تستثمرُ الدول في ثرواتها الطبيعية لإسعاد شعوبها. وتستثمرُ في تاريخها وحضارتها التي يصوغها المفكرون والأدباء والمؤرخون لتحقيق الأمن الثقافي المرتبط بالهوية وبناء الذاكرة والإنسان.
وبقدر ما تزداد الحاجة إلى الثقافة، في البلدان التي تحترم شعوبها وتحرصُ على صوْن الراهن والمستقبل من الارتهان إلى الفراغ والفُصام والتطرف والتبعية، يتأكد أن السياسة الثقافية للأوصياء على الثقافة في بلدنا أشد حرصا على اختيارات ضد – ثقافية وهو ما استفحل في منعرج خطير ستكون نتائجه كارثية.
وتكفي الإشارة، فقط، إلى مَلمح واحد مُعبّر في كون الوزارة الوصية تعمد إلى تغييب تام للفاعلين والمثقفين من التشاور وتبادل الرأي والمقترحات في ما يخص مكان وزمان المعرض الدولي للنشر والكتاب وكيف يمكن لكل جهات المغرب أن تستفيد منه، تناوبا. وأن المعرض بما يشكله من فرصة لتجديد صورة وصوت وكلمة ومتخيل المغرب والمغاربة ، لا يمكن أن ينجح في ذلك بدون مثقفين وفاعلين، وبدون دعم حقيقي ومعقول للكِتاب والمجلات، وبدون إيلاء الأهمية اللازمة لجائزة المغرب التي يُشاعُ إقبارها هذه السنة بجرة قلم طائشة، عِوَض التفكير في جعلها شُرفة أخرى للمغرب الثقافي والحداثي.
هل يُعقل العبث في دعم الكتاب، الأمر الذي انعكس على التدنّي المهول في عدد المنشورات إلى أقل من خمسين بالمائة مقاربة بالسنوات الفارطة.. فبالإضافة إلى التأخير في انطلاق هذه العملية التي أصبحت في دورة واحدة بعدما كانت في دورتين خلال السنة الواحدة، وعدم تجهيز الكتب لتكون حاضرة في معارض الكتب العربية، فإن الغلاف المالي المقدم هزيل ومرفوض، لأنه لا يغطي إلا 20 بالمائة من مصاريف الكتاب.
لا يتعلق العبث والارتجال في دعم الكتاب أو الأنشطة الثقافية والفنية، وإنما في رؤية سياسية بلا إرادة حقيقية في النهوض بالثقافة كما يُجسدها المغرب والمغاربة في كل شبر من هذا الوطن.
انطلاقا من الواقع كما نحياه والمعطيات المتوفرة بعد مرور حوالي خمسة عشر شهرا، فقد بادرنا رفقة عدد من المثقفات والمثقفين وكذا الفاعلين في هذا القطاع، إلى مشاورات موسّعة في مجموع المغرب، من أجل تشخيص موضوعي لهذه القضايا.. في أفق اتخاذ قرار جماعي بمقاطعة كل الأنشطة الثقافية الرسمية بما فيها المعرض الدولي للنشر والكتاب، في مرحلة أولى، لمواجهة السياسة الحكومية التي تُمعن في التفقير الاجتماعي والتهميش الثقافي.
تعليقات الزوار ( 0 )