شارك المقال
  • تم النسخ

الاحتلال الإسرائيلي يستعد للاستيلاء على مواقع مقدسة مسيحية بمدينة القدس

كشفت صحيفة The Times of Israel الإسرائيلية، الأحد 20 فبراير/شباط 2022، أن المسؤولين الإسرائيليين يستعدون لتطوير مشروع غير مسبوق لتوسيع حديقة على أراضٍ مملوكة للكنيسة المسيحية ومواقع مقدسة مسيحية في مدينة القدس المحتلة، الأمر الذي أثار معارضة شرسة وانتقادات واسعة من القادة المسيحيين الفلسطينيين.

بحسب الصحيفة، لن تقتصر هذه الخطوة على نزع الحيازة من ملاك هذه الأراضي، بل ستُعطي الحكومة الإسرائيلية سلطةً على أراضي الفلسطينيين وأراضي الكنيسة والمواقع الدينية.

تهديد الوجود المسيحي

بينما وصف كبار مسؤولي الكنيسة والمجموعات الحقوقية هذا الإجراء بأنه “استيلاء بوضع اليد”، مشدّدين على أن تلك الخطوة تعد تهديداً للوجود المسيحي في الأراضي المقدسة.

فيما يُسلط معارضو المشروع الإسرائيلي الضوء على العلاقات التي تربط الهيئة الحكومية القائمة على المشروع بالجماعات القومية التي تعمل على ترسيخ الوجود اليهودي في مناطق القدس الشرقية المتنازع عليها، بما فيها حي الشيخ جراح. وتعتقد المجموعات الحقوقية أن التوسعة المُخطط لها هي جزء من استراتيجية قوية أكبر تهدف لـ”تطويق” البلدة القديمة بالقدس، من خلال السيطرة على المناطق الملاصقة للقدس الشرقية المحتلة.

حيث ترمي هذه الخطة إلى توسعة حدود حديقة “أسوار القدس الوطنية” لتشمل جزءاً كبيراً من منطقة جبل الزيتون وأجزاء أخرى في واديي كيدرون وبن هنوم.

من المقرر أن تُطرح خطة المشروع على لجنة التخطيط والبناء المحلية التابعة لبلدية القدس يوم 2 مارس/آذار المقبل من أجل الحصول على موافقة مبدئية. وكانت الجلسة ستُعقد في الأصل يوم 10 أبريل/نيسان (أحد الشعانين، وهو الأحد الأخير قبل عيد الفصح) قبل أن يُعدّل الموعد.

مشروع التلفريك المثير للجدل

كما سيضمن توسيع حديقة “أسوار القدس” إمكانية تنفيذ مشروعاتٍ فوق ممتلكات الكنيسة في جبل الزيتون، مثل مشروع التلفريك المثير للجدل. وكانت خطة مشروع نقل الركاب بين القدس الشرقية والغربية قد أوقفت أواخر العام الماضي بسبب معارضة وزيرة النقل ميراف ميخائيلي، رئيسة حزب العمل اليساري.

إذ يؤكد الناقدون أن مشروع التلفريك سيحوّل المناطق التاريخية الثمينة في القدس المحتلة إلى حديقة ألعاب، وأن الفلسطينيين يرون المشروع محاولة إسرائيلية لفرض مزيد من سلطتها خارج الخط الأخضر.

من جانبها، قالت هيئة الطبيعة والحدائق الإسرائيلية، الداعمة للمشروع، إن “خطة التوسع مُصممة لترميم الأراضي المهجورة منذ وقتٍ طويل وحفظ الأراضي التاريخية بشكلٍ أفضل، وإن التوسع لن يضر ممتلكات الكنيسة الموجودة داخل الحديقة الوطنية”، على حد زعمها.

تخفيف حدة التوترات

في غضون ذلك، اطّلع وفد زائر من الديمقراطيين في مجلس النواب الأمريكي على هذه القضية قبل أن يعرب عن قلقه إزاء المشروع لرئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت، وذلك أثناء اجتماع انعقد يوم الخميس 17 فبراير/شباط.

غير أن بينيت لم يبدُ على علم بالخطة التي لم تكن مُعلنة بعد، لكنه أخبر المشرعين الأمريكيين أنه يفعل كل ما بوسعه لتخفيف حدة التوترات في القدس المحتلة، ومنع المُضي في إجراءات يمكن أن تُشعل أعمال عنف جديدة، بحسب ما أفاد به مصدران من الكونغرس لصحيفة The Times of Israel.

بدورهم، أرسل قادة الكنيسة- الذين يؤكدون أن مجتمعاتهم مهددة من قِبل الجماعات الإسرائيلية المتطرفة- خطاباً إلى القنصليات العامة في القدس لكل من فرنسا وتركيا وإيطاليا واليونان وإسبانيا والمملكة المتحدة وبلجيكا والسويد، من أجل الحصول على دعم دولي لمعارضتهم.

في المقابل، ذكرت متحدثة باسم هيئة الطبيعة والحدائق الإسرائيلية أن الهيئة تأمل في التواصل مع كل قادة الكنيسة قبل اجتماع لجنة التخطيط في الشهر القادم، وذلك للتحاور في المسألة.

لكنها أصرت على أن “المخطط لن يضر بالكنائس، وأنه مُصمم لحماية الأراضي التاريخية، وهو صميم عمل الحدائق الوطنية”، بحسب قولها.

إلا أن قادة الكنائس غير مقتنعين بالمزاعم الإسرائيلية، ويرون أن تلك الخطوة ستزيد حدة النقاش المحتدم بالفعل بينهم وبين السلطات الإسرائيلية.

المرحلة الثانية

كانت حديقة “أسوار القدس الوطنية” قد افتتحت في السبعينيات عندما شرعت الحكومة في رسم حدود المشروع، إلا أنها تجنبت بحرص إدخال أغلب مناطق جبل الزيتون حيث تتواجد عشرات المواقع المسيحية التاريخية المقدسة، ومنها دير الراهبات بريدجيتين وكنيسة ويري الجليلي مغارة جثسيماني وحديقة الرسل.

لاحقاً، نظرت السلطات الإسرائيلية في خطة “المرحلة الثانية” لتوسعة الحديقة الوطنية، لكنها رفضتها في النهاية نظراً لحساسية الأراضي التي تسعى لضمها.

فيما عادت المرحلة الثانية إلى قائمة ملفات الأعمال بعد ما يقرب من 5 عقود.

وادعت المتحدثة باسم هيئة الطبيعة والحدائق أن هدف المشروع هو إصلاح الأراضي “التي هُجرت لسنوات وتعرضت لأعمال التخريب والحرائق المتعمدة” في وادي ابن هنوم، مؤكدة أن “إعلان تحويل بعض المناطق إلى حدائق وطنية سمح بتنفيذ مشروعات تهدف لتجميل تلك المناطق”.

كما أضافت: “ندير ضمن الأنشطة التي نعمل بها، مشروعاً مشتركاً مع مؤسسة مدينة داوود (خارج أسوار المدينة القديمة) حيث تعمل المدارس والشباب وغيرهم على تنظيف وإصلاح المدرجات وزراعة الأشجار. وتتحدث نتيجة تلك المشاريع عن نفسها؛ صارت المناطق المهجورة فاتنة وتخدم أولاً وأخيراً مواطنيها”.

لكن تدخل مؤسسة مدينة داوود غير الربحية هو ما يخشاه منتقدو المشروع أكثر من أي شيء آخر، نظراً لأسلوب عملها المزعوم.

في هذا الإطار، أوضح بيان مشترك لمنظمات “بيمكوم”، “عيمق شافيه”، “عير عميم” و”سلام الآن” اليسارية أن “هناك صلة مباشرة بين ما يحدث في الشيخ جراح وخطة التوسع”.

عن عربي بوست

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي