عام 1989، تأسس اتحاد “المغرب العربي” بطموح صنع تكتل اقتصادي وسياسي مغاربي قوي، لكن وبعد عقود من التأسيس انتقل الاتحاد من نشاط محدود إلى توقف شبه نهائي، وإلى سبب للخلافات بين دول المنطقة.
وأحيا الخلاف بين الجزائر والأمين العام للاتحاد، الدبلوماسي التونسي، الطيب البكوش، الجدل من جديد حول التكامل الذي لم يحصل بين ليبيا وتونس والجزائر والمغرب وموريتانيا بسب الخلافات المتكررة بين الجزائر والمغرب.
ويعد نزاع الصحراء المغربية، والخلافات حوله بين المغرب والجزائر أهم عائق لإعادة تفعيل الاتحاد.
غضب جزائري من تعيين دبلوماسية مغربية
والشهر الماضي، عبرت الجزائر عن استنكارها تعيين المغربية، أمينة سلمان، ممثلة دائمة لمنظمة اتحاد المغرب العربي لدى الاتحاد الأفريقي، معتبرة قرار قبول اعتمادها “غير مسؤول وغير مقبول”، بحسب بيان الخارجية الجزائرية.
وكانت الأمانة العامة لاتحاد المغرب العربي أعلنت في بيان عبر موقعها أن رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي “استقبل يوم الخميس 13 أبريل 2023، السيدة أمينة سلمان، التي قدمت له أوراق اعتمادها كممثلة دائمة لاتحاد المغرب العربي لدى الاتحاد الأفريقي”.
واعتبرت الجزائر أن البكوش يسعى “من خلال هذا الافتراء المتكرر” إلى “خدمة أجندة البلد الذي يستضيفه” بما أن مقر الأمانة العامة لاتحاد المغرب العربي يقع في الرباط.
اتحاد بلا روح
يقول الدبلوماسي الجزائري السابق، محمد العربي زيتوت، إن مشروع الاتحاد المغربي الكبير تحول إلى مشروع “ميت”، إذ إن العلاقات بين الدول الخمسة “متوترة” خاصة بين المغرب والجزائر، والحدود مغلقة بين البلدين منذ ما يقارب 30 سنة.
ويشير زيتوت في حديث لموقع “الحرة” إلى أن الجزائر أقدمت مؤخرا على إغلاق الأجواء في وجه الطائرات المغرب. “وهو ما ينعكس سلبا على الاتحاد”.
وكانت الجزائر أعلنت في 2021 قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب بسبب “أعمال عدائية” ضدها، وذلك بعد توتر بين البلدين استمر أشهرا.
ويرى زيتوت أن “المشروع بني على أسس غير صحيحة، وبنته أنظمة لا تنبع من الإرادة الشعبية ومختلفة في توجهاتها”.
وبعض من ساهم في تأسيس الاتحاد “انتهى نهائية دموية مثل الزعيم الليبي، معمر القذافي، كما أنهت الثورة عهد زين العابدين بن علي في تونس، والانقلاب الشاذلي بن جديد في الجزائر”.
ويرجع أستاذ العلوم الدستورية المغربي، رشيد لزرق، سبب فشل الاتحاد إلى “تغليب الجزائر لرغبة الزعامة بدل التنمية”.
ويشير لزرق في حديث لموقع “الحرة” إلى أن إغلاق الحدود جاء بقرار أحادي من الجزائر التي “لم تدرك عواقب القرار الاقتصادية و الانسانية” بحسب تعبيره.
فرص ضائعة
ورغم أن تأسيسه كان لتقوية التبادل التجاري وخلق تكامل اقتصادي بين البلدان الخمسة، إلا أن البنك الدولي يشير إلى أن التبادل التجاري بين بلدان المنطقة المغاربية يقتصر على عدد قليل من السلع، خاصة الوقود والزيوت المعدنية والزيوت النباتية والآلات والحديد والصلب.
ويقول التقرير إن من شأن زيادة التجارة داخل المنطقة في السلع والخدمات أن تخلق سوقا كبيرة من شأنها أن تجعل المنطقة أكثر جاذبية للمستثمرين.
وبإمكان الاتحاد والرفع من التبادل التجاري أن يجعل المغرب الكبير أكثر قدرة على الصمود في وجه الصدمات الاقتصادية، وتقدر ورقة صندوق النقد الدولي أن النمو في البلدان المغاربية يمكن أن يزيد بنسبة نقطة مئوية واحدة على المدى الطويل نتيجة لذلك.
ودعا البنك بلدان المنطقة بالتعلم من التجارب الإقليمية في أوروبا وآسيا.
ورغم محاولات إحياءه، استبعد زيتوت في حديثه لموقع “الحرة” أن ينجح ذلك “طالما ليس هناك دول قانون ودول مدنية تسودها الديمقراطية”. بحسب تعبيره.
ومن جهته، يقول لزرق إن الاتحاد ظل “تكتلا فوقيا بيد الأنظمة، ولم ينزل على أرض الميدان في اتجاه يقوي الاعتماد المتبادل”.
ويضيف أن “الفشل يعود لكون السياسية الخارحية للأنظمة الريعية لا تقوم على أساس تنموي بل يغلب عليها الطابع الايديولوجي عوض الطابع البرغماتي و التنموي”.
وأغسطس الماضي، قال البكوش، في تصريحات صحفية إنه “راسل دول الاتحاد بشأن انتهاء ولايته وتعيين أمين عام جديد، واتهم الجزائر التي لم توجه له دعوة لحضور القمة العربية الأخيرة، بأنها “لم تدفع منذ عام 2016 اشتراكاتها” في الاتحاد المغاربي.
والأربعاء، ردت الجزائر على البكوش عبر متحدث باسم الخارجية بأنها “ستبقى متمسكة بإرادتها القوية في إصلاح مسار بناء الاتحاد المغاربي وتحقيق التطلعات المشروعة لشعوبه التواقة إلى تنشيط العمل المغاربي على أُسس واضحة وجامعة ومن دون أية شروط مسبقة”.
ولطالما ساد التوتر العلاقات بين الجزائر والمغرب، خصوصا على خلفية ملف الصحراء المغربية، التي تطالب الجزائر بانفصالها.
(عن الحرّة بتصرف)
تعليقات الزوار ( 0 )