قال الإعلامي والأستاذ الباحث بلال التليدي، إنّ زيارة إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” إلى المغرب ولأول مرة، بدعوة من حزب العدالة والتنمية، هي “فوق أن تكون مجرد استجابة لدعوة حزب سياسي”، وذلك نظرا للأبعاد والدلالات التي تحملها.
وأوضح التليدي، مساء يومه (الجمعة) خلال، مشاركته في الندوة التفاعلية التي نظمتها جريدة “بناصا”، تحت عنوان “أبعاد ودلالات زيارة قادة حماس للمغرب”، على أنّ هناك تباين في مواقف وخلفيات هذه الزيارة لدى عدد من الأطياف السياسية، أو بالنسبة لحزب العدالة والتنمية.
وأضاف التليدي، في تعليقه على أسباب ومكاسب جولة حماس بالمغرب، أن حزب العدالة والتنمية سيستفيد من هذه الزيارة، كونه عاش في لحظة التوقيع على الاتفاق الثلاثي، حيث عرف ضيقا شديدا وحرجا في الموقف بسبب تناقض سلوكه السياسي مع مرجعيته وأدبياته.
وأشار المتحدث ذاته، إلى أن توابث الحركات الإسلامية عامة في التعامل مع القضية الفلسطينية، ترتكز على مرتكزات أساسية، أولها الاعتقاد بأن قضية فلسطين هي قضية وجود وليست قضية حدود، حيث تعتبرها جل الحركات الإسلامية على أنها قضية عقدية.
أما الأمر الثاني، بحسب التليدي، فهو مرتبط بمقاطعة التطبيع بكل أشكاله، سواء السياسي والثقافي، والعلمي، والأمر الثالث مرتبط بدعم المقاومة واعتبار أن خيار المقاومة هو الأنجع لتحقيق مكاسب للقضية الفلسطينية، وأن خط التسوية قد أنهك الفلسطينيين ونقل الصراع إلى الداخل.
وأكد الكاتب والصحافي المغربي، على أن لحظة التوقيع على اتفاقية “التطبيع” الأخيرة من طرف الحزب الحاكم ، أحدث حرج كبير بسبب التناقض بين السلوك السياسي وبين المرجعيات والأدبيات.
ويرى المصدر ذاته، أنّ هذه الزيارة هي لحظة تنفيس وتخفيف، وربما لحظة تصحيح، ولحظة استرجاع لشعبية الحزب، التي يفترض أنها تساقطت في بعض نسبها لحظة التوقيع على الاتفاق الثلاثي.
وشدّد التليدي، على أنّ هذا الترميم يصعب أن يستعيد، أو يسترجع الصورة الأصلية والسابقة التي بقيت فيها الحركات الإسلامية بشكل عام محافظة على عذريتها وطهرانية موقفها بخصوص القضية الفلسطينية.
وعلى صعيد آخر، فإن السماح بهذه الزيارة من طرف الدولة المغربية، وتيسيرها وتوسيع أجندتها بالمقارنة مع ما كان في السابق، فيه رسالة لعدد من الأطراف منها الطرف الفلسطيني نفسه، حيث أن منهجية الدولة في استئناف العلاقات هي غير المنهجية التي سلكتها الإمارات المتحدة، أو تلك التي سلكتها بعض الدول الأخرى التي تسارعت إلى التوقيع على إتفاقات أبراهام.
وأضاف التليدي، في السياق ذاته، أنّ المغرب سبق وأكد على توازن موقفه، وفي اللحظة التي يوقع فيها الاتفاق، فإنه يتشبث بنفس الحرص على حماية والدفاع عن الثوابت الفلسطينية، حيث أن هذه الزيارة جاءت لتثبت هذه القضية، وبأن هذه المسألة جوهرية في الموقف المغربي وهي تدخل ضمن مرتكزات هذا الموقف.
وأوضح، أن زيارة قادة حماس، ليس بالزيارة العادية، وأنها تندرج في سياق دور مغربي مفترض في تيسير التواصل بين الطرف الفلسطيني والطرف الإسرائيلي، خاصة بعد التعثرات التي وقعت على مستوى التفاوض مع بين الطرف الفلسطيني ونظيره الإسرائيلي بواسطة مصرية.
ويرى التليدي، أن المغرب يهيىء نفسه، ربما، لدور ما في هذا الاتجاه، ويبدو أن الطلب على إشراك حماس في هذا الحوار، جاء بناء عل طلب أوروبي، وأمريكي غير معلن على أن تكون حماس طرفا في الحوار ولو بشكل غير مباشر.
وخلص التليدي، إلى أن هناك ميل أمريكي إلى تشجيع المغرب للقيام بدور ما في هذا الاتجاه، خصوصا وأن الأسلوب المغربي في إدارة التفاوض أتبث نجاعته في بعض الملفات، خاصة في الملف الليبي.
حري بالذكر، أن الندوة التي سيرها الإعلامي نور الدين لشهب، وشارك فيها كل من محمد الشرقاوي، أستاذ تسوية الصراعات الدولية وعضو لجنة خبراء الأمم المتحدة سابقا، وعبد الفتاح البلعمشي، أستاذ العلاقات الدولية والقانون الدولي بجامعة القاضي عياض بمراكش، بالإضافة إلى الدكتور محمد إبراهيم المدهون، رئيس مركز غزة للدراسات والاستراتيجيات، تأتي في إطار سلسلة الندوات التي دأبت الجريدة على إقامتها.
تعليقات الزوار ( 0 )