب القضية من جديد ونسمع للحكاية من البداية على لسان الضحية لبنى احميمن من مقر سكناها بدوار البغال السفلى بنواحي وزان، وتنقل لقرائها مأساة امرأة فقيرة وسليلة أسرة تعيش الفقر والحرمان في مجتمع محافظ لا يتقبل سماع مثل هذه القضايا التي تعتبر غريبة عن الأعراف والتقاليد، ومخلة بتمساكه وانسجامه.
لبنى تحكي قصتها في البداية طلبوني للعمل معهم، لمساعدة زوجته في الطبخ والكنس والتصبين والقيام بكل الأعمال المنزلية داخل البيت وخارجه كما هي عادة الحياة البدوية، فرفض والدي في بداية الأمر، فانصاعا أخيرا تحت ضغط الطلب الملحاح من الحاج وزوجته، فذهبت معهما للبيت الذي لا يبعد عن بيتنا سوى 600متر تقريبا، أحيانا كنت أتخاصم مع زوجته التي تفرط في تكليفي بأعمال لا تطاق، بل لا تكف عن تأنيبي وأحيانا تسبني وتشتمني إن لم يعجبها عملي الذي يتراوح مابين 200 و500 درهما في الشهر، الأمر الذي جعلني أعود لبيتنا، وكان الحاج (ص.ع) يأتي عند والدي ويطلب مني العودة للبيت كرة أخرى، وكان يلح علي أن أبقى معهم في البيت، لأنني أتأخر صباحا للالتحاق بعملي كما ادعى.
وهكذا، وبعد الاتفاق مع والدي، تضيف لبنى، أصبحت أقيم معهم في بيتهم في غرفة خاصة.
الليلة المشؤومة..وكان الاغتصاب
أكدت الخادمة لبنى حميمن في تصريحها الخاص أنها في ليلة من شهر أكتوبر سنة 2008 تعرضت لاعتداء جنسي تمثل في الاغتصاب من لدن الحاج/الفقيه المسمى (ع.ص) الذي كانت الخادمة بمنزله، مشيرة إلى أنه استغل ضعفها ووضعها الاجتماعي واميتها، واقتحم عليها البيت في ساعة متأخرة من الليلة، وبالضبط حوالي الساعة الثانية بعد منتصف الليل، وبدأ في خلع ملابسها بالقوة بعدما غلَق الأبواب، بالرغم من توسلاتها له وصراخها الشديد، لم يتوقف عن مواصلة اعتدائه، ما أدى إلى افتضاض بكرتها.
وأوضحت الخادمة أن مشغلها، وبعد مرور أربعة أيام، عاود اعتداءه عليها من جديد بالقوة، وهددها بالقتل في حال إفشاء فصول هذه النازلة، ما جعل الرعب يسيطر على شابة مغلوب على أمرها، عائلة فقيرة فقرا مذقعا أمام قوة الحاج والفقيه الذي يمتلك الجاه والسلطة والمال، فتسترت عن الفضيحة مرغمة. عندما تقرر تهريب الخادمة لبنى إلى الدار البيضاء وبعدما انتشر الخبر وذاع نبأ حملها من الحاج والفقيه (ع.ص) تقرر تهريبها إلى مدينة الدار البيضاء رفقة المسماة السعدية، هذه الأخيرة تربطها علاقة مصاهرة مع نجله (ع.ع.ص) رئيس المجلس البلدي لمدينة جرف الملحة، من أجل طمس معالم الجريمة، قبل تزويجها من شخص آخر تجهله.
وصرحت الخادمة لبنى بأنها تلقت معاملة طيبة من المسماة السعدية حيث رفضت هذه الأخيرة إجهاض الجنين تحت أمر الرئيس الحالي لبلدية جرف الملحة، وبعد هذه الخطة، قرر (ع.ع.ص) تزويجها من طرف “شمكار” ينحدر من حي شعبي بمدينة الدار البيضاء، لكن هذه الخطط فشلت بعدما رفضت الخادمة لبنى الامتثال لهذا الزواج والإجهاض، حيث قالت السعدية للرئيس” سر بعد مني الله يرحم ليك الوالدين راه عندي مشاكل وباركا علي من المشاكل”.
وبينما كان القوم يبحثون عن مخرج للقضية، سارع أب الضحية لبنى أحمد حميمن بعد سماع النبأ المشؤوم المتمثل في الاختطاف، فأخبر وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية في وزان الذي أعطى تعليماته الصارمة لاسترجاع الخادمة فورا.
البحث عن الزوج المنقذ للفضيحة
بعدما أمر وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بوزان باسترجاع الخادمة من مكان اختطافها بمدينة الدار البيضاء، فجيئ بها إلى جرف الملحة من طرف المسماة السعدية التي حلت معها مع حلول الفجر، ومن ثمة إلى جماعة سيدي بوصبر الذي يرأس مجلسها القروي نجل الحاج والفقيه والمسمى ع.ك.ص، حيث نقلت على متن سيارة الجماعة التابعة لسيدي بوصبر إلى مركز الدرك بعين دريج، وفوجئت لبنى بوجود المسمى السلفاتي عبد الإله، فأنجزت لها محاضر لم تعرف مضمونها ولا محتواها حسب تصريحها، وبعد الانتهاء من إنجاز هذه المحاضر تم نقلها على مثن سيارة الجماعة كرة أخرى، إلى مدينة جرف الملحة وبالضبط فوق مقهى الأنوار والتي يمتلكها نجل الفقيه والحاج والرئيس لبلدية جرف الملحة، وكانت الغرفة تفتقر لأبسط شروط الراحة، لا غطاء ولا فراش سوى كرسيين وحيدين كانت تجمعهما لتنام عليهما حين يغلبها الوسن ويستبد بها السهاد.
زواج وهمي من الخادم عبد الاله السلفاتي
وحسب تصريح لبنى حميمن دائما، تم توهيمها على أساس أنها سوف تتزوج بالفقيه والحاج ع.ك.ص، والواقع كان عكس ما اتفقوا عليه مع الخادمة، حيث وجدت في استقبالها كل من العدلين والرئيس لبلدية جرف الملحة والرئيس لجماعة سيدي بوصبر، وهما نجلا الفقيه والامام، كما حضر كذلك الزوج الوهمي، فوقعت لبنى على العقد دون سؤال يذكر من طرف العدلين، علما أنها وقعت العقد قبل ثلاثة أيام من إنجابها للطفلة آية.
أما الزوج الوهمي عبد الاله السلفاتي فلم يوقع حالا، بل اصطحب العدلين ورئيس جماعة سيدي بوصبر إلى بيت العدلين، حيث تم الامضاء على العقد من طرف السلفاتي تحت الضغط والاكراه حسب ما صرح به، مضيفا أنه تعرض إلى التهديد بالقتل أو الزج به في غياهب السجون في حال رفضه للزواج من لبنى. محاولة التخلص من الرضيعة بعدما أنجبت الخادمة ثلاثة أيام بعد العقد عليها من طرف العدلين، قالت الخادمة في تصرح لها أنها تعرضت للتضليل كونها زوجة الحاج ع.ك.ص، حيث تم استدراجها إلى مدينة سيدي قاسم بعدما أوهموها بأن الطفلة مريضة تتطلب حالتها فحصا طبيا خاصا، وبالموازاة إدخال الطفلة في كناش الحالة المدنية، لكنها وجدت نفسها موقعة على التزام بموجبه تتخلى عن رضيعتها لصالح امرأة تقيم بالديار الفرنسية.
وبعد اختطاف الرضيعة من يدي أمها بدأت تصرخ، حيث تلقت تعنيفا من طرف رئيس جماعة سيدي بوصبر وتم إدخالها بالقوة في سيارة تابعة لجماعة سيدي بوصبر والرجوع بها إلى مكان الاحتجاز، فتعرضت لتعنيف وتعذيب من لدن رئيسي جماعة جرف الملحة وسيدي بوصبر.
وعندما تبين للقوم بأنه تم طمس معالم كل هذه القضية بعد تزويجها من طرف السلفاتي عبد الاله الذي كان يشتغل مع رئيس الجماعة في جرف الملحة، والذي صرح هو الآخر لـ “هسبريس” بأنه لم يوقع قط على وثيقة عقد الزوجية مع الخادمة لبنى، وأضاف بأنه لم يتقدم بأي طلب للجهات المسؤولة من أجل الحصول على وثائق عقد الزواج، أضف إلى هذا أن إفادة وثيقة المقدم جاءت لاحقة للوثيقة المتعلقة بشهادة الخطوبة وفق الوثائق التي نحتفظ بها.
هل تسكت مغتصبة ؟
والآن لازالت القضية أمام قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف بمدينة القنيطرة. لكن لبنى صرحت بأنها “ستحرق نفسها أمام محكمة الاسئناف إن لم ينصفها القضاء”.
كان هذا الربورتاج عام 2011، وبعد ما يربو عن ثمان سنوات، حصلت تطورات على المستوى القضائي، تم الحكم على العصابة بأحكام ثقيلة، بينما ظلت الصغيرة آية محرومة من الدراسة لانعدام الوثائق اللازمة للتسجيل رفقة أقرائنها بالمدرسة.
تعليقات الزوار ( 0 )