لا يمكن لأي مبادرة عربية او دولية أن تنجح في مصالحة بين المغرب والجزائر لأن الجزائر ترفض اي وساطة، وما اكثر المبادرات التي رفضتها ونذكر منها مبادرة الرئيس التونسي المنصف المرزوقي 2012، ومبادرة الرئيس التركي اردوغان 2013 وكان حينها رئيسا للوزراء، ومبادرة الجامعة العربية 2022، ومبادرة سعودية قبل القمة العربية في الجزائر، وهناك حديث عن مبادرة إسبانية واخرى فرنسية بالاضافة الى دول افريقية صديقة مثل نيجيريا حاولت ولكنها اصطدمت بالرفض الجزائري.
ولفهم هذا الرفض الجزائري هناك ثلاثة عوامل اساسية على الاقل:
العامل الاول مرتبط بعقيدة الدولة الجزائرية منذ استقلالها والتي تقوم على العداء للمغرب، وبالتالي فالمصالحة تشكل زلزالا قد يهدم أركان النظام الجزائري القائم وتعويضه بنظام جديد قد يكون تعدديا ديمقراطيا مكان النظام العسكري الاوليغارشي الحالي، وهذا لن يقبله سدنة المعبد.
العامل الثاني، وهو مرتبط عضويا بالأول هو حاجة النظام العسكري الجزائري إلى عدو خارجي لإلهاء الراي العام وشغله عن المطالبة بالاصلاحات السياسية، وأيضا لتبرير النفقات العسكرية التي قاربت هذه السنة 2023 حوالي 20 مليار دولار في بلد يقول فيه الرئيس الجزائري نفسه عبد المجيد تبون أن هناك ازمة في العدس واللوبيا والمايونيز وازمة ماء وازمة دواء وغيرها من الأزمات. ومعروف طبعا أن جزءا من ميزانية الجيش تذهب إلى حسابات الجنرالات في سويسرا وفرنسا واسبانيا وغيرها من البلدان التي يلجأ إليها الجنرالات بعد فرارهم او تقاعدهم، واليوم مثلا قائد الدرك الجزائري هارب إلى اسبانيا، ونفس الشيء قام به الجنرال خالد نزار قائد الجيش الجزائري الأسبق، وغيرهما كثير.اما العامل الثالث فيتمثل في تخوّف القيادة الجزائرية من حشرها في الزاوية الضيقة من طرف الوسيط الدولي، أيا كان هذا الوسيط تركيا أو عربيا أو حتى أوربياً؛ فمن الأبجديات الدبلوماسية في المساعي الحميدة بين طرفين متنازعين أن يطلب الوسيط وقف الأعمال والتصريحات العدائية كخطوة أولى لبناء الثقة وإبداء النوايا الحسنة قبل الشروع في المفاوضات او الوساطة.
والجزائر تعلم أنّ الوسيط سيطلب من بين ما سيطلبه وقف الحملات الدبلوماسية الجزائرية المعادية للمغرب، ومنع أي عمل مسلح للانفصاليين ينطلق من أراضيها ضد المغرب، وتجميد دعمها لمليشيات “البوليساريو” الانفصالية، ووقف تزويد الميليشيات الانفصالية بالسلاح، والامتناع عن تدريب عناصرها في الأكاديميات العسكرية الجزائرية، وسيطلب من الجزائر وقف بث إذاعة الانفصاليين وتلفزيونهم من الجزائر، وربما طلب منها أيضاً التجاوب مع اليد الممدودة من ملك المغرب في اربع خطابات رسمية لإنشاء آلية للحوار، وقد يحث الوسيط الدولي الرئيس الجزائري على زيارة المغرب تلبية لدعوة العاهل المغربي..
لكل هذه الاعتبارات البديهية والمنطقية وغيرها كثير مما لا يخفى على الحرس القديم من الدبلوماسيين “المحنكين” و”المخضرمين” ستظل القيادة الجزائرية ترفض أي وساطة دولية أو مبادرة للمصالحة مع المغرب، لأن الوساطة وبكل بساطة ستسقط عنها القناع وستكشف نواياها السيئة وستظهر للعالم حقيقة سياستها العدوانية المعاكسة لمصالح المملكة المغربية طيلة نصف قرن من الزمن.
تعليقات الزوار ( 0 )