Share
  • Link copied

الحفاظ على المساحات الطبيعية: دروس من بوادي المغرب والبحر الأبيض المتوسط

أشاد باحثون في البيئة والتنوع النباتي والأنثروبولوجيا، في دراسة حديثة، بالصيغة المعتمد في عدد من التجمعات البشرية بالبوادي المغربية، في إدارة الموارد الطبيعية لكي لا تتأثر بالرعي، في الوقت الذي تشهد فيه مجموعة من المناطق حول البحر الأبيض المتوسط، تراجعاً كبيراً في النظم البيئية، بسبب عدد من العوامل، وعلى رأسها التحضر والتغير المناخي.

وقال الباحثون الذين أشرفوا على الدراسة، وهم كلّ من برونو رومانو، مدير البحث في اقتصاديات الموارد المتجددة بمعهد البحوث للتنمية، ومحمد الإفريقي أستاذ علم البيئة والتنوع النباتي بجامعة القاضي عياض، وبابلو دومينغيز، القائم بأعمال البحوث في المركز الوطني للبحث العلمي والأنثروبولوجيا، بجامعة تولوز، إن الرعي، من ضمن رموز الحوض المتوسطي.

وأضاف الباحثون في دراستهم: “مثل زيت الزيتون، أو حمية البحر الأبيض المتوسط، يعتبر الرعي رمزاً من رموز الحوض المتوسطي، مع سرعة تغير للمناخ أكبر من تلك التي تشير إليها التوقعات العالمية”، متابعين: “منذ سنة 2011، تم إدراج المناظر الطبيعية الثقافية للرعي الزراعي في البحر الأبيض المتوسط، مثل “Causse Méjean” في فرنسا، في قائمة اليونسكو للتراث لعالمي”.

وأوضحت الدراسة أنه “لقرون وحتى آلاف السنين، تمكنت مجتمعات الثروة الحيوانية في منطقة البحر الأبيض المتوسط من إدارة المشاعات المتعلقة بالرعي في الجبال”، متابعة: “لعبت هذه الأشكال الجماعية من الاستيلاء على الأراضي دوراً مهما في الماضي، وما زالت تفعل ذلك إلى غاية اليوم”.

واسترسلت أن العديد من المجتمعات البشرية، استخدمتها من أجل “إدارة الوصول إلى الموارد الطبيعية المتجددة والمتنوعة، مثل أنظمة الري وصيد الأسماك والغابات والأراضي العشبية والمرتفعات والبرية، النباتات والحيوانات وغيرها”.

وذكرت الدراسة، أن تعريف كلمة مشاع، وفق الاقتصادي جاييل غيرود، تعني تلك “الموارد الرمزية أو المادية التي يقرر المجتمع إدارتها من خلال تبني القواعد التي بدورها هي موضوع المداولات، لذلك فإن ما يحدد الأصول المشتركة ليس طبيعة المورد، ولكن الإيماءة السياسية لمجموعة تخضع للتمييز المستمر للمجتمع بأساليبها الخاصة في القيام بالأشياء في حماية وتعزيز ما تقدره”.

ولهذا، تضيف الدراسة، لا يوجد شيء اسمه “المشترك” في الجوهر، والمؤسسات التي نبنيها ضرورية لوجودها، متابعين في ذكر المبادئ الثلاثة التي تقوم عليها “الكومونات الرعوية” بجبال البحر الأبيض المتوسط، التي تقع في فئة المناطق والأراضي التي يحفظها السكان الأصليون والمجتمعات المحلية، والمعروفة أيضا باسم “أراضي الحياة”.

ونبهت إلى أن العديد من المنظمات الدولية؛ اتفاقية التنوع البيولوجي، برنامج الأمم المتحدة للبيئة، برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، على سبيل المثال، تعتبرها محالات رئيسية لحفظ النظم الإيكولوجية والمناظر الطبيعية. تتميز هذه المناطق وأنظمة إدارة الموارد الجماعية التي تدعمها بلاثة مبادئ أساسية ومترابطة، تذكرنا ببعض مبادئ التصميم التي طورتها إلينور أوستروم، أول امرأة تفوز بجائزة نوبل في الاقتصاد سنة 2009.

وأشار الباحثون، إلى أن هذه المبادئ يمكن ذكرها على النحو التالي: “المجتمع المحلي لديه روابط قوية وعميقة مع الإقليم؛ هذا المجتمع هو فاعل رئيسي في عمليات صنع القرار المتعلقة بالحوكمة الإقليمية للموارد؛ تساهم هذه الحوكمة في الإدارة المسؤولة والمستدامة للنظم البيئية والتراث المادي وغير المادي لهذه التجمعات.

وأبرزت الدراسة أن مناطق الحياة، تواجه، أكثر من أي وقت مضى، تحديات كبيرة في سياق عولمة التبادلات التجارية والبشرية، وتغير المناخ، والتحولات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والديمغرافية والثقافية القوية، مؤكدة أن التحضر، في بلدان الشواطئ الشمالية للمتوسط، أدى إلى القضاء على العديد من النظم البيئية أو تجزئتها، بسبب تدهور الزراعة وأنظمة الزراعة، وتزايد مساحة الغابات على حساب هذين القطاعين.

واستطردت، أن النظم البيئية شبه الطبيعية لبلدان الضفة الجنوبية والشرقية، تتعرض هي الأخرى للتهديد من خلال التجزئة أو الاختفاء بسبب التحضر، وتطهير الأراضي، والاستغلال المفرط للغابات (حطب الوقود والأخشاب)، والرعي الجائر.

وأوردت الدراسة، أن كل هذا يأتي في ظل ضغط تغير المناخ، والديمغرافيا، وتلوث الأرض والمياه، وكذلك الهواء، دون أن ننسى التوترات الجيوسياسية الإقليمية المستمرة (المغرب/الجزائر، ليبيا، إسرائيل/فلسطين، سوريا…)، متابعين أن كل هذه التحديات، مفهومة جيدا إلى حدّ ما، ويمكن أن تؤدي إلى أشكال من التراجع أو المقاومة أو تجديد المشاعات اعتماداً على الموقف.

وتطرق الباحثون إلى “أكدال” الرعوي في المغرب، الذي يعتبر “ممارسة إدارة مجتمعية تقوم على حماية موارد محددة داخل إقليم محدد، يتم احترام هذه الإدارة الاجتماعية المكانية بشكل عام من قبل جميع الجهات الفاعلة في المجتمع المحلي، الذي يتعرض للتهديد بالعقوبات في حال لم يحترم المتفق عليه، قبل أن يخلصوا إلى أن “أكدال”، هو “أرضية مهمة لتماسك الجماعات، ولاسيما الرعوية، وطريقة لإدارة المرء نفسه”.

Share
  • Link copied
المقال التالي