لطالما كانت شمال إفريقيا، التي تضم المغرب وتونس وليبيا ومصر والجزائر، بوتقةً حضارية تأثرت بشعوب من أوروبا والشرق الأوسط وحتى جنوب الصحراء الكبرى على مر آلاف السنين، وقد ساهم هذا التفاعل في تشكيل التركيبة السكانية المعقدة للمنطقة.
لكن دراسة علمية جديدة قد قلبت الكثير من المفاهيم السائدة حول أصول الشعبين الرئيسيين في المنطقة: العرب والأمازيغ، فقد كشف باحثون من جامعة بومبيو فابرا الإسبانية باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي أن هذين الشعبين لهما أصول جينية مختلفة تعود إلى أكثر من 20 ألف عام.
الدراسة التي نشرت في مجلة “جينوم بيولوجي” استندت إلى تحليل شامل لـ 364 جينوم كامل من مختلف السكان، وقد توصل الباحثون إلى نموذج حاسوبي مبتكر سمح لهم بتتبع الفروق الجينية بدقة عالية.
وأكد الباحثون أن الأمازيغ وصلوا إلى شمال إفريقيا قبل أكثر من 20 ألف عام، وأن هذا الاكتشاف يتوافق مع العثور على بقايا بشرية تعود إلى حوالي 22 ألف عام في المغرب، والتي قد تكون أسلاف الأمازيغ الحاليين.
وتفتح هذه النتائج العلمية الجديدة آفاقاً جديدة لفهم تاريخ المنطقة، وتعيد كتابة بعض الفصول في هذا التاريخ المعقد، كما أنها تثير تساؤلات جديدة حول الهجرات البشرية والتفاعلات الثقافية التي شكلت المجتمعات الحالية في شمال إفريقيا.
ومن المؤكد أن هذا الاكتشاف سيثير اهتمام علماء الآثار والتاريخ والأنثروبولوجيا، كما أنه قد يثير نقاشاً واسعاً حول الهوية والثقافة في المنطقة، وتشير هذه الدراسة إلى أن فهمنا لتاريخنا أكثر تعقيدًا مما كنا نعتقد، وأن هناك الكثير من الأسرار التي ينتظر أن تكشفها لنا الأبحاث العلمية في المستقبل.
تعليقات الزوار ( 0 )