في الوقت الذي كانت فيه أنظار الجمهور المغربي مشدودة إلى العاصمة الفرنسية باريس، حيث يقام حفل الإعلان عن الأفضل في العالم، منتظرين على أحر من الجمر، إعلان أفضل حارس في العالم، بعد أن تم ترشيح الحارس الدولي ياسين بونو، ليكون ثالث ثلاثة أفضل حراس مرمى في العالم، إلى جانب كل من بطل العالم الأرجنتيني إيميليانو مارتينيز، وعملاق ريال مدريد، البلجيكي تيبو كورتوا، كان الإعلام في الجارة الشرقية، بقيادة بعض إعلامييهم المنتشرين في منابر عربية، مبتهجون مسرورون، لأن “فَافَـهُم”، استطاعت إقناع “أسد أطلسيّ”، بتغيير جنسيته الرياضية والالتحاق بمنتخب “ثعالب الصحراء”، وهلم عناوين براقة، وأغلبها بعيد كل البعد عن الحقيقة، وكل هذا تفاعلا مع “ستوريات” نشرها الحارس الشاب سامي تلمساني، عبر حسابه الرسمي بموقع التواصل الاجتماعي “انستغرام”، يعلن فيها الانضمام للمنتخب الجزائري بعد أن سبق له اللعب للمنتخب المغربي.
من هو سامي تلمساني؟؟؟
سامي تلمساني من مواليد 21 يوليوز 2004 بباريس، من أب جزائري ينحدر من مدينة سطيف، وأم مغربية، ويملك ثلاث جنسيات، المغربية، الجزائرية والفرنسية، بدأ مداعبة الكرة مع فريق كريتيل، قبل أن يسطع نجمه مع فريق أفسي باريس الذي انتقل إليه سنة 2018، ورغم أنه لم يكن يتجاوز الـ16 سنة من عمره، استدعي عدة مرات للتدريب مع كبار فريقه الممارس بـ”ليغ2″. وفي موسمه الثاني مع الفريق الباريسي، رصدته أعين كشافة تشيلسي الإنجليزي، لينضم إلى مركز التكوين التابع للنادي اللندني في أكتوبر 2020، كما سبق لسامي تلمساني اختيار تمثيل المنتخب المغربي بعد أن كانت الجامعة المغربية سباقة إلى التواصل معه.
فشل حيث ما حل وارتحل
استدعي تلمساني للمنتخب الفرنسي أقل من 16 عندما كان يمارس بفريق باريس أفسي، ليتم تجاهله فيما بعد، بسبب عدم اقتناع الإدارة التقنية الفرنسية بمؤهلاته، وعندما التحق بفريق تشليسي لم يفرض نفسه مع شبان الفريق، منذ التحاقه لم يلعب إلا ثلاث مباريات بشكل رسمي، أي ما مجموعه 270 دقيقة، وكان ذلك موسم 2020/2021، وحتى على دكة البدلاء نادرا ما كان يجد له مكانا، لتتم إعارته لنادي ميرستهام الممارس بالدوري الإنجليزي -الدرجة السابعة-، وبعد عودته للبلوز تم تصعيده لفئة أقل من 21 سنة، ورغم ذلك لم يلعب ولا مباراة رسمية واحدة، فقط حضر مقابلات قليلة جدا كاحتياطي، وحتى عندما نودي عليه للمنتخبات السنية المغربية لم يقنع أطر الإدارة التقينية المغربية، وأكثر من ذلك استدعي قبل سنتين لأحد تجمعات المنتخب الوطني للكبار على عهد المدرب الراحل وحيد حاليلوزيتش، كحارس رابع بعد بونو والمحمدي والزنيتي، ولكنه لم يقدم ما يشفع بالمناداة عليه مرة أخرى.
هل ضاع المغرب في حارس كبير؟؟
سامي تلمساني صغير في السن (18 عاما)، نعم، يملك قامة فارهة (1,94)، نعم، ممكن أن يتطور في المستقبل، نعم، ولكن كل هذا لا يعني المناداة عليه للمنتخب المغربي في هذا الوقت، وخاصة ما بات يملكه المنتخب المغربي في الوقت الراهن من حراس كبار في كامل الجاهزية، فرضوا أنفسهم سواء مع فرقهم أو مع المنتخب المغربي، كما أنه لا يعني إن كنت تملك جنسية مزدوجة أو حتى ثلاث جنسيات، بأن مكانك مضمون مع منتخب احتل المركز الرابع في كأس العالم.
للإدارة التقنية الوطنية نصيب في المسؤولية
رغم المجهودات الكبيرة التي تقوم بها الإدارة التقنية التابعة للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، عبر مندوبيها في بلاد المهجر من أجل استقطاب المواهب ذوو الجنسية المزدوجة، فإنها تتحمل بعض المسؤولية في تتبع هؤلاء المواهب، سواء من ناحية الإدماج والمواكبة والتواصل، ففي حالة سامي تلمساني تتحمل الإدارة التقنية الوطنية مسؤولية كبيرة في مآلات هذا الملف، بدءا من أنه لا يمكن دعوة من لا يزال مترددا في الدفاع عن الألوان الوطنية، أو ممن يضع رجلا هنا ورجلا هناك، كما أنه لا يمكن ولا يعقل أن تستدعي لاعبا يبلغ من العمر 17 فقط للمنتخب الأول، وهو لايزال احتياطيا في فئة أقل من 18 بفريقه، كيفما كانت مؤهلاته، وأكثر من ذلك يتم تجاهله بصفة نهائية بعد ذلك، وعدم استدعائه مرة أخرى لأي فئة عمرية أخرى، وكان الأحرى بالإدارة التقنية أن لا تحرق المراحل بشاب لازال يعيش مراهقته، وتدعه يشتغل ويجتهد ويتسلق المراحل ببطء وروية.
ومن بين أكبر أخطاء الإدارة التقنية هو غياب التواصل مع اللاعبين الذين لا تتم المناداة عليهم لتربصات المنتخبات الوطنية، وهذا ما أشار إليه العديد من المحترفين، ولعل آخرهم ما ذكره الشقيقان مايي قبل أيام.
هل هناك أزمة حراس في عرين الأسود
بعد فترة علال والهزاز والزاكي وعزمي والبرازي، دخل المغرب مرحلة الشك في فترة ما بسبب غياب حراس مرمى بجودة عالية، إلى أن ظهر الثنائي منير المحمدي وياسين بونو، ثنائي جعل المتتعبين يطمئنون على عرين الأسود في الوقت الحاضر، ولكن ماذا عن المستقبل القريب؟؟؟
المغرب لديه ما يكفي من المواهب الشابة الصاعدة التي بمقدورها أن تجعل عرين الأسود في “قفازات” آمنة لسنوات وسنوات، بالإضافة إلى المحمدي وبونو، هناك التكناوتي حارس الوداد وواحد من أفضل الحراس على مستوى القارة، على سبيل المثال لا الحصر حراس المنتخب الوطني الأولمبي علاء بلعروش (21 سنة) حارس مرمى ستراسبورغ الفرنسي المعار إلى نادي سطاد بريوشين، أحمد عزمي (20 سنة) الحارس الثاني في فريق هيلموند الممارس بالدرجة الأولى من الدوري الهولندي، هناك كذلك إلياس ماغو (18 سنة) حارس رديف نادي ستاندار دولييج الممارس بالقسم البلجيكي الثاني، وعصام المعاش (23 سنة) خريج أكاديمية أجاكس، والحارس الثاني في فريق تفينتي المحتل للمركز الخامس في “الإيريفيزي”، والموهبة ريان فالشو (18 عاما) الحارس الثالث في صفوف فريق أفسي مالينس البىجيكي، والرسمي مع الرديف.
فضلا على ما تزخر به الفرق المغربية من مواهب صاعدة في حراسة المرمي، خاصة أكاديمية محمد السادس وأكاديمية الفتح الرياضي.
الخلاصة أن البلد الذي أنجب الأسطورة بادو الزاكي قائد ملحمة “وادي الحجارة بمكسيكو 86″، الحارس الذي جعل رومينيغي ينتف شعره، ويملك الحارس ياسين بونو الذي نال جائزة “زامورا” الموسم الماضي بـ”اليغا”، ويعتبر حاليا الأحسن في العالم رغم أنف “فيفا” وجوائزها، لا خوف على عرينه في الحاضر والمستقبل.
ناقد رياضي
تعليقات الزوار ( 0 )