أنهت القوات البحرية الحربية الجزائرية ونظيرتها الإسبانية، الخميس، المناورات العسكرية بين البلدين، التي تهم تأمين الملاحة في غرب البحر الأبيض المتوسط. وهذه من الحالات القليلة التي تشارك فيها الجزائر في مناورات مع دول غربية ومن الحلف الأطلسي في البحر الأبيض المتوسط.
وأعلنت وزارة الدفاع الجزائرية عن مناورات “باسيكس”، التي امتدت ثلاثة أيام من الثلاثاء إلى الخميس، فيما لم يعلن عنها الجانب الإسباني.
واكتفت وزارة الدفاع الجزائرية بالحديث عن السفن الحربية التي تشارك في هذه المناورات مثل “رايس حسان بريبيار” الجزائرية المحملة بالصواريخ، والسفينة الحربية الإسبانية “أوداز بي 45″، التي تحمل طائرات مروحية، علاوة على سفن وغواصات لم يتم تحديدها.
وكانت مناورات تحمل الاسم نفسه قد جرت خلال سبتمبر الماضي بين البلدين وفي الوقت ذاته ضمن إطار أشمل وهو الحلف الأطلسي.
ويؤكد البلدان أن الهدف الرئيسي هو حماية حرية الملاحة في منطقة غرب البحر الأبيض المتوسط، وتشمل حماية أنبوب الغاز الذي ينطلق من سواحل الجزائر الى منطقة الأندلس، ويمر منه حوالي 50% من حاجيات إسبانيا والبرتغال من الغاز.
وتعتبر إسبانيا والجزائر تأمين الملاحة عملا مشتركا هاما للغاية بحكم أن نسبة كبيرة من صادرات وواردات الجزائر مع إسبانيا وباقي الدول الأوروبية يمر عبر البحر، وفي غرب المتوسط، ثم الصادرات والواردات من مضيق جبل طارق باتجاه باقي المتوسط وفي الاتجاه المعاكس. ولهذا، ركزت المناورات على مرافقة السفن الملاحية ثم التنسيق في الاتصال بين البحرية الجزائرية والإسبانية بحكم أن الاتصال والتواصل أمر حيوي وقت التدخل لمواجهة الطوارئ.
ولا تجمع الجزائر وإسبانيا علاقات عسكرية وطيدة، فمن جهة، لا تشتري الجزائر السلاح الإسباني نهائيا، باستثناء بعض الآليات البسيطة. كما أن الجزائر بالكاد تشارك في بعض المناورات العسكرية مع الغرب لأن هذا البلد المغاربي يعد حليفا لروسيا بل ويثير قلق دول جنوب أوروبا بسبب الأسلحة النوعية التي يمتلكها خلال السنوات الأخيرة مثل الفرقاطات الغواصات المتعددة، علاوة على صواريخ مجنحة “كروز” مركبة في هذا العتاد الحربي. والمفارقة أن دول جنوب البحر الأبيض المتوسط رفقة الولايات المتحدة وبريطانيا وبزعامة فرنسا أجرت، الشهر الماضي، مناورات حربية لخطر عسكري قادم من الجنوب، في إشارة الى التنسيق بين الجزائر وروسيا. وبالموازاة مع ذلك، كانت تجري في مياه الجزائر مناورات بين البحرية الجزائرية والروسية للتعامل مع هجوم قادم من الضفة الشمالية.
لكن إسبانيا والجزائر تدريجيا تطوران علاقة عسكرية مسنودة بالتفاهمات الكبرى في المجال السياسي وكذلك في مجال الطاقة، إذ تحولت مدريد الى مخاطب رئيسي للجزائر خلال السنوات الأخيرة وتحديدا منذ 2020. ولم تتطور العلاقة الى صفقات أسلحة، إذ كان يجري الحديث عن شراء الجزائر فرقاطات إسبانية، لكنها فضلت في آخر المطاف الاستمرار في تقليدها بالاعتماد على الصناعة العسكرية الروسية ثم الصينية مؤخرا.
ومما قد يساعد على تطوير هذه العلاقة هو غياب المشاكل الحدودية بين البلدين، عكس علاقات الجزائر المتأزمة مع فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة، أو علاقة إسبانيا مع المغرب المتوترة في أغلب الأحيان، ومنها ما يتم تسجيله في الوقت الراهن.
وهناك نزاع تحت السيطرة بين الجزائر وإسبانيا، ويعود إلى قرار الجزائر ترسيم الحدود البحرية سنة 2018 وشملت المياه الإقليمية لجزر البليار وخاصة جزيرة كابريرا. وأعربت مدريد عن رفضها للترسيم في فبراير/ شباط الماضي، واتفق البلدان لاحقا على تسوية الأمر عبر مفاوضات، ولم يتم التوصل حتى الآن الى أي اتفاق في هذا الشأن.
تعليقات الزوار ( 0 )