وجهت النقابة الوطنية للقضاة في الجزائر اتهامات خطيرة لوزير العدل بلقاسم زغماتي، من خلال تأكيدها على ارتكابه “انحرافٍا غير مسبوق في تاريخ القضاء بمنح امتياز التقاضي لطرف على حساب آخر، ما يجسد اغتصابًا لمبدأ مساواة الجميع أمام القضاء وخرقًا لمبدأ دستوري”.
وأصدرت النقابة بيانا شديد اللهجة، قالت فيه بأن منطق المفاضلة على أساس معيار تأسيس الدفاع، مخالف للمبادئ العالمية التي تكفل حق التقاضي للجميع دون تمييز، ويخرق الدستور الحالي بتكريسه لعدالة فئوية ذات طابع ديماغوجي لا يرضى بها شرفاء المحاماة والقضاء معًا.
وتفاجأت نقابة القضاة بالجزائر لما صدر من وزارة العدل من مذكرة في 13 ماي الجاري، التي تضمّنت أوامر بالاستئناف الفوري للجلسات المدنية والإدارية على مستوى كل المحاكم الوطنية ، من أجل البث في القضايا التي تأسس فيها المحامون فقط وتأجيل الأخرى وأقتصر الحضور فيها على المحامين فقط دون المتقاضين حفاظا على سلامتهم وسلامة القضاة وذلك في إطار الاجراءات الوقائية من أجل التصدي لجائحة كورونا .
وكشفت النقابة من خلال بيانها أن قرار وزير العدل، مع ما ينطوي عليه من خطورة كبيرة على صحة وسلامة القضاة والموظفين والمتقاضين، هو تجسيد لأسلوب التسيير الانفرادي المتعالي لقطاع سيادي حساس، ما فتئ يتدحرج نحو انزلاقات غير محمودة العواقب، قد تشكل عاصفة لا الوقت ولا ظروف البلاد يحتملانها.
وفي ختام البيان دعت نقابة القضاة الرئيس تبون والوزير الأوّل للتدخل العاجل من أجل معالجة هذا الوضع الشاذ، بما ينسجم مع الإجراءات اللازمة لحفظ الأمن والصحّة العموميين، وتكريس مساواة الجميع أمام محراب القضاء.
وللإشارة فإن العلاقة بين نقابة القضاة بالجزائر ووزير العدل بلقاسم زغماتي تشهد توترا كبيرا منذ عدة أشهر وتطعن في كل مرة في طريقة تسييره للقطاع، وسبق وأن طالبت برحيله من الوزارة خلال احتجاجاتها السنة المنصرمة التي وصلت لحد الإضراب عن العمل وشل كل المحاكم والمجالس القضائية وتعطيل العمل بجهاز القضاء .
ومن أجل رفع كل لبس، أكدت النقابة الوطنية للقضاة أن بيانها غير موجه ضد المحامين، بل على العكس من ذلك فإن سلامتهم وصحتهم تهمها مثلهم مثل القضاة والموظفين والمواطنين، واعتبرت أن علاقتها بالمحامين متميزة ويسودها الاحترام المتبادل.
وأضافت النقابة أنها أرادت من خلال بيانها الصادر نهار أمس تسليط الضوء على مسألة خرق مبدأ المساواة بين الجميع في ممارسة حق التقاضي الذي وقع فيه الوزير بمذكرته، كون أن هذا المبدأ عالمي ودستوري، فمن غير المعقول أن يفصل القاضي في القضايا التي يؤسس فيها الأطراف الدفاع ولا يفصل في قضايا باقي المواطنين، فهذا يشكل تمييزا فاضحا بين المواطنين.
تعليقات الزوار ( 0 )