شارك المقال
  • تم النسخ

الجزائر تجهل مبادئ القانون الدولي بمنع طائرة المنتخب الوطني المغربي

توالت ردود الفعل و تباينت بعد نازلة منع المنتخب الوطني المحلي من التنقل عبر رحلة جوية غير منتظمة مباشرة من مطار الرباط سلا إلى مطار محمد بوضياف بقسطنطينة على متن الخطوط الملكية المغربية، الناقل الرسمي للمنتخب الوطني من أجل المشاركة في الحدث القاري المنظم في الجزائر بداية من يوم أمس.

 فبعد سلسة من المحاولات التي قام بها الاتحاد الإفريقي وفشله في إقناع سلطات الجزائر بالسماح بهذه الرحلة، وعدم تلقيه أي رد رسمي، قامت المصالح القنصلية بالجزائر بمراسلة مصالح وزارة الخارجية الجزائرية وفق الأعراف الديبلوماسية متقدمة بطلب رسمي من أجل تيسير تنقل النخبة الوطنية، وهو ما قوبل “بالتجاهل” ضد كل المبادئ الأخلاقية والديبلوماسية، خصوصا وأن الحالة تخص تنقل فريق وطني يمثل الشعب المغربي في حدث رياضي.

وبما أنه سبق السماح في نفس السياق بتنقل وزير الخارجية المغربي في رحلة مباشرة من أجل حضور القمة العربية، ومع تعدد القراءات والتحليلات التي اعتبرت القرار تعبيرا عن مفهوم “السيادة على المجال الجوي” حسب محسوبين على الإعلام الجزائري، بل أن هناك من أخذته العزة بالإثم وسقط في مقارنة لا تستقيم مدعيا أن قرار المنع يخص الطيران المغربي والإسرائيلي، وهو ما يخالف الواقع حيث أن شركات الطيران الإسرائيلية تمر بشكل طبيعي فوق أجواء الجزائر، ومن حيث المبدأ هذا يتعارض مع مقتضيات القانون الدولي و بالتحديد معاهدة شيكاغو التي تم بموجبها تحديد مفهوم السيادة الجوية وتأطيره وتحديد حقوق الدول 55 الموقعة على المعاهدة سنة 1944، والتي انضمت إليها الجزائر بعد الاستقلال في العام 1963.

و بالرجوع لبنود المعاهدة والمادة الخامسة منها التي تنص على أن الدول الموقعة لها سيادة كاملة على أجوائها، ولكل الدول حق الطيران فوق الإقليم ودخول المجال الجوي لأي دولة عضو أو عبره بغير هبوط وللهبوط لأغراض غير تجارية أو بطلب من الدولة التي يتم التحليق فوقها، وهذا دون الحاجة للحصول على تصريح مسبق، إلا إذا وجدت حالات استثنائية تهدد الملاحة الجوية والسلامة وتفرض الحصول على ترخيص يحدد مسارا معينا للطيران فوق أجواء البلد.

 هذه المادة لوحدها تلزم النظام الجزائري تنفيذا للالتزامات الدولية بالسماح للطائرة المغربية التي تقل المنتخب الوطني بالعبور المباشر والهبوط بمطار قسطنطينة دون الحاجة إلى ترخيص ولا يعد ذلك بأي حال من الأحوال مساسا بسيادتها على أجواءها طبقا لمقتضيات اتفاقية شيكاغو لسنة  1944.

إبان الأزمة الخليجية الأخيرة كانت مقتضيات هذه المعاهدة سببا في ربح المعركة القانونية التي خاضتها دولة قطر ضد دول الحصار جراء الخسائر التي كلفها قرار غلق الأجواء في وجه الطيران القطري، وهو ما أكدته محكمة العدل الدولية بناء على طلب تقدمت به دول الحصار ضد قرار منظمة الطيران المدني التابع للأمم المتحدة إيكاو، وقد تساءل بعض نشطاء مواقع التواصل عن تجنب المغرب خوض المعركة القانونية خصوصا و أن المنع يطال الخطوط المغربية على أساس الجنسية و هو إحدى نواقض المعاهدة و يخل بمبادئها المؤسسة، هنا نطرح السؤال لماذا لا يلجئ المغرب إلى منظمة إيكاو و القضاء الدولي لرفع هذا الحظر عن الطيران المغربي في مواجهة قرار النظام الجزائري؟

للجواب على السؤال هناك مستويين الأول المستوى الاقتصادي وآثر الحضر الجوي على شركة الطيران المغربية و هو ما أكدته معطيات استقيناها من مصادر خاصة من الشركة قالت إن قرار منع الطيران فوق الأجواء الجزائرية لا آثر له على كلفة تنقل طائرات المغرب نحو باقي دول و مناطق العالم لذلك فهذا قرار لا يضر مصالح الشركة الاقتصادية وهو لا شيء.

في المستوى الثاني نجد المقاربة المغربية في التعامل مع الأزمة المفتعلة من النظام العسكري ومحاولة تصدير الأزمة الداخلية و إخماد شرارة الحراك عبر افتعال عداء مع المغرب وزرع ثقافة الخوف لدى الجزائريين من “تحالف ” بين المغرب وإسرائيل ضد الجزائر، وتنزيل لنظرية “المؤامرة”. وهو ما تكذبه المقاربة المغربية العقلانية والتي برزت بشكل كبير عبر خطب ملكية تدعو النظام الجزائري إلى الحوار دون شروط وتمد اليد لطي أي شكل من أشكال الخلاف رغم دعم النظام العسكري لمليشيات البوليساريو واحتضان المرتزقة من جنسيات مختلفة من أجل مشروع تقسيم المغرب وفصله عن صحرائه,

 هذا الخطاب الديبلوماسي الرصين والذي يقابل في كل مرة بجفاء وعداء يتم تصريفه عبر وسائل الإعلام الرسمية في الجزائر، والذي تجلى بشكل كبير في تغطية إنجاز مونديال قطر الذي بلغ فيه المغرب المربع الذهبي كرابع منتخب في العالم، وأول منتخب عربي وإفريقي يحقق هذا الإنجاز، حيث تجنبت القنوات الإشارة لكل نتيجة إيجابية يحققها المغرب، وهو ما تسبب في إقالة مدير القناة الرسمية الذي سمح بإيداع خبر فوز المغرب ضد بلجيكا.

إن المقاربة القانونية في هذه النازلة واضحة مع سابقة قطر إبان الأزمة الخليجية، إلا أن المقاربة الديبلوماسية العقلانية تفرض نوعا من التجاهل بحكم أن أي فشل للنظام العسكري له مخلفات نفسية عميقة وسيزيد الحنق اتجاه المغرب ويكرس مسلسل الإخفاقات في الجانب الجزائري مقابل الانتصارات التي تحققت على مستوى السيادة الطاقية للمملكة والمسيرة التنموية في أقاليمنا الجنوبية عبر نجاح النموذج التنموي و الديبلوماسية عبر الاعتراف الأمريكي والتحول الكبير في مواقف إسبانيا وبريطانيا وألمانيا والاعترافات المتتالية بمغربية الصحراء.

 كل هذا لن يقود إلا إلى مسار الانحدار والانهيار الذي يعرفه النظام العسكري في الجزائر، وهو ما أكده السفير الفرنسي السابق و حذر من الانجرار وراءه، وهو بالطبع مسار قد يؤدي إلي التهور والجنون وإشعال حرب في المنطقة لا زالت ورقة فوق طاولة الجنرالات باعتراف رئيس الدولة نفسه، وهو سيناريو الحلقة الأخيرة من مسلسل نظام جثم على قلب الجزائريين و سرق ثروتهم وجعلهم يصطفون كل صباح من أجل كيس حليب في بلاد الغاز والنفط.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي