Share
  • Link copied

الجالية المغربية بالبرازيل تسهم في إشعاع الثقافة الإسلامية

في البرازيل ، يعتبر شهر رمضان المبارك بالتأكيد زمن الروحانيات والتقوى والتعبد لحوالي 3 ملايين مسلم يعيشون في أكبر دولة وأكثرها اكتظاظا بالسكان في أمريكا اللاتينية، لكنها أيضا وقبل كل شيء فرصة للاحتفال بمساهمة المسلمين، بمن فيهم المغاربة، في تنمية وازدهار هذا البلد القاري.

على مدار التاريخ البرازيلي، منذ رسو سفينة بيدرو ألفاريس كابرال على ساحل أراضي أمريكا الجنوبية عام 1500، لعب المسلمون، وخاصة من شبه الجزيرة الأيبيرية وإفريقيا ، دور ا محوريا في تطوير وتشكيل الهوية البرازيلية.

وقد ذهب المؤرخون إلى أبعد من ذلك زاعمين أن البحارة المسلمين كانوا قد اكتشفوا البرازيل قبل فترة طويلة من المستكشف البرتغالي. بالنسبة للكاتب البرازيلي الشهير وخبير شؤون الأقليات ، جيلبرتو فريري ، العرب ، موروس (المغاربة) – والمسلمون “شاركوا في اكتشاف هذا البلد الجديد (…) وأصبحوا على الفور جزء ا لا يتجزأ من هذا البلد” من خلال توطيد عملية الاختلاط العرقي “.

في السياق، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أكد الشيخ محمد البقاعي، إمام مسجد البرازيل في ساو باولو ، أشهر وأقدم مسجد في البلاد (تأسس عام 1929) ، أن “الجالية المغربية قدمت مساهمة كبيرة في إشعاع الإسلام والثقافة العربية الإسلامية “في البرازيل.

وأضاف الإمام السوري الأصل، الحائز على جائزة علوم القرآن والشريعة من معهد الفتح الإسلامي بدمشق وجامعة الأزهر في مصر أنه “لا بد من القول أيضا إن العلاقات بين المغرب والبرازيل تعود إلى قرون وهي متينة بفضل التبادل الثقافي والحضاري المستمر. وتعد المملكة من أوائل الدول التي اعترفت باستقلال البرازيل عن الإمبراطورية البرتغالية. ويتمتع المغرب بمكانة مميزة ” لدى البلد الجنوب أمريكي.

يؤكد الشيخ البقاعي ، الذي تولى الإمامة بعدة مساجد في ولاية ساو باولو منذ وصوله إلى البرازيل في عام 2007 ، بما في ذلك مسجد صلاح الدين الأيوبي في منطقة برايس ، أن “أحد الأمثلة على هذه العلاقات المميزة هو أن المغاربة معفون من التأشيرات. لقد تركت الجالية المسلمة المغربية بصماتها بالفعل على الجهود المبذولة لتعزيز صورة الإسلام في البرازيل ، والعديد من المساجد يديرها ويشرف عليها المغاربة “.

وأبرز الإمام الذي يحضر رسالة الدكتوراه في جامعة المدينة العالمية لماليزيا، أنه يجب التأكيد على أن الثقافة المغربية ، ولا سيما السينما وفن الطبخ، ساهمت في تعزيز الصورة المشرقة للإسلام وفي محاربة بعض الأفكار السائدة عن الإسلام والثقافة الإسلامية ، خاصة بعد أحداث 11 شتنبر 2001 .

وبالتالي ، فإن شهر رمضان هو فرصة مثالية لإبراز هذا التراث العربي الإسلامي ، ولكن أيض ا لضمان شروط ممارسة الإيمان والتضامن بين المسلمين ، وهي مهمة قام بها مسجد البرازيل ومدرسته الإسلامية البرازيلية التي تضم قرابة 400 طالب.

وفق ا للشيخ البقاعي ، يتمتع المسلمون بحرية الممارسة الدينية والاحترام من البرازيليين المعروفين بالتسامح مع الآخرين والأديان الأخرى. و”تتميز البرازيل بتقبلها للآخرين والمسلمين ، الذين لا يعانون من التمييز أو الإسلاموفوبيا التي يمكن أن نجده في الدول الغربية.

وأضاف إمام مسجد بوليستا أن “شهر رمضان يحظى بوقار من قبل المسلمين في جميع أنحاء العالم وفي البرازيل أيضا، وخلاله تصبح المساجد فضاء للدعاء والصلاة ومنبرا لنشر المبادرات الخيرية والتضامن بين المسلمين”.

في الواقع ، أصبحت المساجد التي يبلغ عددها 120 مسجد ا في البرازيل في شهر رمضان هذا قبلة للتواصل بين أبناء الجاليات المسلمة للتخفيف من وطأة الغربة عن الوطن الأم.

وأشار إلى أنه في مسجد البرازيل ، “ننظم لقاءات على شبكات التواصل الاجتماعي وندوات عبر الإنترنت ، وخطبا ، ودروسا دينية. وهكذا فإن المساجد تشكل حلقة وصل بين العالم العربي الإسلامي والبرازيل ، حيث نريد تعزيز إسلام الوسطية والاعتدال”.

وأوضح أن ساو باولو ، القلب النابض للبرازيل ، حيث توجد غالبية الجاليات المسلمة وأكبر عدد من المساجد: “لقد سمحت ديناميكيات المسلمين في البرازيل واندماجهم السريع في المجتمع البرازيلي بتحقيق نوع من الازدهار الديني وكذلك الحفاظ على الهوية العربية الإسلامية”.

من جهته ، يرى مدير الشؤون الإسلامية في اتحاد الجمعيات الإسلامية الشيخ المغربي الصادق العثماني أن المغاربة قد طبعوا المجتمع البرازيلي بعمق عبر القرون، مستشهدا من بين أمثلة التأثير المغربي في البرازيل ، ب “الكسكوز” ، وطبق وطني في هذا البلد و هو السليل الشرعي للكسكس المغربي ، على الرغم من إعادة تشكيله وفق ا للمكونات المحلية.

ويشير إلى أن “هذا الطبق هو أحد المظاهر البليغة للتأثير العربي الإسلامي والأمازيغي المغربي على التراث الثقافي للبرازيل”.

وظل البرتغاليون في البرازيل متأثرين بالثقافة الإسلامية ، كما يتضح من الآثار المعمارية في العديد من مناطق البلاد، ولا سيما في ولاية “باهيا” ، أو في مدينتي ريسيفي وريو دي جانيرو: الأبواب والنوافذ والساحات الداخلية والمياه، كما يشير الداعية المغربي إلى النوافير والأزقة التي تذكر بمدينة فاس المغربية.

واعتبر أيضا أن “البرازيل تدين بالكثير للمسلمين في تطوير زراعة قصب السكر والبن والقطن والحبوب ، وحتى في تطوير الأدوات الزراعية والتعدين”.

Share
  • Link copied
المقال التالي