اعتبرت “نقابة العدالة والتنمية”، أن زواج القاصرات لا يتسبب في أي مشاكل اجتماعية، بالنظر إلى أن نسبته الضئيلة جدا، مؤكدةً على أنه “من غير المنطقي أن تهدر الجهود في طرح إشكالات خاطئة لم يترتب عنها واقعيا أي مشكل اجتماعي، في حين يتم التغافل عن الاختلالات الفعلية التي تنطق بها الأرقام والإحصائيات بوضوح”.
وقالت نقابة الاتحاد الوطني للشغل، في مذكرتها بشأن مراجعة مدونة الأسرة، إنه “بحسب إحصائيات وردت في تقرير المجلس الأعلى للسلطة القضائية حول القضاء الأسري في يناير 2023، فإن التهديد الحقيقي للأسرة المغربية يتمثل في ظاهرتين متلازمتين عكسيا وهما ارتفاع مرعب لمعدلات الطلاق، مقابل تراجع واضح في معدلات الزواج”.
وأضاف المصدر، أن هذا الأمر، يعني أن “المجتمع المغربي يتجه نحو التفكك الاجتماعي وما يترتب عنه من تداعيات سلبية على المستويات النفسية والاجتماعية والثقافية والحضارية”، متابعاً: “في حين، لم تسجل قضايا التعدد والزواج دون سن الأهلية إلا إحصائيات ضعيفة جدا”.
وفي السياق ذاته، ذكرت النقابة أنه “حسب تقرير المجلس الأعلى للسلطة القضائية بلغت نسبة طلبات الإذن بالزواج دون سن الأهلية 5% فقط من مجموع طلبات الإذن بالزواج، ولم يقبل منها سوى 46%، بمعنى أن النسبة الفعلية لزواج القاصر هي حوالي 2.4%، مع العلم أن سن الفتيات التي يؤذن لهن بالزواج يكون فوق 17 سنة، وهذا معناه أن طلب الزواج دون سن الأهلية لم يعد يطرح كمشكلة اجتماعية، لأنه لم يعد ظاهرة اجتماعية متفشية”.
وأوضح المصدر أن “الأمر نفسه ينطبق على طلبات الإذن بالتعدد التي تشكل نسبتها 1,7% من مجموع طلبات الزواج، في حين لا تتم الاستجابة سوى ل 38,87% من هذه الطلبات، مما يجعل النسبة الحقيقية للتعدد فعليا هي 0,66% من المجموع العام للزواج بالمغرب”.
واسترسلت النقابة، أنه “من المؤكد أن هذه النسب تبين بوضوح أن الاختلالات التي نتجت عن تطبيق المدونة لا علاقة لها بالزواج دون سن الأهلية أو بطلبات الإذن بالتعدد، بل ظهرت الاختلالات والسلبيات بوضوح في نسب الطلاق ونسب تراجع الزواج”.
ونبهت إلى أن “تقرير المجلس الأعلى للسلطة القضائية سجل انخفاضا في نسبة الطلاق من جانب الزوج بإرادته المنفردة إلى 5,22%، وسجل أيضا أنه حتى مع إقرار المدونة للطلاق المملك الذي يكون بيد الزوجة، تدنيا في نسبة الطلاق المملك 0,007%، مقابل نسبة الطلاق للشقاق التي ارتفعت بشدة خلال الفترة بين 2017 و2021، فمن بين 10 قضايـا طـلاق كان هناك 7 قضايـا للشقـاق”.
وأشار المصدر ذاته، إلى أنه بالمقابل “تراجعت نسبة الزواج، إذ بلغ مجموع طلبات الإذن بتوثيق الزواج سنة 2021 : 256.547 طلبا، بينما بلغ عدد طلبات الزواج سنة 2010 : 313.000، مشيرا إلى أنه من مؤشرات التراجع في طلبات الزواج، أن التوسع الديمغرافي عرف تزايدا ما بين سنتي 2010 و2021 لكن مع ذلك تراجعت طلبات الزواج”.
ويلاحظ، تضيف النقابة، بالرغم من المعطيات الإحصائية السابقة، “أن بعض الأصوات تنحو بالنقاش حول المدونة في اتجاه القضايا التي لا تطرح مشكلا اجتماعيا مثل التعدد وزواج القاصر والإرث، علما أنها غير مطروحة في أجندة النقاش المجتمعي المنبثق من الإشكالات الحقيقية التي يعيشها المجتمع، ورغم أن زواج القاصرات لم تكن نسبه مرتفعة، إلا أن تقرير المجلس الأعلى للسلطة القضائية الصادر في يناير 2023 تضمن دراسة ميدانية تناولت بالتحليل عينة من الفتيات اللواتي تزوجن بشكل مبكر في إطار زواج القاصر (مع العلم أن أغلبهن فوق 17 سنة )، وتبين في هذه الدراسة الميدانية أن دوافع هذا الزواج مرتبطة بأسباب اقتصادية واجتماعية راجعة للأوضاع الصعبة التي تعيشها أسرهن (الفقر- الهشاشة – الهدر المدرسي – محدودية الدخل…) إضافة إلى أسباب ثقافية وأسرية…”.
وأردف المصدر نفسه: “بينما لم يتضمن التقرير، دراسات تفسر أسباب التراجع في طلبات الزواج، أو الارتفاع الكبير لحالات الطلاق، مع العلم أن هذه الظواهر تشكل الاختلالات والسلبيات الحقيقية التي وجب أن يتم الاشتغال عليها، وأن يتم تعديل المدونة لمعالجتها، صيانة للأسرة وحفاظا على تماسكها بما يخدم التوازن المجتمعي”، مختتماً: “لذلك، فإن الإطار المنهجي الذي ينبغي أن يحكم مراجعة مدونة الأسرة، يجب أن ينطلق من الاختلالات التي ظهرت في التطبيق القضائي لها، ومن الواضح أنها ترتبط بتراجع الزواج وارتفاع الطلاق، وليس بالتعدد أو زواج القاصر أو الإرث”.
تعليقات الزوار ( 0 )