Share
  • Link copied

الانتخابات التشريعية بالمغرب 2021: المحددات والسيناريوهات

برغم من الظروف الاستثنائية، وفي ظل تفشي وبائي عطل الحياة الطبيعية أتخد المغرب قراره بإجراء الانتخابات التشريعية بتاريخ 8 سبتمبر، وحرصت الدولة على الالتزام بالآجال الدستورية للانتخابات، التي ستشهد تجديد كافة المؤسسات المنتخبة وطنية ومحلية والجهوية، من مجالس جماعية ومجالس إقليمية ومجالس جهوية، إضافة إلى انتخابات مجلسي البرلمان (النواب والمستشارين). وبلغ عدد الأحزاب السياسية المشاركة في هذه الانتخابات حوالي 32 حزبا سياسا ستتنافس على أصوات أزيد من 17 مليونا و983 ألفا و490 شخصا المسجلين باللوائح الانتخابية. ويُمثل الذكور نسبة 54 % من مجموع المُسجلين باللوائح الانتخابية، فيما تشكل النساء 46%، في حين أن هؤلاء يتوزعون بين الوسط الحضري والقروي، وتشكل الفئة العمرية ما بين 18 و24 عاما 8 %، في حين الفئة ما بين 25 – 34 عاماً 19%، ثم الفئة ما بين 35 و44 عاماً، فتشكل 21 %.

آفــــــــــــــاق العملية الانتخابية بالمغـــــــــــــــــرب:

إذا كان من الصعب التنبؤ بآفاق العملية الانتخابية ونتائجها المستقبلية، إلا أنه يمكن الاعتماد عن بعض المؤشرات المسجلة أبرزها:

• الرغبة في تجديد الطبقة السياسية الحالية، هذا التغير تفرضه طبيعة التحديات الداخلية والخارجية التي يعرفها المغرب وأبرزها بروز نخبة سياسية جديدة تتناسب والرهانات المطروحة من قبيل تنزيل المحاور الكبرى للنماذج التنموي الجديد والقدرة على تجاوز التبعات الاقتصادية والاجتماعية والصحية التي فرضتها جائحة كورونا.

• تصدر حزب “التجمع الوطني للأحرار” نتائج الانتخابات المهنية الأخيرة، بحصوله على 638 مقعدا أي بمعدل (28.61 بالمائة من مجموع المقاعد)، بينما حل حزب “العدالة والتنمية” فى المرتبة الثامنة، بعد جميع الأحزاب الكبيرة وفشل الاتحاد الوطني للشغل، الذراع النقابي لحزب العدالة والتنمية، في تخطي العتبة القانونية (6%)، ما يعني حرمان نقابة الحزب من المشاركة في جلسات الحوار الاجتماعي المقبلة وفقدان نقابة الحزب صفة الأكثر تمثيلية. وحتى لو لم تكن نتائج الانتخابات المهنية مؤشراً على نظيرتها التشريعية والجماعية والجهوية، فإنها بمثابة قياس لاتجاهات الرأي العام وتوجهات الناخبين.

• تراجع الكبير في شعبية الحزب العدالة والتنمية، على ضوء الانتقادات العديدة التي توجه لأدائه وسياساته الحكومية في التعامل مع بعض الملفات والقضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية والصحية، من قبيل إقرار مشروع قانون تقنين القنب الهندي فضلاً عن محاولاته وضع عقبات أمام تفعيل قانون “القاسم الانتخابي” خلال المناقشات البرلمانية، وإخفاق الحزب في تنفيذ وتنزيل برامجه الاجتماعية التي هي أساس مشروعه السياسي، وفشله في تنفيذ تعهداته الخاصة بمحاربة الفساد وغيرها من الوعود الانتخابية التي قدمها ابان الحملة الانتخابية لسنة 2016.

• إقرار “القاسم الانتخابي” خلال تعديلات المدخلة على القوانين المؤطرة للانتخابات بلا شك سيشكل أحد العراقيل التي يواجهها الحزب العدالة والتنمية، لكونه يعمل على حساب عدد المقاعد عن كل دائرة انتخابية على أساس أصوات الناخبين المسجلين حتى غير المصوتين منهم في هذه الانتخابات، وليس على أساس عدد الأصوات الصحيحة كما كان الأمر من قبل، مما يعنى أن العدالة والتنمية أكبر الخاسرين من هذا الاجراء التقني لكونه سيخسر عدد مهم من المقاعد البرلمانية.

• العودة القوية للأكبر أحزاب المعارضة الأصالة والمعاصرة الذي يستعد لخوض غمار الاستحقاقات الانتخابية، ويطمح لتصدر نتائجها حيث تمكن الحزب من تحقيق انتصار تنظيمي من خلال تغطيته التي بلغت نسبة 100 في 100 لمختلف الدوائر الانتخابية وبحصوله على المرتبة الثانية في الانتخابات التشريعية عام 2016، بعدد مقاعد وصل إلى 102. سيحافظ حزب “الأصالة والمعاصرة”، على نفس الأشخاص مع استقطاب مرشحين مخضرمين من أحزاب سياسية أخري أو التي تترشح للأول مره باسم الحزب.

• من جهته يعرف حزب الاستقلال ثاني أحزاب المعارضة ديناميكية كبيرة متواصلة، ويطمح الحزب الذي خرج للمعارضة منتصف ولاية الحكومة (2011 – 2016) لحصد أصوات عدد كبير من الناخبين لا سيما بعد النتائج الإيجابية التي حققها الحزب خلال الانتخابات المهنية الأخيرة، رغم الضربة التنظيمية التي تلقها الحزب من خلال إعلان أمينه العام السابق ترشح باسم حزب أخر مما فجر معه انقسامات داخلية خاصة على مستوى الحصن التاريخي لحزب الاستقلال بمدينة فاس.

السيناريوهــــــــــــــــات المحتملة للانتخابات التشريعية ونتائجها:

يمكِن تلمس ثلاثة سيناريوهات محتملة للانتخابات ونتائجها في ظل الاتجاهات السياسية الحالية:

السيناريو الأول فوز حزب التجمع الوطني للأحرار:

ويعد هذا السيناريو الأكثر ترجيحاً، بسبب قدرات الحزب التنظيمية والمالية التي تمكنه من التواصل الواسع عبر التراب الوطني وقدرته على تغطية الشاملة لمختلف الدوائر الانتخابية، وختار الحزب نهج سياسة تواصلية خلال السنوات الأخيرة من خلال إطلاق مجموعة من المبادرات ولعل أبرزها برنامج ( 100يوم، 100 مدينة) هو برنامج أطلقه حزب التجمع الوطني للأحرار بغرض الاستماع إلى آراء واقتراحات ساكنة المدن، خاصة الصغرى والمتوسطة ، والتحاق مجموعة من البرلمانيين ورؤساء الجماعات ومجالس الإقليمية … بالحزب مما يعزز من إمكانية تحقيق نتائج ملموسة يعزز بشكل كبير من فرص فوزه وتصدر نتائج الاقتراع خاصة تشريعية منها وإبعاد العدالة والتنمية عن الولاية الثالثة، وهو هدف خطط له من طرف الحزب خلال السنوات الخمس الماضية في ظل تراجع الكبير لشعبية حزب العدالة والتنمية.

السيناريو الثاني: الاتجاه نحو فوز العدالة والتنمية للمرة الثالثة

ويعد هذا السيناريو الأقل ترجيحاً، فوزا حزب العدالة والتنمية بالولاية الثالثة وتصدر نتائج الانتخابات التشريعية في حالة عدم اعتماد وقراءة نتائج الانتخابات المهنية ، مستغلا في ذلك أهم المميزات التي أمتاز بها الحزب التي ساعدته في الاستحقاقات السابقة، كونه يتمتع بقاعدة انتخابية تتميز بخاصية الاستقرار والوفاء خاصة بالمدن الكبرى، ويعول الحزب خلال الانتخابات القادمة على القوة التي يمتلكها، ممثلة في تواصله المستمر والدائم مع المواطنين وقوته الداخلية في الترابط بين أعضائه لخدمة مشروعه رغم الهزات التنظيمية التي عرفها الحزب خاصة بعد استقالة أمينه العام السابق عبد الإله بنكيران احتجاجا على تبني الحكومة مشروع قانون لتقنين زراعة القنب الهندي.

فحزب “العدالة والتنمية” فقد لوهجه الانتخابي جراء تأثره بالتدبير السياسي للشأن الحكومي على امتداد 10 سنوات تخد خلالها إجراءات اعتبرها البعد تراجعا عن الالتزامات والتعهدات التي قطعها الحزب خلال الاستحقاقات الانتخابية السابقة وتوسيع دائرة الانتقادات للسياسة الحكومية التي يقودها حزب العدالة والتنمية، وبما عاشه من أزمة داخلية ضربت في العمق الديمقراطية الداخلية التي شكلت أهم مميزات الحزب خلال السنوات الماضية (رحيل عديد من أعضاء الحزب نحو أحزاب أخرى، تولي الاستقالات الجماعية، تجميد العضوية، تراجع العديد من رموز وقيادات الحزب للترشح للاستحقاقات الانتخابية، تصاعد الأصوات الداخلية بتجاوز قيادة وأمانته العامة للحزب للمساطر الداخلية لمنح التزكيات…)، كلها عوامل ستجعل من تصدر حزب العدالة والتنمية للتشريعيات المقبلة صعبه ولكن ليست بالمستحيلة.

السيناريو الثالث: فوز أحزاب المعارضة:

يملك حزب الأصالة والمعاصرة كأحد أكبر الأحزاب المعارضة حظوظا كبيرة للفوز بالمرتبة الأولى وطنيا، ترجع مصادر قوة حزب الأصالة والمعاصرة في تزكيته للأعيان ورجال الأعمال و ضم عدد كبير من أعيان البوادي والقرى التي تشكل خزانا انتخابيا مهما، كما عمل الحزب على استقطاب عشرات البرلمانيين ورؤساء الجماعات ومستشارين من أحزاب أخرى، باعتبار حزب الاصالة والمعاصرة الوجهة الثانية المفضلة في ظاهرة “الترحال السياسي” بعد حزب التجمع الوطني للأحرار ، وقدرته على تغطية كافة الدوائر الانتخابية.

باحث بسلك الدكتوراه في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بكلية الحقوق اكدال الرباط
إطار بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي

Share
  • Link copied
المقال التالي