Share
  • Link copied

التطبيع.. والشبح الذي يحوم حول الرباط

ما المميز في موقف المغرب من التطبيع؟ يثار هذا السؤال اليوم، في سياق “تسريبات” تدعي أن الرباط مقدمة، مثلها مثل أبوظبي والمنامة ومسقط والرياض، على موسم طويل من التطبيع، بدأ من الإمارات، ولن يقنع بالانتهاء عند السودان.

هذه التسريبات صادرة عن الصحافة الإسرائيلية، أو صحافة اليمين الفرنسي، أو بعض المدونين في الصحافة الأميركية، الذين يكتبون في “بريد القراء”، ممن يشكلون “جنودا” إلكترونيين، تحركهم قوى التطبيع مباشرة، أو تشتغل وفق أجندة معادية للمغرب ومصالحه.

كل هذا أصبح مفهوما، لكن الإدارة الأميركية تدرك صلابة موقف المغرب الرسمي من القضية الفلسطينية، وقد جاء التعبير عن عدم رضا الرباط مما تسمى “صفقة القرن”، في تعبير مختصر، عندما زار جاريد كوشنر المغرب، واستُقبِل من طرف الملك محمد السادس على مائدة إفطار رمضاني، ثم تحولت تلك المقابلة إلى زيارة “سياحية” لبعض دور العبادة اليهودية، واستقبال “حميمي” أقامته له الطائفة اليهودية في الدار البيضاء.
كانت الرباط حريصة على أن يسمع كوشنر من اليهود المغاربة قبل أن يسمع من غيرهم. في الوقت نفسه، كان وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في زيارة إلى إسبانيا، ينتظر الضوء الأخضر للحلول بالرباط. لكن الرسالة التي وصلته أنه لن يحظى بأكثر من مقابلة مع نظيره في وزارة الخارجية المغربية ناصر بوريطة، أو على أكثر تقدير بعض مستشاري الديوان الملكي، فاستنكف عن الزيارة وعاد إلى واشنطن، دون أن يظفر بوعد من المغرب بشأن “صفقة القرن” ولا غيرها.تقارير عربية

لن ينجر المغرب إلى “تطبيع مجاني”، فالجو السياسي الداخلي لا يسمح باتخاذ مثل هذه الخطوة، والحاضنة الشعبية للقضية الفلسطينية قوية ومتنوعة، من أحزاب ونقابات وجمعيات مدنية، وقوى يسار وإسلاميين، وهم جمهور عريض، ورجراج، ليس من بينهم من يريد أن يزايد على الفلسطينيين في قضيتهم، ولا أن يبيع أرضا ليست له، ولا أن يبرم اتفاق تطبيع بدلا عن المعنيين المباشرين. فأقل الواجب اليوم، توفير الدعم والإسناد الجماهيري لأجنحة النضال الفلسطيني وقواه الحية وسلطته المركزية.

كل هذا يجعل موقف المغرب من التطبيع مميزا، ومن حسن الحظ أن القوى الداخلية المناهضة للتطبيع هي في المحصلة النهائية رأس مال النظام للمناورة وللرفض، حتى لا يكون المغرب الرسمي في مقدمة من يقاد عنوة إلى التوقيع على اتفاقات تطبيع، توجد القوى الشعبية والمدنية في حل منها، منذ الآن، وحتى تسوية عادلة لقضية الشعب الفلسطيني، في دولته المستقلة، وعاصمتها القدس، فلا تزال ممكنة رؤية مسيرات مليونية تخرج من الرباط دعما لفلسطين، ومن الوارد رؤية مسيرات مثلها ضد كل محاولة رسمية للتطبيع.

قال رئيس الوزراء المغربي سعد الدين العثماني، قبل يومين، لا تطبيع مع إسرائيل، وأحزاب الحكومة وأحزاب المعارضة كلها في صف واحد من هذا الموضوع، والوجدان الشعبي واضح ولا لبس فيه، والملك رئيس لجنة القدس… كل هذا يجعل موقع المغرب من التطبيع مميزا وصلبا، إلى حين تبلور موقف عربي وإسلامي جامع ومتراص.

Share
  • Link copied
المقال التالي