Share
  • Link copied

“البيجيدي” يطالب بمزيد من “التدقيق القانوني ودراسة ومراعاة الأثر” بخصوص تعديلات مدونة الأسرة.. ويؤكد استمراره في الدفاع عن تشريع يحترم المرجعية الدينية

طالب حزب العدالة والتنمية، بمزيد من “التدقيق القانون ودراسة ومراعاة الأثر”، بخصوص عدد من تعديلات مدونة الأسرة، التي أثارت مخاوف لدى المواطنين، مؤكداً في السياق نفسه، استمراره في الدفاع عن تشريع يحترم ما أسماه بـ”المرجعية الدينية والدستورية والملكية”.

وأعلنت الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، أنها عقدت اجتماعا استثنائيا يوم الأحد الماضي، خصص لـ”مناقشة العرض الذي قدمه وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية بخصوص مقترحات مراجعة مدونة الأسرة؛ والتصريحات التي أدلى بها وزير العدل وخلفت مخاوف وقلقًا شعبيين كبيرين، أججتها الطريقة غير اللائقة والمستفزة والمتحايلة التي يقدم بها وزير العدل هذه المقترحات، والتي لا تراعي المكانة الكبيرة للأسرة عند المجتمع المغربي المسلم ومرجعيتها الدينية لديه”.

وأضافت في بلاغ لها، أن الأمين العام، عبد الإله بنكيران، نوه خلال كلمته، بـ”الدور الكبير لجلالة الملك أمير المؤمنين ومنهجيته الحكيمة في مراجعة مدونة الأسرة وبإحالته للمقترحات المتعلقة بأمور شرعية على المجلس العلمي الأعلى”، مضيفةً: “كما ذكر بالنقاش المجتمعي الكبير الذي أثارته بعض المقترحات ولاسيما بعد تصريحات وزير العدل، التي أثارت جدلا كبيرا وواسعاً في المجتمع، وردود فعل سلبية غير مسبوقة على منصات التواصل الاجتماعي”.

واسترسل البلاغ، أن بنكيران، وبعد تذكيره بدور الحزب ومقاربته السياسية لهذا الورش ومساهمته النوعية عبر لقاءات وندوات ومذكرات، أكد أن “هناك قضايا حسمها المجلس العلمي الأعلى من الناحية الشرعية، لكن تبقى هناك أمور أخرى أثارت جدلا ومخاوف وتتطلب مزيدا من المناقشة والمعالجة الهادئة والمتوازنة في إطار القانون، وهو ما يتطلب أن يتولى هذا الورش المجتمعي الحساس من تتوفر فيه الكفاءة اللازمة ويحظى بثقة المجتمع”.

وجدد أعضاء الأمانة العامة، لـ”البيجيدي”، بعد تقديم رضا بوكمازي، وأمينة ماء العنين، لقراءتين في المقترحات التي قدمها وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، والمقترحات التي قدمها وزير العدل، تثمينهم العالي لـ”المقاربة التي اعتمدها جلالة الملك، أمير المؤمنين، والضوابط التي حددها لمراجعة مدونة الأسرة، والتي أكدت مرة أخرى الدرجة العالية ومكانة الصدارة التي يتبوأها الدين الإسلامي في الهوية المغربية وهو ما تتميز به عامة وفيما يهم شؤون الأسرة خاصة”.

وأكد “المصباح”، تثمينه لـ”دور المجلس العلمي الأعلى والسادة العلماء ومكانتهم المعتبرة لدى المجتمع المغربي المسلم وثقته فيهم، وتدعوهم إلى الانخراط في هذا الورش بالشرح والتفسير والبيان لرفع كل لبس وضمان انخراط المجتمع وتعزيز ثقته والمساهمة في نجاح هذا الورش المجتمعي الهام”.

واعتبرت الأمانة العامة، لـ”البيجيدي”، أنه “بقدر ما أن المسائل الشرعية التي حسمها المجلس العلمي الأعلى ورفضها باعتبار أنها تتعلق بنصوص قطعية لا تجيز الاجتهاد فيها أصبحت محسومة بصفة نهائية، فإن المصلحة تقتضي التمحيص والتدقيق القانوني ودراسة ومراعاة الأثر بخصوص المسائل الشرعية التي استجابت لها لجنة الفتوى، أو تلك التي أعطت فيها حلولا بديلة، وذلك أخذا بعين الاعتبار المخاوف الكبيرة التي أثارتها لدى عموم المواطنين، ليس بالنظر إلى جانبها الشرعي، وإنما بالنظر إلى مآلاتها ونتائجها السلبية والخطيرة على تكوين الأسرة، باعتبارها مؤسسة تقوم أولا وأساسا على المودة والرحمة والمعاشرة بالمعروف والمكارمة”.

وشدد حزب العدالة والتنمية، على أن مؤسسة الأسرة، “لا ينبغي أن تتحول إلى شركة تجارية مبنية على المحاسبة والمشاححة المفضية حتما -في حالة الأسرة- إلى تفاقم ظاهرة العزوف عن الزواج، والصراع والنزاع المؤدي إلى تضاعف حالات الطلاق، وهو ما يتعارض مع مقاصد الشريعة التي تهدف إلى تشجيع الزواج والتماسك الأسري بما يحصن المجتمع ويقوي نسيجه وسواده، لا سيما في ظل النتائج المقلقة التي أسفر عنها الإحصاء العام للسكان والسكنى”.

وحدد “المصباح”، هذه المسائل، على وجه الخصوص، في “إيقاف سكن الزوجية عن دخوله في التركة، بالنظر لما ينجم عنه من إخلال بالحقوق المرتبطة بالإرث وانتهاك لحقوق الورثة الآخرين، ولا سيما حينما يكون السكن يمثل التركة الوحيدة أو ذو قيمة كبيرة”، و”جعل ديون الزوجين الناشئة عن وحدة الذمة على بعضهما ديونا مقدمة على غيرها بمقتضى الاشتراك الذي بينهما، وما سينجم عنه من تعقيدات وتحملات مالية وعنت لكلا الزوجين ضدا على مبدأ استقلال الذمة المالية”، و”اعتبار عمل الزوجة المنزلي مساهمة في تنمية الأموال المكتسبة خلال قيام العلاقة الزوجية، بالنظر لما تطرحه مسألة تثمين هذا العمل من إشكاليات عملية ومخاوف حقيقية من تحويل فضاء الأسرة القائم على التراحم والتعاون إلى فضاء للحسابات والنزاعات”.

إضافة إلى، يتابع بلاغ “البيجيدي”: “تسهيل الطلاق والتطليق وحذف مسطرة الصلح في حالة الطلاق الاتفاقي؛ حيث ليس من الحكمة جعل تسهيل الطلاق كهدف في مدونة الأسرة، كما لا يجوز حرمان الأسرة في حالة الطلاق الاتفاقي من محاولة إصلاح ذات البين وتحضير الحكمين”، و”بقاء حضانة المطلقة على أولادها بالرغم من زواجها، وذلك دون قيد أو شرط وهو ما يتطلب حماية حقوق الأب في المراقبة والزيارة وصلة الرحم، وتدخل القضاء لإسقاط هذه الحضانة قي حالة الخوف على مصلحة الطفل”، و”الإلزام بالنفقة مباشرة بعد العقد؛ مع إشكالية التمييز من حيث الأثر لوضعية ما قبل البناء وبعد البناء”.

ومن ضمن هذه المسائل التي تتطلب مزيداً من التمحيص والتدقيق، “جعل النيابة القانونية مشتركة بين الزوجين في حال قيام العلاقة الزوجية وبعد انفصامها؛ وما يطرحه من مشاكل تتعلق بمن سيحسم القرار في حالة الاختلاف، وما سيؤدي إليه من ضياع لحقوق الأطفال بالأساس”، و”إجبارية استطلاع رأْي الزوجة في موضوع التعدد أثناء تَوثيق عقد الزواج، في الوقت الذي تبقى الصيغة الحالية كافية، وليس من اللائق ولا من الصواب تحويل عقود الزواج إلى عقود إذعان واشتراط، كما أن هذا المقتضى تجاوز فيه وزير العدل حدود اختصاصه كما سيبين لاحقا”، و”ضرورة تدقيق وتقنين الاستثناء من شرط شهادة شاهدين مسلمين حين تعذر الشهود المسلمين عند عقد الزواج بالخارج”.

هذا، وأكدت الأمانة العامة لـ”المصباح”، أن مدونة الأسرة، “باعتبارها قانونًا ليس كغيره من القوانين، وورشًا مصيريًا يهم المجتمع والأسرة بجميع مكوناتها زوجا وزوجة ووالدين وأطفالا…، وباعتبارها الخلية الأساسية للمجتمع، لا يمكن أن تُحسم تعديلاتها عبر الأغلبية العددية مهما بلغ حجمها، وإنما هي قضية جوهرية ومصيرية تعني المجتمع برمته، والذي ينبغي أن يحسمها هو مدى التزامها بالمرجعية الدينية والدستورية والوطنية، كما أكدها جلالة الملك، أمير المؤمنين، في أكثر من مناسبة، ومدى تحقيقها للمصلحة الفضلى للمجتمع، والمتمثلة في تشجيع الزواج الشرعي والحفاظ على الأسرة ووحدتها واستقرارها ودوامها”.

وفي هذا الصدد، شدد “البيجيدي”، على أن “ضمان القبول الحسن من طرف المجتمع لهذه المراجعة يتطلب ثقته في من يتولون هذا الورش ومراعاة التخوفات المشروعة للمجتمع”، معربةً عن قلقها “العميق بخصوص الطريقة التي يدبر بها وزير العدل هذه المراجعة، وعدم اطمئنانها نهائيا لسهره على الصياغة التشريعية لهذه المقترحات بما يلزم من الأمانة والاحترام للمرجعيات والضوابط، خصوصًا وأن خرجاته الأخيرة تثبت تحريفه لبعض المقتضيات وتجاوزه لاختصاصه، ومنها تجاوزه للتفويض الذي منحه العلماء لجلالة الملك، أمير المؤمنين، في مسألة نص المجلس العلمي الأعلى على أنه لا يمكن تجاوز رأي لجنة الفتوى فيها إلا بقرار من ولي الأمر باعتبار المصلحة، وهي: “عدم شرعية إدراج شرط موافقة الزوجة الأولى في التعدد”.

وفي هذا السياق أيضا، نبه الحزب، إلى أن وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، أكد أن العلماء أصدروا فتواهم وذيلوها بالتفويض لأمير المؤمنين، غير أن أمير المؤمنين لم يستعمل هذا التفويض، فيما نجد أن وزير العدل قد أعلن عن تعديل يقضي بـ”إجبارية استطلاع رأْي الزوجة أثناء تَوثيق عقد الزواج، حول اشتراطها عدم التزوج عليها من عدمه، والتنصيص على ذلك في عقد الزواج”، وكذا تصريحه غير المسؤول حول الخبرة ومختلف الشروط الموضوعة للتحايل والتماطل بخصوص الاستثناء في تحديد أهلية الزواج والذي يُحدد في 17 سنة، وهو ما يرمي إلى جعل -وفق ما صرح به- هذا الاستثناء مستحيلا”.

وفي ختام البلاغ، أكدت الأمانة العامة، للعدالة والتنمية، على أن “الحزب سيواصل عمله الذي بدأه منذ شهور عديدة للتواصل والدفاع بقوة عن تشريع يحترم المرجعية الدينية والدستورية والملكية لهذه المراجعة، ويستجيب لتطلعات المواطنات والمواطنين، ويعالج المخاوف الكبيرة التي أثارتها لديهم بعض المقترحات بالنظر لآثارها السلبية والخطيرة على تكوين واستقرار الأسرة والمجتمع”.

Share
  • Link copied
المقال التالي