Share
  • Link copied

التعليم عن بعد وكورونا، أية معركة؟

حلت جائحة كورونا، وحملتنا قسرا على انتقال مفاجئ نحو التعليم عن بعد،وحاولت الوزارة تسهيل العملية بخلق منصات للتعليم الالكتروني،وأبقت البوابة مفتوحة أمام التلاميذ والطلبة للاستفادة بشكل مجاني في إطار الاتفاق الإطار الذي أبرمته وزارة التعليم مع شركات ربط الانترنيت،كما استنجدت الوزارة بقنوات القطب العمومي لأجل تمكين تلاميذ القرى والبوادي من التحصيل.

 وفي خضم الحجر الصحي، ابتكر أساتذة المغرب صفحات على وسائل التواصل الاجتماعي، وخلقوا مجموعات بتعاون من الإدارة عبر تطبيقات الواتساب واليوتوب والسكايب ،بإمكانيات ووسائل جد متواضعة،إيمانا منهم بأن التعليم رحلة معرفية ضرورية تشبه التزود بالخبز والماء، لابد أن تستمر حتى في أصعب الظروف.

وإذا كان من شروط بناء المعرفة في التعليم الحضوري،يرتكز على شرط التفاعلية داخل ثنائية التعليم عن قرب ،فان هذا الشرط يكاد يقتصر على عدد محدود في خضم هذه الظرفية التي فرضت علينا خلق مسافة الأمان،

ولست أنكر على أحد أن أطفالنا أصبحوا يحملون تمثلا ذهنيا مغايرا للتلفزيون باعتباره أداة تعليم وليس أداة ترفيه،وتطورت نفس القيم  في منظور المتعلمين للهواتف الذكية التي تحولت في ظرفية فجائية وجيزة الى مدارس رقمية،بعدما كانت مجرد أدوات للتسلية والتواصل الاجتماعي،وتمكن التلاميذ من امتلاك حس نقدي إزاء تعدد التجارب الرقمية وتنوعها ،وتمكنا في الحجر الصحي من تنزيل حقيقي لشعار “المدرسة والأسرة من اجل خدمة الجودة”،حيث انخرطت الأسرة في تحمل قسط من المسؤولية،وتحسست أخيرا المسؤولية البيداغوجية والمعرفية الجسيمة الملقاة على عاتق المدرس،وقالت بصوت مهموس في كينونة وجودها الذاتي “الله يحسن عوان الأساتذة داخل القسم”.

إن خلق تفاعل  شبيه إلى حد ما، بما يجري داخل حجرات الدرس،يبقى إبداعا استثنائيا مغربيا في زمن كورونا يروم إتمام الربع الأخير من المقرر الدراسي، في ظل عدم وصول الانترنيت إلى جل السكان وخاصة القاطنين منهم في القرى البعيدة،كما تسود مخاوف من أن يساهم التعليم عن بعد في توسيع هوة التفاوت الطبقي ،فأبناء الطبقات الميسورة يمتلكون تجهيزات رقمية عالية الجودة،وباستطاعتهم الاستفادة في ظروف مريحة،والبقية لايتوفرون على هواتف ذكية أو يتوفرون على هواتف سيئة دون مساحة تخزين،مما يشكل عائقا أمام صعوبة التعليم المنزلي،ويزداد الأمر تعقيدا بالنسبة للمتعلمين الذين يعانون من ضعف في السمع والنظر.

ونحن نسابق الزمن من اجل بقاء المدرسة حية منتجة،يطل علينا الإعلامي المعروف ب”مومو”لينتقد طريقة كلام أستاذة باللغة الفرنسية، يحمل نوعا من التحامل الدفين ،ويلقي بعدها بمسؤولية فشل جزء من التلاميذ إلى من علمونا جميعا،ولازالوا يقاتلون بوسائل وتجهيزات جد متواضعة ليل نها ر،من اجل وصول المعرفة إلى كل البيوت في هذه الظرفية الاستثنائية،في حين كانت الرسالة المهنية الإعلامية تتطلب منه  أن يناقش المسألة التعليمية لما بعد كورونا،مستخلصا الدروس ،ومستلهما في ذلك التجربة الفنلندية أو اليابانية والانجازات التي لفتت نظم التعليم في العالم ،وكيف استطاعت ردم هوة التباين بين مستويات الطلاب ومستويات المدارس والمناطق، وأن القضية التعليمية هي مسألة بقاء، وليس لها من سبيل سوى الاستثمار في التعليم والتكوين من اجل خلق نموذج اقتصادي قوي،يحمل شعار ثقافة الابتكار.لايسعني خلاله إلا أن نقدم تحية تقدير واحترام إلى رجال ونساء التعليم جنود الخفاء في زمن الوباء

Share
  • Link copied
المقال التالي