تشكل فاكهة التين الشوكي، إحدى ثوابت فصل الصيف في المغرب، ولا يمكن للمواطن تخيّل مرور شهور يوليوز وغشت وشتنبر من دون أكل “ثمرة الصبار”، غير أن أسواق المملكة، عرفت نقصا كبيرا في هذا النوع من الفواكه خلال السنة الجارية، ما جعل العديد من المواطنين يستاءلون عن الأسباب.
ومثل باقي النباتات، فإن هناك العديد من الحشرات التي يمكنها أن تسبب أضرارا كبيرة بـ”الهندية”، من بينها الحشرة القرمزية، التي ظهرت في المغرب قبل 6 سنوات، وانتشرت منذ ذلك الوقت، على نطاق واسع في مختلف أنحاء المملكة، مشكلة أكبر خطر يتهدد محصول “الهندية” سنويا.
وتعود أصول الحشرة القرمزية، أو الكوشني، إلى الغابات الاستوائية وشبه الاستوائية في الأمريكيتين، غير أنها وجدت سبيلا للانتقال إلى بلدان جديدة، حيث اكتشفت لأول مرة في المغرب أواخر سنة 2014، لتنتشر في باقي مناطق البلاد، وتعمل على إتلاف محاصيل الصبار، نظرا لأنها تمتص ماءه ما يتسبب في جفاف النبتة وموتها.
وساهمت الظرفية الاستثنائية التي تعرفها المملكة، منذ شهر مارس الماضي، في ظل تفشي فيروس كورونا، وتركيز وزارة الفلاحة، على سُبل الحفاظ على استقرار تموين الأسواق المغربية بالمنتوجات الضرورية للعيش اليومي، _ساهمت_ في انتشار الحشرة القرمزية بشكل واسع في مختلف أنحاء البلاد.
واشتكت ساكنة مجموعة من المناطق التابعة ترابيا لإقليمي تيزنيت وخريبكة، قبل شهور، من الأضرار الجسيمة التي تسببت فيها الحشرة القرمزية، والتي مسّت محاصيلهم الزراية بشكل عام، ونبتة الصبار بشكل خاص، إلى جانب انتشار “الكوشني” في البيوت المجاورة للحقول أيضا.
وأتلفت الحشرة، في إقليم تيزنيت مثلا، مساحات شاسعة من حقول “الزعبول”، مسببةً أضرارا كبيرة لعدد كبير من الفلاحين، الذين كان ينتظرون بفارغ الصبر نضوج “الهندية” لجنيها وبيعها في الأسواق، غير أن “الكوشني”، حرمت عددا كبيرا منهم من ذلك، وزادت من معاناتهم، التي تفاقمها تفشي جائحة كورونا في البلاد.
مشكل الحشرة القرمزية، ظهر في إقليم الناظور أيضا، حيث اشتكى سكان مدينة زايو، من المشكل “الكوشني”، في ظل تفشي هذه الحشرة في غالبية مساحات الصبار، التي تتميز بها العديد من الجماعات الترابية بالمنطقة، ما أجبر المصالح الوصية على الشأن الفلاحي، على اقتلاع النبتة، الأمر الذي غيّب الإنتاج الكبير للـ”هندية” عن الأسواق.
وطالب سكان زايو، بإيجاد حل بديل للاقتلاع، باعتبار أن الأخير يساهم في تخفيض الإنتاج بشكل كبير، ولا يعالج المشكل، مشيرين إلى الخطوات التي قامت بها السلطات في إقليم سيدي إفني، والتي اختارت علاج النباتات الموبوءة بدل اقتلاعها، خاصة أنه (الصبار) يُعتبر مصدر رزقٍ للعديد من الساكنة.
يشار إلى أن المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، بعدد من جهات المملكة، كان قد حاول مكافحة الحشرة القرمزية التي تضرّ بنبتة الصبار، عبر تخصيص ميزانية مهمة من أجل ردم نباتات الصبار الموبوءة، الأمر الذي اعتبره مواطنون، “أقل الضررين”، باعتبار أنه سيقي باقي المناطق التي لم تصلها “الكوشني”، رغم ما له من تبعات على سكان المناطق التي ستفقد مساحات مهمة من “التين الشوكي”.
تعليقات الزوار ( 0 )