شارك المقال
  • تم النسخ

الأمير مولاي هشام يكتب: الحرب في غزة كانت سبباً في إضعاف الطائفية على المستوى الجيوسياسي والعقائدي

قال الأمير مولاي هشام، ابن عم الملك محمد السادس، إنه وبعد أكثر من 300 يوم من الحرب على غزة، تتردد إسرائيل وحليفتها الأمريكية بشأن ما يجب فعله بعد ذلك، مشيرا إلى أنه ومن ناحية أخرى، اهتزت منطقة الشرق الأوسط برمتها، حيث يبحث كل من اللاعبين الإقليميين عن مكانه في سياق غير مستقر، بيدا أنها كانت سببا في إضعاف الطائفية والانقسامات بين السنة والشيعة.

وأوضح مولاي هشام في مقال تحليلي له نشر يومه (الأربعاء) على صدر صفحات موقع “أوريان 21” (Orient XXI) الفرنسي، أن الحرب في غزة تختلف عن الصراعات السابقة بين إسرائيل والفلسطينيين.

وبحسبه، ترتبط القضية الفلسطينية بشكل أساسي بالحلم الذي لم يتحقق لشعب بلا دولة في تقرير مصيره، ويركز على الأرض والسيادة والتعايش وحقوق الإنسان، حيث اتخذ صراع 2023-2024 منحىً مختلفاً تماماً، وأصبحت هذه الفرصة سانحة للدول الأخرى لإصدار أحكام أخلاقية استناداً إلى تناقضاتها وانعدام أمنها الداخلي.

وشدد على أن الصراع يعكس التدهور الداخلي للحكم الفلسطيني والسياسة الإسرائيلية والقيم الغربية، ويجسد أيضاً إعادة تشكيل مذهلة للنظام الإقليمي في الشرق الأوسط، الذي لم يعد خاضعاً للانقسامات القديمة، باختصار، لقد اجتاح الصراع فلسطين في مجالات متعددة تمتد إلى ما هو أبعد من أفقها الأولي.

وفي إسرائيل، تشكل حرب غزة جزءاً من أنماط تتجاوز مستقبل حماس. لقد سمح للحكومة في تل أبيب بتسريع استعمارها للضفة الغربية، وتقييد حركة العمال ورؤوس الأموال، وتقييد السلطات المحدودة بالفعل للسلطة الفلسطينية. وفي طولكرم وجنين، يقوم المستوطنون، تحت حماية الجيش، بتدمير ممنهج للممتلكات الفلسطينية.

إسرائيل، اليسار واليمين متحدان

ومع ذلك، فإن الحرب لن تعيد تشكيل السياسة الإسرائيلية، بل على العكس من ذلك، فقد كشفت عن مدى فقدان الانقسامات الأيديولوجية المعتادة معناها، ويرى اليمين الصراع من منظور مسيحاني.

وحتى لو كان وقف إطلاق النار يلوح في الأفق، فإن أيديولوجيتها الصهيونية المتطرفة وإيمانها بإنجاز “مهمة إلهية” تدفع اليمين إلى التخلص من الفلسطينيين كشعب، وهي ترفض الحماية التي حددتها الهيئات الدولية للفلسطينيين لأنها تتجاهل القانون الدولي، ويشترك اليسار في نسخة مخففة من هذه الرؤية التي تجعل من فلسطين الآخر الدائم.

كما أشرفت على إفقار السلطة الفلسطينية في مرحلة ما بعد أوسلو من خلال فرض الظروف الأمنية بلا هوادة، مما ساعد على جعل حل الدولتين مستحيلا، وإذا كان اليمين الإسرائيلي يريد غيتو فلسطينياً، أو الأفضل من ذلك، التهجير الجماعي للفلسطينيين إلى مصر والأردن، فإن اليسار يفضل دولة فلسطينية.

ويرى مولاي هشام، أن حكومة بنيامين نتنياهو لا تستطيع أن تنسحب من حرب غزة من جانب واحد، نظراً للضغوط التي يمارسها ائتلافه، فهي لا تستطيع القضاء على حماس كما أكدت الحقائق العسكرية على الأرض، ولكنها في أحسن الأحوال تضعفها.

وأوضح، أن استمرار الحرب يزيد من احتمالات امتدادها شمالاً مع حزب الله، الأمر الذي يهدد بدفع الغرب إلى حرب عقيمة مع إيران، ويأمل نتنياهو، وهذا هو هدفه، في جر أميركا إلى هذا الصراع.

أما بالنسبة لمستقبل حماس، فهو لا يزال معلقا في الهواء، ولن يُسمح له أبدًا بحكم غزة، وهو ما قد يشمل الإدارة وتقديم الخدمات ومهام بناء الدولة، وعندها سيكون عليه أن يكتفي بالحكم بدلاً من الحكم، لكن رغبتها في تمثيل القضية الفلسطينية لا تزال قائمة، وانتخاب يحيى السنوار زعيما لها في غشت 2024 يؤكد صمود الفلسطينيين والرد على تطرف نتنياهو.

وعلى المستوى الجيوسياسي، فقد تغلب على الانقسامات التي قسمت العالم العربي وإيران إبان الحرب الأهلية السورية، منذ أن ابتعد عن تحالفه السابق مع الحركات الإسلامية السنية وعاد إلى تفاهمه مع حزب الله وإيران، وكلاهما منها تقديم الدعم.

وهذا الوضع يضع الفلسطينيين في وضع محفوف بالمخاطر، وما تبقى من فلسطين يواجه مستقبلين، ومن الممكن أن تتحول إلى مكان للمواجهة حيث تتلخص السياسة في منافسة غير فعالة بين حماس وفتح والفصائل الأخرى الأكثر اهتماماً بالقضاء على الآخر بدلاً من الحكم، أو يتم تهميشها في نظام دولي منقسم، حيث تعيد الولايات المتحدة فرض خطط سلام ليست خطط سلام، مثل اتفاقيات إبراهيم، مصحوبة بأمل غير مثمر في أن كيان الدولة الفلسطينية المصغر لا يزال يرى ضوء النهار على أنقاض الاحتلال والسلطة الفلسطينية. حرب.

النظام الإقليمي يهتز

وأضاف، أنه وفي أماكن أخرى من المنطقة، كشفت حرب غزة عن نقاط الضعف الداخلية التي تعاني منها الدول الاستبدادية، فضلاً عن الرياح المتقلبة التي تعيد تشكيل النظام الإقليمي في الشرق الأوسط.

وقد تبدو إيران منتصرة نظراً لدعمها لحماس وحزب الله، لكن مكاسبها الحقيقية تأتي من إعادة خلط الأوراق الجيوسياسية، ولم يعد الانقسام بين السُنّة والشيعة هو الذي يحدد آفاقها، كما كان الحال في أعقاب الثورة الإسلامية عام 1979 وأثناء انتفاضات عام 2011.

واستنادا إلى المصدر ذاته، فإن طهران أعادت تموضعها كمركز ليس للهلال الشيعي، بل مركزاً للهلال الشيعي، ومحور المقاومة المناهضة للغرب، ويعتمد على شبكات دعم واسعة لمختلف الدول والميليشيات.

وفي الوقت نفسه، سعى إلى التقارب مع المملكة العربية السعودية وممالك الخليج الأخرى في أعقاب الانسحاب الأميركي الواضح من المنطقة، وتخلى عن الخطاب الأكثر شراسة المناهض للسنة الذي ميز سياساته الخارجية في السابق.

فبعد أن تخلى القادة الإيرانيون عن دعوتهم إلى الإطاحة بالأنظمة العربية السُنّية، استغلوا أزمة غزة لترسيخ نفوذهم على البنية الإقليمية الجديدة. وظهرت العلامة الأكثر وضوحا على تلاشي البعد الطائفي لعقيدتها القديمة في اليوم التالي لاغتيال إسماعيل هنية على يد إسرائيل في طهران في 31 يوليو 2024.

وترأس المرشد الأعلى آية الله خامنئي صلاة جنازة هنية، مما خلق تجاورًا مذهلاً: ترأس أحد أعلى الشخصيات الدينية في الإسلام الشيعي حفلًا دينيًا لإسلامي سني مشهور.

وخلص مولاي هشام، إلى أنه وعلى هذا فإن حرب غزة، في ظل التضامن الواسع الذي يتجاوز الانقسام بين السُنّة والشيعة، كانت سبباً في إضعاف الطائفية، ليس فقط على المستوى الجيوسياسي، بل وأيضاً على المستوى العقائدي.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي