شارك المقال
  • تم النسخ

“الإجهاد المائي” بالمغرب.. استمرار الحرارة المفرطة يهدد بتبخّر ما تبقى من المياه في السّدود

تسببت الحرارة المفرطة التي شهدها المغرب طوال الأشهر الماضية، في تبخّر ملايين الأمتار المكعّبة من المياه، خلال فترة لا تتجاوز الـ 90 يوماً.

ويعاني المغرب من “إجهاد مائي” غير مسبوق، حيث تراجعت مستويات ملء السدود بشكل كبير، بفعل الحرارة المرتفعة، التي سجلت في مختلف أنحاء البلاد.

وأعلنت وزارة التجهيز والماء، الجمعة، أن نسبة ملء السدود بلغت 27.45 في المئة، بإجمالي يقدر بأربعة مليارات و425 مليون متر مكعب، علما أنها بلغت نهاية ماي الماضي 32.52 في المائة، بإجمالي 5 مليارات و246 مليون متر مكعب.

وتراجعت نسبة ملء السدود، بناء على أرقام الوزارة بحوالي 5 درجات مئوية، في ظرف ثلاثة أشهر، وهو ما يعني أن ما يقارب 821 مليون متر مكعب، قد تبخّر.

ويعاني المغرب هذا العام جفافا حادا تسبَّب خصوصا في تراجع نتاج القطاع الزراعي، الأساسي للنمو الاقتصادي. وأدى ذلك، بالإضافة إلى تداعيات الحرب في أوكرانيا، إلى تراجع توقعات النمو لهذا العام إلى 0,8 بالمئة فقط، وفق المصرف المركزي.

يقول الخبير البيئي، حكيم الفيلالي، إن ارتفاع درجة الحرارة ساهم في تعميق أزمة الموارد المائية، خاصة في البيئات شبه الجافة.

ويشير الخبير في حديث لموقع “الحرة” إلى أنه “من خلال تزايد كميات المياه المتبخِّرة من المسطحات المياه العذبة (السدود، البحيرات، الأنهار…)، في إطار عملية تندرج ضمن ما يسمى بالدورة المائية (تبخر- تكاثف – تساقط..)، انخفضت كمية المياه”.

ويقول الفيلالي إن ارتفاع درجات الحرارة أدى إلى “زيادة ظاهرة التبخر، مما ساهم بشكل كبير في تلف العديد من الشجيرات والمحاصيل الزراعية”.

“إجهاد مائي”

ويعاني المغرب جفافا يعد الأسوأ منذ نحو 40 عاما ويثير مخاوف من أزمة مياه، بسبب التغير المناخي وفي ظل تأخر إنجاز مشاريع تطمح إلى تدبير أفضل للموارد المائية.

ويقدر العجز المسجل في مخزون مياه السدود منذ سبتمبر، بحوالي 89 في المئة مقارنة مع المعدل السنوي، بحسب معطيات رسمية.

وذكرت تقارير عدة في الأعوام الأخيرة أن المغرب هو بين البلدان المهددة بشحّ المياه بسبب التقلبات المناخية. وتراجعت حصة الفرد من المياه في المملكة من حوالي 2600 متر مكعب خلال الستينيات إلى قرابة 606 أمتار حاليا، وهو المستوى القريب من معدل شحّ المياه المحدّد بـ 500 متر مكعب للفرد.

تقول الباحثة المتخصصة في الهندسة البيئية والتنمية، أميمة خليل الفن، لموقع “الحرة”، إن المغرب دخل مرحلة “الإجهاد المائي”، وتناقصت حصة الفرد من المياه ليصبح ضعيفا جدا مقارنة بالحصة العالمية.

وتُرجع الباحثة الوضع الحالي إلى التغير المناخي والجفاف، وتضيف أن ذلك يعود أيضا إلى “ضعف في الهيكل المائي المغربي وضعف في التدبير”.

وتشير الباحثة إلى أن المغرب يعتمد بشكل كبير على المياه المخزنة في السدود، و”كان رائدا في ذلك، لكن أكبر مشاكل هذه السياسة هو التبخر، لأن هذه السدود غير مغطاة ما يعرضها للتبخر جراء درجة الحرارة الكبيرة”.

وترى الباحثة أن الحل يمكن في التوجه نحو حلول مبتكرة أخرى غير السدود، والاستثمار في الهيكل المائي وتجنب إهدار المياه.

وتعول المملكة على الخصوص على تحلية مياه البحر لتدارك العجز الكبير في المياه، سواء المخصّصة للزراعة أو الاستعمال الحضري.

وأنشأت المملكة 12 محطة تحلية بطاقة إجمالية تبلغ 179.3 مليون متر مكعب سنويا، تخصص 47 في المئة منها للشرب و25 في المئة للزراعة، و27 في المئة للاستخدام الصناعي، بحسب بيانات وزارة التجهيز والمياه.

كما تخطط السلطات لإنشاء سبع محطات جديدة، بنهاية عام 2027، بطاقة إجمالية تبلغ 143 مليون متر مكعب سنويا، وتعمل “على المدى القصير” للوصول إلى طاقة إنتاجية إجمالية تتجاوز مليار متر مكعب سنويا، بحسب الوزارة.

(عن الحرة بتصرف)

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي