خَيَّبت نتائج الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء الإسباني، بيدرو سانشيز، ضمن جولته الإفريقية المصغرة الأسبوع الماضي، والتي زار خلالها أنغولا والسنغال، آمال حكام جزر الكناري، بعد أن فشل سانشيز في إقناع رئيس السنغال، ماكي سال باستئناف ديناميكيات ترحيل المهاجرين غير الشرعيين من جزر الأرخبيل إلى دكار.
وكانت زيارة رئيس الحكومة الإسبانية إلى داكار محبطة بالنسبة لكل التوقعات المفتوحة، وذلك بعد أن رفض رئيس السنغال، ماكي سال، تحمل الالتزامات الصريحة والرسمية باستئناف عودة مواطنيه من جزر الكناري، حيث تم تعليق عدد من الرحلات، وفي عدد من المناسبات في الأشهر الأخيرة.
وذكرت عدد من الصحف المحلية في جزر الكناري، أنه على الرغم من معالجة مشكلة الهجرة في المحادثة الثنائية بين سانشيز وسال، وما أبدته داكار من استعداد للتعاون في مكافحة الهجرة غير النظامية إلى إسبانيا كما أشارت إلى ذلك الاتفاقيات الموقعة، إلا أنه لم تتم الإشارة إلى ترحيل المهاجرين، لاسيما بعد ما بات يعرف بـأزمة “الكايوكو” عام 2006.
فشل ترحيل المهاجرين.. في مقابل نجاح “الهجرة الدائرية”
وقالت المصادر ذاتها، إنه على الرغم من حقيقة أن سانشيز أكد السبت الماضي أن هذه الرحلة والمعاهدات المتفق عليها مع السنغال للترويج لـ”الهجرة الدائرية” يمكن أن تكون “نقطة تحول” في التعاون ضد الهجرة غير النظامية، إلا أن الحقيقة تعكس أن الهدف المنشود من الزيارة لم يتحقق.
وبهذه الطريقة، فإن التقييم العام الذي تم إجراؤه في الجزر حول نتيجة الزيارة هو أنه في الوقت الحالي لن يكون هناك ترحيل للسنغاليين إلى بلدانهم، وأن موقف حكومة سال ينقل بالضبط رسالة مخالفة للاتجاه الذي كان مقصودًا، وأن العديد من مواطني السنغال سيستنتجون أنه لا خطر في إعادة ترحيلهم إلى أوطانهم.
وخلال سنة 2020، شكّل السنغاليون 20 في المائة من الوافدين غير النظاميين عن طريق البحر إلى جزر الكناري، وذلك بمعدل 5540 مهاجر، متقدمين على الماليين أو الإيفواريين أو الغينيين، وخلف المغاربة، بنسبة 52 في المائة من العدد الإجمالي للمهاجرين.
وكانت فكرة رئيس الحكومة الإسباني، بيدرو سانشيز هي التوقيع على نوع من المستندات التي تسمح باستئناف رحلات العودة، حتى لو كانت بأعداد صغيرة، وذلك في رسالة إلى المافيات التي تتاجر في المهاجرين، والسنغاليين أنفسهم الذين كانوا يفكرون في أخذ القوارب أو “الكايكو” أو “الباتيرا”.
ويدرك رئيس السنغال، أن عمليات الترحيل هذه لا تحظى بشعبية كبيرة بين مواطني البلد، الذين يرون كيف خاطر آلاف المواطنين بحياتهم وخصصوا الكثير من الأموال لمحاولة الوصول إلى جزر الكناري والسعي إلى حياة أفضل في إسبانيا أو في بلدان أوروبية أخرى.
ومن هذا المنظور، ترى الحكومة الإسبانية أنه على الرغم من عدم إنهاء هذا الالتزام مع سال، فإن الرحلات الجوية لترحيل السنغاليين يمكن أن تعود في وقت ما، وإن كان بالتأكيد بطريقة سرية، ومع ذلك، فإن هذه السلطة التقديرية التي تريدها الحكومة السنغالية من شأنها أن تقلل من فعالية الرسالة التي تعتزم إسبانيا إيصالها حول عدم جدوى الرحلة الخطرة لأن الغالبية العظمى من الذين يفعلون ذلك ينتهي بهم الأمر إلى بلادهم.
“القمة المشتركة” وفشل الدبلوماسية سانشيز
من جانب آخر، انتقدت بعض القطاعات إدارة الحكومة المركزية لأزمة الهجرة، وفشل إسبانية الدبلوماسي لعدم قدرتها على التوصل إلى عقد القمة الثنائية رفيعة المستوى مع الرباط، حيث تنضاف هذه الانتكاسة الجديدة إلى عدم إحراز تقدم في العلاقات مع المغرب الذي ينطلق منه أكثر من نصف المهاجرين الذين يصلون إلى جزر الكناري عبر القوارب.
وأكد الائتلاف الكناري، أن عدم التوصل إلى تحديد تاريخ من أجل عقد قمة ثنائية رفيعة المستوى بين الرباط ومدريد يبرهن بشكل قاطع على “هو فشل آخر للسياسة الخارجية للاشتراكيين”، مشيرا إلى أنه وإلى” يومنا هذا لا يوجد موعد لمقابلة سانشيز مع الملك محمد السادس، وهو أمر ضروري لوقف تدفق المهاجرين غير الشرعيين من المغرب”.
كما أشارت الأحزاب ذاتها، إلى أن هناك العديد من رحلات العودة للمغاربة التي تم إلغاؤها، وأن التقرير الأخير يعترف بأن “معظم أوامر الإعادة والطرد لا يتم تنفيذها بسبب العوائق البيروقراطية التي لا نهاية لها والمقاومة من البلدان الأصلية، ونوايا الرباط للاحتفاظ بهم في جزر الكناري إلى أجل غير مسمى”.
المغرب البلد “المفتاح” في معركة الهجرة
ويؤكد النائب في الكونغرس الإسباني، بيدرو كيفيدو، أن “المفتاح” في المعركة الكاملة ضد الهجرة غير النظامية هو المغرب، وأن “سانشيز لم يحقق هدف استئناف عمليات ترحيل المهاجرين، ونحن نفهم أنه لا يمكن تحقيق كل شيء، لكن هذا يدل على أن التواجد في هذه البلدان يجب أن يكون جزءًا أساسيًا من السياسة الدولية الإسبانية ودبلوماسيتها”.
وأشار المتحدث ذاته إلى أنه “من الجيد اتباع سياسة الاستمرارية هذه مع السنغال، مع ضرور بذل كل الجهود في البلدان التي يكون فيها مفتاح هذه المشكلة، وخاصة المغرب”.
بدوره، أكد النائب الوطني هيكتور غوميز، أن هذه هي الزيارة الأولى التي يخطط لها سانشيز إلى القارة الأفريقية في الأشهر المقبلة لتعزيز اتفاقيات التعاون ومكافحة الهجرة غير النظامية، وذلك مع السنغال “سوف يواصل الحديث والتفاوض في هذا المجال “، مذكّرًا أنه “من بين أكثر من 29000 مهاجر وصلوا منذ يناير 2020، بقي 4700 فقط في جزر الكناري”.
تعليقات الزوار ( 0 )