Share
  • Link copied

“البيجيدي” يقدم عرضه السياسي استعدادا للانتخابات ويحذر من النكوص الديمقراطي

مع دنو موعد الانتخابات التشريعية المزمع إجراؤها في الثامن من شتمبر المقبل، كشف حزب العدالة والتنمية، يوم أمس (الجمعة) “العرض السياسي للمرحلة والمبادرة السياسية الحقوقية للحزب” في لقاء صحفي عقدته الأمانة العامة بالرباط.

واعتبر سليمان العمراني، النائب الأول للأمين العام لـ”البيجيدي” في بلاغ اطلعت عليه “بناصا أن الوضوح المتجدد في العرض السياسي للأحزاب السياسية، يعتبر مسألة أساسية في تحديد البوصلة التي تحكم عملها السياسي خلال أي مرحلة من المراحل، وهو ما ينطبق على حزب العدالة والتنمية الذي ما فتئ يجدد عرضه السياسي خلال مساره التاريخي الممتد.

وأضاف، أن هذه المسألة تقع عند حدوث تحولات وازنة في الواقع السياسي تستوجب تفاعل الأحزاب السياسة معها، وكذلك مع اقتراب مواعيد أي استحقاقات انتخابية، بما يقتضيه ذلك من جهة من تقييم وعرض حصيلتها في مجال تدبير الشأن العام، ومن جهة  ثانية تحديد الإطار السياسي للبرنامج الانتخابي للحزب.

وأوضح، أن العرض السياسي للحزب، يقوم على توفير الوضوح السياسي لدى المناضلين ولدى المتتبعين للحزب، من حيث بناء تشخيص مشترك للواقع السياسي من حيث المكتسبات المتحققة لصالح المجتمع أو الإخفاقات والصعوبات التي تواجه العمل الإصلاحي لحزب معين بغض النظر عن موقعه السياسي، على اعتبار أن مثل هذا التشخيص يسهم في التقييم الموضوعي لأداء الحزب وللفرص والصعوبات التي تواجه تحقيق برامجه.

وشدد المصدر ذاته، على أن الحزب يعمل على بناء ثقافة سياسية مشتركة مؤطرة للتعامل مع الواقع السياسي خلال مرحلة معينة من خلال بلورة قراءة سياسية مشتركة وتملكها من قبل المناضلين، وتعبئة المناضلين بناء على وضوح في التوجهات المؤطرة  للفعل السياسي، مما سيعزز انخراطهم النضالي في استحقاقات المرحلة.

ولفت نائب الأمين العام، إلى أن العرض السياسي للحزب قد تطور عبر مراحل حسب السياقات السياسية المختلفة التي مر منها الحزب والمواقع التي شغلها، وأن قراءة في هذا التطور تكشف أن العرض السياسي في مختلف تلك المراحل المنهجية، كان يتأثر بعاملين أساسين.

وقال إن العنصر الأول، هو تشخيص الحزب للواقع السياسي وقراءته لهذا الواقع، أما العنصر الثاني، فهو موقع الحزب في الخريطة السياسية، حيث أن العرض السياسي للحزب خضع لعدد من التحولات والتطورات أهم معالمها الكبرى المؤتمر الوطني الاستثنائي سنة 1996 إلى سنة 2007، والعرض السياسي بعد سنة 2007 ومن 2011 إلى سنة 2016.

وسجل العمراني، أن الحزب قدم عرض إصلاحي منسجم مع ثوابت المملكة المغربية مدافع  ومعزز لها ومستجيب لتطلعات المجتمع، مما أسهم في تعزيز وخلق شروط مواتية له انطلاقا من شعار “الإصلاح في نطاق الاستقرار” مع جعل المصلحة الوطنية العليا فوق كل اعتبار؛

كما ساهم في إنعاش الحياة السياسية وفق مضمون فكري وسياسي وأخلاقي أطَّر الممارسة السياسية وأسهم في إدماج فئات اجتماعية في العمل وفي المؤسسات السياسية، وتعزيز مسار الدمقرطة وعودة المعنى والثقة تدريجيا في العمل السياسي والمشاركة السياسية، مع العمل على مقاومة النكوص ونزعات الهيمنة الرامية إلى الاستبداد بمفاصل القرار والثروة.

وأكد، أن العدالة والتنمية، حافظت على استقلالية وسيادة القرار الحزبي، وساهم في ترشيد الممارسة الحزبية من خلال الالتزام بقواعد الديمقراطية داخليا، ومن خلال الحرص على النهوض بمختلف المهام المسندة دستوريا إلى المؤسسة الحزبية ومنها تأطير المواطنين وتمثيلهم أحسن تمثيل في المؤسسات المنتخبة.

وقام الحزب، حسب المصدر ذاته، بتجويد تدبير الشأن العام من خلال عقلنة الأداء العمومي واحترام مبدأ الشراكة مع الشركاء والفرقاء، والحضور الدائم في صلب القضايا المجتمعية حضورا إيجابيا ومسؤولا، والنهوض بالوظائف البرلمانية رقابيا وتشريعيا وديبلوماسيا، وتواصلا وقربا من  المواطنين بشكل متميز تشهد عليه المؤشرات الكمية والكيفية.

وساهم الحزب في تقديم نموذج واعد لحزب ذي مرجعية إسلامية بخلفية وطنية، مع إسهام مقدر في تجديد الخطاب باقتحامه لعدد من الإشكالات الفكرية والمذهبية وتقديم إجابات تجديدية من قبيل التمييز بين الدعوي والسياسي وإبداع مفهوم حزب سياسي بمرجعية إسلامية والإقرار بالطبيعة المدنية للدولة.

ومن الناحية الاقتصادية، ساهم الحزب في إصلاح صندوق المقاصة الذي كان يرهق المالية العمومية ويستنفذ ربع الميزانية العامة (بلغت قرابة 56 مليار درهم سنة 2012)، وقام بالإصلاح الجزئي والضروري للصندوق الوطني للتقاعد سنة 2016 بعد تقاعس مختلف الحكومات السابقة عن تفعيل خطة إصلاحه.

وأضاف العمراني، أن الحكومة الحالية، عملت على تحسين مناخ الأعمال واقتراب المغرب من الدخول إلى نادي الدول الخمسين الأولى عالميا المتقدمة في هذا المؤشر، والرفع من قدرات جذب الاستثمار الأجنبي والوطني، مع الرفع النوعي من ميزانية الاستثمار العمومي، والمحافظة على مستوى مقبول من الدين العمومي.

وعمل الحزب، على دعم الاستثمار الوطني من خلال نظام الأفضلية الوطنية بإزاء مجموعة من الإجراءات الجمركية والجبائية، وتشجيع الشباب على الاستثمار من خلال صندوق المبادرة المقاولاتي، وتطور معتبر في شبكة الطرقات والمطارات والموانئ، بما تستصحبه من فرص تنموية.

وعلى الصعيد الاجتماعي، تم اعتماد العديد من المبادرات الاجتماعية ذات الدلالة (دعم الأرامل/ التعويض عن فقدان الشغل/ الزيادة في المنح الجامعية) والتفعيل العملي للتغطية الصحية والاجتماعية للمهنيين المستقلين/ الرفع غير المسبوق لميزانية القطاعات الاجتماعية لا سيما في قطاعي الصحة والتعليم/ الزيادة من مبلغ منح الطلاب وتعميمها على طلاب التكوين المهني/ برنامج “تيسير”/ تعميم الدعم الاجتماعي للمتضررين من تفشي وباء كوفيد 19 وهم سبعة ملايين أسرة.

ومؤسساتيا، يضيف العمراني، ساهم الحزب في ضمان استمرار المرفق العمومي رغم حالة الإضرابات والانقطاع عن العمل؛ وإصلاح المراكز الجهوية للاستثمار، واعتماد استراتيجية وطنية لمكافحة الفساد(تقدم المؤشر الوطني لإدراك الرشوة) وإصلاحات تهم الإدارة العمومية ( تبسيط المساطر/ رقمنة المعاملات الإدارية..) واعتماد ميثاق اللاتمركز الإداري.

أما على المستوى التدبيري، فيتمثل في التدبير المقدر للأزمات غير المسبوقة التي شهدها المغرب والعالم، وهو ما يمكن استثماره بشكل كبير، وتدبير تداعيات وباء كورونا بشكل استباقي/تشاركي/تضامني، جعلت من مطلب حماية حياة المواطن أولوية الأولويات، ثم التدبير النوعي، وبإشراف ملكي مباشر لأزمة ندرة الماء وشح التساقطات، وذلك من خلال سياسة استباقية ومبادرة وتشييد بنيات هيكلية مؤهلة لضمان الأمن المائي لبلادنا.

الإكراهات والتحديات

وشدد المصدر ذاته، على أن اعتماد القاسم الانتخابي ساهم في إفراغ العملية الانتخابية من مضمونها الديمقراطي الذي يقوم أساسا على الاقتراع الحر المعبر عنه من خلال التصويت، ومن جهة أخرى وبصرف النظر عن بعض التحسين الذي لحق مجمل القوانين الانتخابية.

وأكد أن حذف العتبة في انتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية سيخلق وضعا غير مسبوق موسوما بالبلقنة وعدم استقرار الأغلبيات المسيرة في هذه المجالس، فضلا عن الهدر التنموي الذي سيكون نتيجة منطقية لهذا الاختيار التشريعي الذي أخلفت بلادنا به وبذلك القاسم الانتخابي المشوه الموعد مع التاريخ.  

كما سجل الحزب بروز بوادر توجه لإفراغ اللاتمركز الإداري من مضمونه الديمقراطي، من حيث هو كونه ينبغي أن يسهم في تعزيز الجهوية المتقدمة، لكن ما يسجل هو التوجه نحو التركيز على التدبير التقنوقراطي وتعزيز دور المُعَيَّن على حساب المنتخب، وأيضا على مستوى الرؤية الناظمة لإصلاح المؤسسات العمومية.

وأبرز العمراني، أن هذا الوضع سيسهم في تعزيز توجهات التشكيك في جدوى المشاركة السياسية ودور الفاعلين السياسيين، ويزيد من تعزيز تهميش  وتراجع دور مؤسسات الوساطة ويكرس ضعف الفاعل الحزبي والنقابي وتراجع قدرته على التأطير السياسي والاجتماعي.

وأكد، أنه على المستوى الحقوقي: على الرغم من التطور العام الإيجابي الذي حققته بلادنا في المجال الحقوقي ومن القطع مع الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان من مثل الاختطاف والتعذيب والاختفاء القسري، فما تزال تسجل بعض مظاهر المس بالحريات الفردية وبالمعطيات الخاصة، إلى جانب ما يبدو من بعض المحاكمات المبنية على أساس شكايات كيدية تستخدم لأغراض سياسية، وهي كلها أمور تشوش على المزاج السياسي العام وتضر بصورة بلادنا وبمكتسباتها السياسية والدستورية والحقوقية، مما يستلزم مزيدا من التحصين القانوني والعملي.

وأشار إلى أنه هناك ضعف التقدم في التوزيع العادل للثروة، وعدم كفاية المجهود المبذول لتقاسم عوائد المجهود التنموي للبلاد، وذلك على الرغم من الجهد الكبير والمقدر في إنجاز المشاريع البنيوية والإصلاحات المؤسساتية والاقتصادية الكبرى والتي تحتاج إلى وقت كاف ليظهر أثرها في حياة المجتمع وحياة المواطنين، وهو ما يترجم أحيانا إلى قلق اجتماعي ومجالي، وخصوصا مع ارتفاع سقف المطالب الاجتماعية باستمرار. ومما يفاقم هذا الوضع وجود ثقافة مجتمعية تعتمد على الاتكال على المجهود العمومي للدولة وضعف المبادرة الحرة وروح المغامرة والإبداع.

العرض السياسي للمرحلة

وقال العمراني، إن الحزب دبر خلال العشرية الأخيرة الشأن العام الحكومي سواء من خلال تحمله مسؤولية قيادة الحكومة أو تدبيره لعدد من القطاعات الحكومية، كما دبر خلال الولاية الانتدابية 2015-2021 عددا كبيرا من الجماعات الترابية يتجاوز160 جماعة، ومنها على وجه الخصوص المدن الكبرى ذات نظام المقاطعات إضافة إلى أغلب المدن المتوسطة.

وهذا الأمر، بحسبه، يقتضي الانتباه في عرضنا السياسي إلى المسؤولية السياسية للحزب بشأن الحصيلة السياسية والإصلاحية العامة للمرحلة، وكذا الحصيلة التدبيرية على مستوى العمل الحكومي وفي الجماعات الترابية. فالمسئولية الأخلاقية والسياسية للحزب تقتضي منه أن يدافع عن كسبه الإصلاحي العام وعن حصيلته التدبيرية وأن يصوغ عرضه السياسي في إطار هذا المنطق لا خارجه.

من جانب آخر، أوضح العمراني، أنه يتعين على الحزب تعزير المكتسبات المتحققة في مجال الوحدة الترابية للمملكة وتمنيعها، مع تعزيز الإشعاع الدولي للمغرب والتصدي لجميع الاختراقات ومواصلة دعم القضايا العادلة للأمة، وتعزيز الاختيار الديمقراطي والتصدي لدعوات النكوص عن مسار البناء الديمقراطي والتراجع عن المكتسبات.

كما دعا المصدر ذاته، إلى مواصلة العمل على تطوير الممارسة الحقوقية وتطوير ضماناتها، والعمل من أجل التضييق على الفساد وتجفيف منابعه وتطوير الحكامة والنهوض بها، والإسهام في بناء نموذج تنموي أصيل ومنصف ومستدام قوامه النهوض بالموارد البشرية وغايته تقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية وتعزيز العدالة الاجتماعية، وأفقه الانتقال بالمغرب إلى مصاف الدول الصاعدة.

وأضاف، أن العرض السياسي للمرحلة ينبغي أن يتأطر بالشعار الجامع الآتي: ”جميعا من أجل تحصين الاختيار الديمقراطي وتعزيز الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية والحقوقية”، وهو شعار يكثف مضامين أساسية نقدر أنها ينبغي أن تبصم سلوك الحزب خلال هذه المرحلة.

وأكد، أن ”جميعا”، للإشارة إلى أن عرضنا السياسي ليس عرضا خاصا بطائفة حزبية تبني مسارا منعزلا ومنبثا عن عموم المواطنات والمواطنين، فتحصين الاختيار الديمقراطي وتعزيز الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية والحقوقية هو مسؤولية تتعدى حزب العدالة والتنمية، بل هي تحديات تُسائل عموم المواطنات والمواطنين.

وأضاف، أنه من جهة أخرى نؤكد على أنه بقدر ما تسجل مكتسبات في مسار البناء الديمقراطي والحقوقي، فإن هناك تهديدات تنذر بنكوص ديمقراطي، كما نراعي في نفس الوقت كوننا جزء من تدبير المرحلة بمكتسباتها وصعوباتها، ونتحمل بطريقة أو بأخرى المسؤولية عل قدر تموقعنا.

وزاد في السياق ذاته، ”تعزيز مسار الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية”، لأننا نستحضر المكتسيات التي تحققت خلال المرحلة وحصيلة التدبير والحكومي، ونستحضر في نفس الوقت ذاته أن الخصاص ما يزال قائما، والتأكيد على مواصلة الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية من أجل تعزيز العدالة المجالية والعمل على تحقيق العدالة بين الفئات.

في المقابل، سجل العمراني عددا من النواقص على مستوى ممارسة الحريات الفردية واستهداف الحياة الخاصة، مما جعل المنجز يعرف نوعا من البطء في بعض جوانبه، مما يطرح تحديات على مستوى ضمان فعالية منظومة الحماية الوطنية لحقوق الإنسان وعلى مستوى تملك ثقافة حقوق الإنسان لدى القائمين على إنفاذ القانون  مع التطلع لمزيد من الإصلاحات الحقوقية.

وطالب المصدر ذاته، أن تُقْدِمَ البلاد على اقتحام عقبة الجيل الثالث من حقوق الإنسان وما يقتضيه ذلك من تحسين وتعميم الحقوق الاجتماعية والاقتصادية من قبيل الحق في التنمية الاجتماعية والاقتصادية، والحق في البيئة الصحية والحق في الاتصال وحقوق التواصل، والحق في المشاركة في التراث الثقافي والحق في الاستدامة والإنصاف بين الأجيال.

وأشار النائب الأول للأمين العام لـ”البيجيدي”، إلى أنه يتعين أن تكون المرحلة القادمة مرحلة اعتكاف على تحقيق منجزات تتجاوب مع تطلعات المغاربة إلى مجتمع متضامن يتطور بشكل إرادي من خلال سياسات اجتماعية تضمن تقاسم ثمار النمو بعد الرفع من وثيرته ونسبه، وتقلص الفوارق المجالية والفئوية وتضمن لجميع المواطنات والمواطنين العيش الكريم.

Share
  • Link copied
المقال التالي