أطلقت مدرسة الهندسة المعمارية للدار البيضاء EAC والمعهد الفرنسي للدار البيضاء وجمعية فضاء محمد عبدو في ماي الماضي مشروعا يحمل اسم “أكثر من رابط بسيط” ودعوة لتقديم الأفكار من أجل إعادة إنشاء الرابط التاريخي بين حي النخيل وحديقة جامعة الدول العربية، باعتبارهم شركاء منخرطين في تطوير العاصمة الاقتصادية.
وذكر بلاغ مشترك أن هذا المشروع يروم تطوير ممر للمشاة يشكل صلة وصل جديدة وأنيقة بين شارع الزرقطوني وساحة محمد عبدو ثم حديقة جامعة الدول العربية. ويدعو هذا المشروع إلى المشاركة في تقديم أفكار واقتراحات تخص إنشاء جسر عبور للمشاة يمتد فوق الشارع ويلعب دورا مهما في تحسين الحياة الحضرية للبيضاويين ويخلق حرية الحركة بالنسبة للمشاة وراكبي الدراجات، مما يجعل منه “أكثر من رابط بسيط”.
وتحقيقا لهذه الغاية، ينبغي على المشاركين إطلاق العنان لخيالهم وإبداعاتهم من أجل استكمال هذا المشروع على أفضل وجه، وذلك من خلال تلبية مجموعة من المعايير التي تم تحديدها، بما فيها الخاصية الوظيفية والإبداعية والجمالية للتصميم والقيمة المضافة (استخدامات متعددة تراعي جميع الفئات المجتمعية، الخ.)
واستجابة لهذه الدعوة، تم استقبال ثمانية مشاريع في فئة “المهنيين” و16 مشروعا في فئة “التلاميذ”. وسيتم عرض هذه المشاريع بالمعهد الفرنسي للدار البيضاء إلى غاية 31 أكتوبر 2021.
وبالنظر لما تتسم به المدينة الآخذة في النمو من تعقيد، فإن الحفاظ على تراثها المعماري يشكل تحديا حقيقيا من أجل صقل هويتها الحضرية. وهو ما أدركته مدرسة الهندسة المعمارية للدار البيضاء، لتؤكد نفسها بشكل كامل كمكان محفز لإدراك أهمية القضايا المتعلقة بالمدينة ولنشر ثقافة الجودة الحضرية. وعلى هذا النحو، فإنها تشارك بكل طاقتها من أجل إنجاح هذا المشروع المبتكر الذي يشجع شباب مدينة الدار البيضاء على الانخراط والمشاركة في تطوير مدينتهم.
وقال السيد عبد المومن بن عبد الجليل إن “هذا المشروع يرسخ مدى التزام مدرسة الهندسة المعمارية بتطوير مدينة الدار البيضاء ويذكرنا بأن إشعاع مدينتنا ممكن بفضل هذا النوع من المبادرات المواطنة والملتزمة، حيث من المهم أن يمسك السكان بزمام أمور مدينتهم لخلق حياة يومية مناسبة، وكذا تسهيل عملية التنقل من خلال تحسين الربط بين الأحياء”.
وعلى هذا الأساس، اجتمعت لجنة مكونة من خبراء وسكان الحي يوم 15 يوليوز الجاري تضم كلا من:
– إلياس علمي أفيلال، رئيس مبادرة “Beaux-arts Solidarité Maroc”
– هشام لحلو، مصمم ومهندس داخلي
– حسن دبشي، مستشار لدى مجلس الحكومة
– لمياء أوشباب، مهندسة معمارية DENA
– سهام الخدو، مديرة دار منطقة أوسيتاني
– ماريا العراقي، رئيسة جمعية هندسة المناظر الطبيعية بالمغرب
– عبد المومن بن عبد الجليل، المؤسس المشارك ورئيس مدرسة الهندسة المعمارية للدار البيضاء
واختارت اللجنة مجموعة من الفائزين في الفئات التالية:
فئة “الطلاب”:
– الجائزة الأولى: زينب بوعلام ومحمد أمين فاضلي (بقيمة 25 ألف درهم)
– الجائزة الثانية: إيمان مزيودي (بقيمة 15 ألف درهم)
– الجائزة الثالثة: ياسين لزرق وأمين الوتيب (بقيمة عشرة آلاف درهم)
فئة “المهنيين”:
– مشروع حائز على جائزة: المهدي بلياسمين
– تنويه لجنة التحكيم: يوسف بركة وحمزة فصلي
لماذا إنشاء جسر عبور للمشاة؟
في البداية، كانت ساحة محمد عبدو جزءا لا يتجزأ من حديقة جامعة الدول العربية، وكان الأمر كذلك منذ وقت مبكر حسب تخطيط هنري سنة 1917. ويظهر ذلك فيما يسمى بإنشاء “الحديقة الكبيرة”، والذي يتواجد وفق التخطيط على طريق واد بوسكورة ويربط بين وسط مدينة الدار البيضاء وحي النخيل وفق خط مستمر من العنصر النباتي عالي الجودة من أجل السكان.
وبمرور الوقت، أدى تزايد حركة السير إلى كسر هذه الاستمرارية النباتية، خصوصا بعد إنشاء نفق تحت أرضي أعاق حركة المشاة بشارع الزرقطوني وفصل الرابط بين حي النخيل وحديقة جامعة الدول العربية ووسط المدينة، ليصبحوا اليوم منفصلين عن بعضهم البعض.
واليوم، فإن افتتاح منتزه جامعة الدول العربية بعد تجديده أعاد نفسا جديدا للمدينة وخلق مساحة خضراء كبيرة في قلب الدار البيضاء. وهو ما يجعل فكرة إعادة هذا الترابط الحضري بديهية وواضحة أكثر.
ويشرح السيد عبد المومن بن عبد الجليل، المؤسس المشارك ورئيس مدرسة الهندسة المعمارية للدار البيضاء أن “الممرات موجودة منذ سنوات، لكنها اليوم أصبحت أكثر من مجرد ابتكارات معمارية بل باتت تمثل عنصرا أساسيا لثورة جديدة من الترابط الحضري والاجتماعي”.
وتأسست مدرسة الهندسة المعمارية للدار البيضاء سنة 2004 من قبل مهندسين معماريين مشهورين. وهي مدرسة خاصة بالهندسة المعمارية وهندسة المناظر الطبيعية، معترف بها من قبل الدولة وتدخل ضمن أعضاء “Honoris Unites Universities”، أول شبكة للتعليم العالي الخاص بإفريقيا، تضم 14 مؤسسة تعليمية و57 ألف طالب في عشر دول 32 مدينة.
وتقدم مدرسة الهندسة المعمارية للدار البيضاء تكوينا في الشعب التالية: الهندسة المعمارية وهندسة المناظر الطبيعية. ولقد سعت منذ تأسيسها إلى خلق بيئة مناسبة تجمع فيها مختلف النظم الإيكولوجية التي تدعم الأفكار والثقافة المعمارية والحضرية في كل من العالم الأكاديمي والمهني والجمعوي والإعلامي.
أما جمعية فضاء محمد عبدو، فتأسست سنة 2003 من قبل ساكنة محمد عبدو، وتضم بين أعضائها: الإقامات السكنية والمحلات التجارية والشركات والمهن الحرة والمؤسسات سواء المستقرة بجانب الحديقة أو التي تزاول عملها هناك.
وتهدف هذه الجمعية إلى الحفاظ على سلامة الحديقة وضمان تطويرها وصيانتها وفقا لنموذج مشاركة مواطنة، باعتبارها متنفسا حقيقيا للبيضاويين (هواء نقي، مساحات خضراء، الخ.). وتتواجد هذه المساحات الخضراء بحي النخيل، يحدها من جهة الشرق والغرب شارع محمد عبدو ومن جهة الشمال شارع الزرقطوني ومن جهة الجنوب شارع 9 أبريل. وتشكل هذه الحديقة الجزء الجنوبي الأخير من حديقة جامعة الدول العربية.
أما المعهد الفرنسي للدار البيضاء فهو مؤسسة ثقافية ومركز لغات مهم يدخل ضمن خدمة التعاون والعمل الثقافي التي تقدمه السفارة الفرنسية بالمغرب. وتتمثل مهمة المعهد في نشر وتعزيز اللغة والثقافة الفرنسية من خلال مجموعة من الأفكار والأعمال الثقافية.
والجدير بالذكر أن مدير المعهد، السيد مارتن شينوت، هو نفسه مهندس معماري ولقد نقل إلى حد كبير مبدأ هذا الارتباط الحضري، فمن خلال إعادة ربط الأحياء التي يفصلها اليوم شارع الزرقطوني، سيتم تحسين حياة الساكنة وسيستعيدون متعة العيش بالمدينة.
تعليقات الزوار ( 0 )