قال عز الدين الإبراهيمي، مدير مختبر التكنولوجيا الحيوية بكلية الطب بجامعة محمد الخامس بالرباط، “إنّه من المؤسف أن يبخس الكثيرون استقلالية المغرب في اتخاذ القرار والادعاء بأنه سيدخل الحجر الكلي كما فعلت فرنسا كتبعية حتمية وسرمدية أزلية لـ”ماما” فرنسا”.
وشدّد الابراهيمي، يومه (الأحد) في تدوينة على صفحته بالفايسبوك، قائلا: “لا وألف لا، فالمغرب أثبت ويثبت أنه سيبقى وفيا لمبادئه التي واجه بها الأزمة وسطرها صاحب الجلالة: الجرأة والاستباقية والبيانات قبل القرارات”.
وأضاف، “بكل محبة وترغيب وبدون أي ترهيب، الجرأة والاستباقية والبيانات قبل القرارات، وقبل أن أتحدث عن المغرب ووضعيته والقرارات التي يجب اتخاذها، وددت أن أقارن بين مقاربة اتخاذ القرار بين بلدين فرنسا و بريطانيا”.
ففي شهر دجنبر وبعد تفشي السلالة البريطانية وبناءا على المعطيات العلمية، صرح رئيس الحكومة البريطاني بقولة مشهورة ومبدأ واضح “البيانات العلمية قبل أي جدولة للخروج من الأزمة، وأن كل القرارات البريطانية ستستلهم من الواقع العلمي، وأن الجدولة الزمنية التي أعطاها مقرونة بالبيانات والمعطيات العلمية على الأرض.
وتابع، “أنه على الجانب الأخر من المانش ومنذ نهاية شهر يناير طالب الكثير من الباحثين والأطباء الحكومة الفرنسية بضرورة تشديد الإجراءات الاحترازية بناءا على معطياتهم العلمية واستعطفوا مدبري الأمر العمومي لاتخاذ القرارات الموازية والمناسبة،لكن الحكومة الفرنسية تعنتت بقول لا”.
وأوضح مدير مختبر التكنولوجيا الحيوية بكلية الطب بجامعة محمد الخامس بالرباط، في التدوينة ذاتها، “أن النتيجة اليوم، هي أننا نرى بريطانيا تخرج بجدولتها الزمنية وبسلاسة من الحجر، وفرنسا تدخله من بعدها بشهرين”.
وزاد، اليوم، “الكل يتساءل عن ماذا سنفعله ورمضان على الأبواب، وأظن أن ما يجب أن نسأله من الناحية العلمية ماذا نحن فاعلون في الأشهر المقبلة؟ وهو سؤال أشمل من سؤال اللحظة، وهل من حقنا أن نجازف بمكتسباتنا الآن أم ننتظر بعض الوقت؟ ومتى يمكننا أن نجازف؟”.
وأردف، “من حقنا كذلك أن نسائل هل سنخرج من الأزمة قريبا؟ وهل من جدولة زمنية لذلك؟ وأظن أنه يجب علينا، في الوقت الراهن، أن نترفع عن أي تواصل ترهيبي متجاوز، وأن نقوم بالعكس بتواصل ترغيبي علمي يحترم الذكاء الجماعي المغربي، وبتعاقد مجتمعي وجدولة زمنية تقريبية مبنية على معطيات علمية تمكن الجميع من أن ينخرط في استراتجية واضحة المعالم للخروج من الأزمة”.
وتساءل المصدر ذاته حول “المعطيات الوبائية والجنومية المغربية؟ قبل أن يجيب” يتضح من قراءة سريعة للحالة الوبائية المغربية أنها شبه مستقرة كنتيجة للآثار الإيجابية لتلقيح فئات كبيرة كانت معرضة لتطوير الحالات الحرجة”.
ولفت الإبراهيمي، إلى “أنه ونتيجة لخاصيات الهرم السكاني المغربي الشابة، وكذلك بسبب نسبة المغاربة الذين أصيبوا بالفيروس والتي تقارب الثلاثين في المئة، أدى بالإحساس بالأمان لدى العامة ماداموا يرون أن عدد الوفيات قل والمنظومة الصحية تستحمل عدد الإصابات”.
وعلى النقيض من ذلك، يضيف الإبراهيمي، “فالحالة الجينومية لسلالات الفيروس المتواجدة بالمغرب تدعو لكثير من الحذر حتى لا أستعمل مصطلح قلق الذي يقلقني كثيرا كلما اضطررت لاستعماله، وأن الخطر كل الخطر يأتي من تفشي السلالات المتحورة”.
وقال الإبراهيمي: “أتقاسم معكم هنا وفي سابقة علمية بعض نتائج بحث قيد النشر فباستعمال أداة التسلسل الجينومي، قارنا بين انتشار سلالات كورونا بالمغرب والإجراءات المتخذة لمواجهة الكوفيد، وأن المنحنى طيه مأخوذ من هذا البحث والذي يمكن أن نلخص أهم استنتاجاته فيما يلي:
أولا: “تحليل جينوم أول سلالة بريطانية دخلت المغرب شهر يناير مكن من تتبع انتشارها ورغم صعوبة تحديد نسبة السلالات البريطانية بالضبط فكل المؤشرات توحي تجاوزها لعتبة 15 في المئة وبداية انتشارها الأسي”.
وأن هذه السلالة ستسود في المغرب في ظرف أسابيع وأخطر ما فيها، انتشارها السريع وإصابتها للعديدين مما قد يؤدي بضغط جديد على منظومتنا الصحية، وأن نستمر في التلقيح تحت ضغط الوباء المتحور.
ثانيا: “بعد تحليل التسلسل الجينومي للسلالات التي ظهرت بالداخلة والذي قام به مختبرنا بتعاون مع المعهد الصحي، والذي أثبت أن الأمر يتعلق بالسلالة البريطانية، ويمكن أن نحسم بأن هذه السلالة التي وصلت إلى أبعد نقطة بالمغرب والمتميزة بكثافة سكانية قليلة، حتما تتواجد بكل المناطق المغربية”.
ثالثا: “ظهور 25 طفرة (وليست سلالة) مغربية، وهذا ما كنا نحث عليه دائما بأن تكاثر الفيروس يؤدي حتما إلى ظهور طفرات محلية تنتج تلقائيا بوجود الظروف الجينية لتطورها”.
رابعا: “وهكذا وتبعا للموقع المرجعي لتحليل البيانات “جيزيد”، يمكن تصنيف السلالة التي ظهرت لأول مرة بورزازات كسلالة جينومية مغربية مئة في المئة في انتظار تحديد خاصيتها البيولوجية”.
خامسا: “يثبت هذا العمل البحثي 28 سلالة جديدة بالمغرب، وعلى الخصوص السلالة النيجيرية الحاملة للطفرة 484 مع عدم ظهور أي سلالة جنوب إفريقية بالمغرب لحد الساعة”.
وخلص الإبراهيمي، إلى “أنه كتشخيص في الوقت الراهن، يمكن أن نقول بأن الوضع شبه مستقر وبائيا ومقلق جينوميا وأننا ما زلنا نحتفظ على الأقل بشهر وراء أوروبا من الناحية الوبائية الجينومية، مما يدعو إلى كثير من الحذر وقليل من المجازفة في هذه المرحلة المفصلية في مواجهة الكوفيد، ولا سيما أن عمليتنا التلقيحية لم تنته بعد ومازالت تحت رحمة السوق الدولية للقاحات”.
وأضاف المصدر ذاته، “أنه رغم كل هذا أرى كثيرا من الأمل في هذه الوضعية التي تحسدنا عليها كثيرا من الدول، وسيما إذا تمكنا من ترجمة هذا الوضع إلى استراتيجة محكمة مبنية على الجرأة والاستباقية والبيانات قبل القرارات”.
وأوضح، “أنه بكل مسؤولية ومساهمة منا في إغناء النقاش الوطني ومد مدبري الأمر العمومي بسيناريوهات يمكن نقاشها والتي تحتمل الكثير من النقد والخطأ، أود أن أدلو بدلوي في النقاش الوطني حول ماذا نعمل الآن؟”.
واسترسل، “هنا يجب أن أحدد الهدف الزمني والجدولة التي أسطرها لهذه المقترحات والنظرة الإستراتيجية، فما يهمني هو الخروج من أزمة الكوفيد مع الصيف وبالتحديد مع العيد الأضحى إن شاء الله بأقل الخسائر الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية الممكنة”.
واستطرد للتوضيح، “أنه إذا كان لزاما علينا أن نجازف، فأفضل أن نفعل ذلك مع حلول فصل الصيفة لأن المنفعة الاقتصادية والاجتماعية والصحية أكبر بكثير من المجازفة الآن، وعليه، أذكر كذلك بالمعايير الأربعة التي على أساسها أقترح أن يتم تغيير أي إجراءات بتشديدها أو تخفيفها”.
أولا، “ضمان حماية المنظومة الصحية وتخفيف الضغط عليها، وثانيا مدى التراجع اليومي لعدد الوفيات، وثالثا، مدى تراجع معدل انتقال العدوى، ثم ضمان عدم عودة موجة جديدة من الوباء”.
وأضاف، “أنه تماشيا مع توقيت أخذ قرارات تمديد حالة الطوارئ الصحية في بلادنا والذي يصادف العاشر من كل شهر ولمدة أربعة أسابيع، فأتجرأ بأن أقترح الجدولة الزمنية التالية والتي تبقى مرنة ومرهونة بالمعطيات العلمية للأزمة الصحية:
1- العاشر من أبريل: “في الحقيقة ومن الناحية العلمية لا أرى كيف يمكن أن نغير من الإجراءات الحالية. فكما أنني لا أرى سببا لتشديدها، لا أرى ربحا في تخفيفها مما سيؤدي حتما إلى حركية أكبر ومجازفة لا أرى منفعة منها”.
2- العاشر من ماي: “في استقرار للأرقام والمعطيات وبعد عيد الفطر الفضيل، يمكن أن نخفف من كثير من القيود. ففي ميدان التعليم يمكن أن تكون جميع الامتحانات الاستشهادية حضوريا، ويمكن فتح المقاهي و المطاعم لمدة زمنية أطول، والسماح بالتجمعات بأعداد معقولة”.
العاشر من يونيو: “بعد تقييم الرفع من الحركية خلال المرحلة السابقة، يمكن أن نرفع من عدد المتجمعين في الأماكن العمومية و الخاصة وتمديد ساعات فتح المقاهي والمطاعم، وعودة المتفرجين للملاعب وقاعات السينما، والعودة لإحياء بعض المناسبات”.
العاشر من يوليوز: “رفع ما تبقى من القيود والترخيص للعيد الأضحى المبارك وطنيا واستقبال مغاربة العالم، ورفع قيود التنقل، وعودة الدولية، كما أتمنى أن تساهم هذه الجدولة من الرفع من ضبابية المستقبل وترغب الكثيرين في العودة للإجراءات الإحترازية الشخصية ونحن على مرمى حجر إن شاء الله من الخروج من هذه الأزمة”.
وخلص الإبراهيمي في منشوره، إلى “أنه ربما هناك نسبة من المجازفة في هذه الجدولة، ولكن أظن أننا نكون قد جعلنا ووضعنا الكثير من الحظوظ إلى جانبنا، و إن نجحنا فمغرب أفضل ينتظرنا إن شاء الله، بسمعة دولية كبيرة وثقة من الممولين الأجانب وتنافسية سياحية لم تسنح قط للمغرب”.
وتابع، مدير مختبر التكنولوجيا الحيوية بكلية الطب بجامعة محمد الخامس بالرباط، بـ”احتفالية مع مغاربة العالم قل نظيرها بأجمل بلد في العالم، لافتا بالقول “من حقي أن أفكر بصوت مرتفع ولكن بجرأة واستباقية والبيانات قبل القرارات، من أجل وطن أحب”.
تعليقات الزوار ( 0 )