Share
  • Link copied

“الحيط القصير” الأستاذ.. احذروا أن يسقط على رؤوسكم

 أصبح الآن من العار الانتماء الى التعليم الخصوصي في بلد كالمغرب، أصبح من الغباء أن تصرح بأنك تعمل في هذا القطاع ، سوف تتصبب عرقا و تضرب أخماس في أسداس و تنظر للأعلى وإلى يمينك ويسارك وتلقي نظرة على الخلف إذا ما فكرت أن تصرح بأنك أستاذ في الخصوصي، وإن كنت مضطرا لذلك فسوف تدنو أكثر من مخاطبك و توشوش له قرب أذنه: أنا كنقري في الخصوصي.

مناسبة هذا الكلام هو الموقف الجبان الذي أقره المجتمع المغربي برمته سواء وزارة أو فيدراليات آباء وأمهات تلاميذ المدرسة المغربية أو مدراء أكاديميات أو بعض الجمعيات المدافعة على كعكة التعليم الخصوصي بالمغرب كل هؤلاء تجنبوا مطلقا نطق كلمة أستاذ ، والكلمة الأكثر انتشارا هي أجير أو عامل.

سوف يخجل الشاب المتقدم لخطبة فتاة أن يخبرها عن أنه يدرس في الخصوصي، أتخيل ذلك. سيسأله أبوه : “فاش خدام أولدي ؟” سيجيب المسكين بالعا ريقه :” أستاذ”.  سوف يعيد الرجل سؤاله متحريا الدقة: “تبارك الله وفاش أولدي واش العمومي و الخصوصي ؟” حينها سيتمنى صاحبنا لو أن الأرض بلعته كما بلع ريقه.

في الخطاب الحكومي المسيس حتما تتجنب وزارة التربية الوطنية نعت أساتذة القطاع الخصوصي بصفاتهم وفق المهام المنوطة بهم وهذا طبعا فيه خرق واضح لأحد مبادئ  دستور 2011 و هو حق المساواة. المادة 9 تقول إن الأستاذ مستخدم تابع لوزارة التشغيل إلى حين أن يثبت العكس ، وهنا مربط الحصان، إن  الاستمرار في رمي هؤلاء داخل سلة مدونة الشغل مع كل الأجراء باختلاف صنعاتهم يفاقم الوضع و يزيد من  الغموض لدى أستاذ يعمل بجهد أكبر من زملائهم المدللين في القطاع العمومي بترسانة من الحقوق المادية و الاجتماعية. دعونا الآن نحصر مهام الأستاذ في القطاع الخاص و نقارن في نفس الوقت:

إنجاز الدروس وفق منهاج وزارة التربية الوطنية،   إعداد كل المستلزمات وتحضير كل الوثائق و بذل كل جهده لإرضاء المؤسس والآباء والمفتش عند الزيارة،  بل عليه أن يدخل السعادة للجميع بما فيهم الحارس والمنظف والسكرتيرة والبركاك إلخ على حساب سعادته الشخصية.

يحضر الاجتماعات كيفما كان توقيتها، يهيئ الامتحانات و يصححها ويدون النقط و يهيئ خطة للدعم الشهري والأسبوعي والسنوي و الجهنمي إلخ… عليه أن يبتسم في وجه الجميع وأن لا يناقش الأجر وإن طلب منه الرحيل فما عليه إلا أن يشكرهم على حسن المقام و يجمع لوازمه و يرحل ، يحضر للامتحان الإشهادي في نظيرين مع التصحيح و يسلمهما للإدارة التي تسلمهما للمديرية، عليه أن يكون مقبولا وخاضعا وخانعا ولطيفا عند حضور مفتش قد لا يتفهم وضعه و مأساته فيزيد الطين بلة.

هذا الكائن الأسطوري مضرب المثل في الصبر و مع هذا فهو مستخدم مسكين أجير ككل الأجراء، يستفيد هذا الكائن من العطل المدرسية ليس لأن المؤسسة تتمنى له عطلة سعيدة بل لأنها تريد أن تستريح من “كمارته” فلا جدوى من حضوره في العطلة، علما أن هناك مؤسسات تلزم الأساتذة بالحضور بحجة قانون الشغل.

إنه ببساطة يقوم بكل الأدوار التي يقوم بها زميله المدلل في العمومي والذي زاد دلاله مع التعليم عن بعد، و هنا بدأت ملحمة أستاذنا في التعليم الخصوصي فقد عزم الجميع على تعليم الأطفال في غياب للأجر، لا تعويض سوى حب الأطفال و حب الله، لا تعويض سوى أن لهم أمل في المستقبل، لا تعويض لأن شوكة التعليم قد دخلت عقولهم و سكنتها، لا تعويض لأنهم اعتبروا أنهم في معركة والجندي لا يتوارى للخلف ساعة يلعلع الرصاص لأن شعرة واحدة تربط الحياة بالموت و هي شعرة الكرامة.

و مع كل هذا فالسياسي لا يمتلك قلب الأستاذ فهو عبد للقوانين والأستاذ وفي لدرسه، ومع ذلك عجزت شفاههم على نطق كلمة أستاذ وفاء لقوانينهم، جعلوا من الأستاذ في الخصوصي حائطا قصيرا ، لكن حذاري فقد ينهدم على رؤوس الجميع و حينها لا رجعة.

Share
  • Link copied
المقال التالي