شارك المقال
  • تم النسخ

الجزائر تضحّي بعلاقاتها مع الولايات المتحدة للنيل من إسرائيل والدفاع عن إيران

أحبطت الأخبار الأخيرة التي تشير إلى أنّ الإدارة الأمريكية الجديدة للرئيس جو بايدن، لن تعكس القرار الذي اتخذه سلفه بشأن الاعتراف بسيادة المغرب على صحرائه، (أحبطت) رموز النظام الجزائري، حيث حشد الأخير كافة سائل الإعلام التابعة له للنيل من الولايات المتحدة وحليفتها إسرائيل، مقابل الدفاع عن إيران.

وفي مقال مطول، وصف موقع algeriepatriotique.com الجزائري، الولايات المتحدة وإسرائيل على أنهما دولتان “متعجرفتان” وأن الغطرسة “ستقودهما إلى الهلاك”، منتقدا “استراتيجيتهما الجديدة” التي تتمثل في خلق ميزة لهما وأن “الإستراتيجية الجديدة” هي استراتيجية “الفاتح الذي لا يخضع للمساءلة أمام أحد”.

وأضاف صاحب المقال، أنّ ميزان القوى لم يعد مضمونا إلى الأبد، فإن الأميركيين “يمارسون الحرب السيبرانية دون مغادرة قاعدتهم العسكرية المريحة أو بلدهم”، في حين سيتعين على الإسرائيليين، الذين هم في مرمى صاروخ بسيط، تبلغ قيمته بضع عشرات من الدولارات (وهم للصواريخ الإيرانية الصنع)، تفعيل القبة الحديدية الخاصة بهم، وهو الصاروخ الذي يكلف عشرات الآلاف من الدولارات لإيقافه.

وسعى المؤلف فقط للدفاع عن إيران، التي تجري مناقشة قضيتها النووية في فيينا، وفي هذا الصدد، ادعى أن الولايات المتحدة وإسرائيل ‘لا يمكنهما المطالبة بأي شيء، ولا حتى فرض قواعدهما الخاصة على إيران التي لها الحق في الدفاع عن نفسها”.

وأشاد كاتب العمود، برد إيران على الهجوم على موقعها النووي في نتانز والذي يتمثل في “زيادة تخصيب اليورانيوم إلى 60 في المائة والسماح لسوريا بإطلاق صاروخ فتح 10، الذي كان من المقرر أن يسقط على بعد 30 كم من موقع ديمونة النووي”.

العداء الاستراتيجي يحدد سياسة الجزائر الخارجية

نبيل الزكاوي، الأستاذ المختص في القانون الدولي والسياسة الخارجية، قال إنّ علاقات الجزائر اتجاه المغرب مهما بلغت درجتها إنما تقوم على أكثر من صراع مؤقت، بل على عداء استراتيجي يعتبر محددا لسياستها الخارجية في مواجهة جوارها الغربي.

وأوضح المحلل ذاته، في تصريح لـ”بناصا”، أنّ النظام الجزائري يذهب إلى أعمق من ذلك، حيث يستعدي حلفاء المغرب عملا بقاعدة “صديق عدوّي عدوّي”، وفي هذا الإطار جاء تهجّم النظام الجزائري على كل من الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، في مقابل الانحياز لإيران.

واعتبر المصدر ذاته، أن هذا الهجوم الصوتي ضد البلدين المذكورين ليس يظهر على خلفية تصنيفهما كقوتين امبريالتين بحسب أدبيات الحرب الباردة التي لازالت متوّرمة في العقلية العسكرية الجزائرية، وإنما قد يفهم منه في مستواه البعيد استهدافه اصطفاف كل من الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل إلى جانب المغرب.

فمن جهة أولى أدى اعتراف الرئيس السابق ترامب بسيادة المغرب على صحرائه إلى إخراس الآلة الدعائية للنظام الجزائري لمدة، وهي الآن تستأنف نشاطها الانفعالي بعدما راج توجه إدارة الرئيس الأمريكي بايدن بعدم نقض قرار سلفه ترامب وذلك بالرغم من كل التحركات المضادة التي قامت بها الجزائر.

ومن جهة ثانية فأن تُقرن الجزائر إسرائيل بتهجّمها على الولايات المتحدة الأمريكية فذلك يعني استمرار عدم قدرتها على ابتلاع مرارة الاتفاق الثلاثي الذي جمعهما مع المغرب في نهاية ولاية الرئيس السابق ترامب، وكذا استمرار تحسّس الجزائر من الاتفاق الذي تزعم بأنها المستهدفة منه، ويبدو أن إسرائيل صارت موضوع كراهية جديد في عصبية النظام الجزائري.

وأبرز الأستاذ المختص في القانون الدولي والسياسة الخارجية، أنّ تصنع الدفاع عن إيران، يعني أن الجزائر تسعى إلى موازنة التحالف المغربي الأمريكي الإسرائيلي بالسعي للتقارب مع إيران من خلال محاولة التمظهر بالانتصار لها في مواجهة غريميها الأمريكي والإسرائيلي.

المقاربات الدبلوماسية الجزائرية تفتقد للمرجعية البراغماتية

بدوره، يرى هشام معتضد، الباحث في العلاقات الدولية، أن تقهقر الدبلوماسية الجزائرية وتخبط سياستها الخارجية على المستوى الاقليمي والدولي، يترجم مدى تقوقع فكرها الايدولوجي خارج التاريخ والجغرافيا في تدبير ملفتها على مستوى العلاقات الخارجية.

وأضاف الأستاذ الباحث في جامعة شيربروك الكندية في حديث مع “بناصا” أن الاحباطات الأخيرة التي تمر منها قيادة قصر المرادية خاصة فيما يتعلق بتدبير علاقتها بالقارة الاوروبية والولايات المتحدة تترجم مدى دخول الإدارة الجزائرية في دوامة الانتكاسات السياسية والدبلوماسية على المستوى الإقليمي والدولي، خاصة وأن أسهمها المؤسساتية فقدت الكثير من المصداقية لدى العديد من الفاعلين السياسيين والمدانيين في المنتظم الدولي.

وأوضح معتضد، أن الحسابات الضيقة التي تعتمدها الدبلوماسية الجزائرية وخضوع مؤسستها السياسية لحكام العسكر، عجل بتدمير هيكلة الدولة الفكرية وفوت على مؤسستها فرصة اللحاق بمسار التمرين الديمقراطي المدني البعيد عن منهجية التحكم العسكري أو الديكتاتورية الفكرية.

وشدّد المصدر ذاته، على أن المقاربات الدبلوماسية الجزائرية وتوجهاتها على مستوى السياسة الخارجية تفتقد لمرجعية براغماتية وعجل بفقدانها لقيمتها على مستوى الساحة الاقليمية والدولية خاصة، وأن قرارتها متأرجحة بين إيديولوجيات فكرية متجاوزة أو مواقف خارج التاريخ ومبنية على مغالطات سياسيوية،

وأشار الخبير المغربي، إلى أن سكان قصر المرادية يختارون تدبير الملفات الدبلوماسية من خلال الاعتماد على رهانات ظرفية بعيدًا كل البعد على أبجديات التمرين الدبلوماسي المعاصر أو أخلاقيات القيم الكونية للتعاون الدولي والمبادئ الثقافية للموروث الإقليمي.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي