بات من المؤكد أن البوليساريو شرع في تطبيق مخطط جديد في المنطقة العازلة وممر الكركرات، فالأمر لايقف عند حدود مناورات تسبق قرار مجلس الأمن في أكتوبر القادم، وإنما تكشف الوقائع الجارية أمامنا عن استهداف جديد للمغرب ينطلق من مشروع عدواني يعاد بناؤه في الجزائر، ويصل إلى معبر الكركرات وإلى عمق المناطق الجنوبية المغربية عبر الأداة الجزائرية الجديدة التي أنشأتها الانفصالية أميناتو حيدر.
وتأتي المخاطر المرتبطة بما يجري، من الأساطير التي بناها البوليساريو، وبات يروج لها عبر الدعاية الإعلامية، بما في ذلك وكالة الأنباء الجزائرية، فالبوليساريو يقول بشيء يسميه ”الأراضي المحررة“، بينما تشير تقارير وقرارات الأمم المتحدة إلى توصيف ”المنطقة العازلة ”، وبناء على ذلك بات على الخارجية المغربية تنبيه الأمم المتحدة إلى مايلي:
أولا، أن المنطقة العازلة أراضي مغربية تركها المغرب لبعثة الأمم المتحدة بموجب اتفاق وقف إطلاق النار حتى لا يكون هناك اصطدام مباشر بالبوليساريو فوق الأراضي الجزائرية، والأراضي العازلة أرادها المغرب أن تكون فارغة ما وراء الجدار، ليتمكن من مراقبة الخطر القادم من مليشيات البوليساريو من فوق الأراضي الجزائرية، فالجبهة الانفصالية لايوجد لها شيء اسمه ”الأراضي المحررة“، وإنما يوجد فوق تراب جزائري، وقد كان من الممكن للمغرب أن يقيم الجدار الأمني مباشرة على الحدود مع الجزائر وموريتانيا.
ثانيا، أن قرار المغرب بخصوص تخليه عن أراضي سميت بالعازلة، وذلك لتسهيل عمل المراقبة الأممية لوقف إطلاق النار، تصبح معه الجزائر مسؤولة قانونيا أمام الأمم المتحدة عن التهديدات التي تقوم بها مليشيات البوليساريو، وهي تنطلق من التراب الجزائري نحو معبر الكركرات، فالأمر يتعلق بتهديد وعدوان يخرج من فوق الأراضي الجزائرية يهدد التراب المغربي، ويهدد طريقا تجاريا بين موريتانيا والمغرب، يكون محميا بمقتضى قواعد القانون الدولي. فالجزائر تتحمل كامل المسؤولية في المخاطر المحيطة بممر الكركرات مادامت قد تركت عناصر مسلحة لا أحد يعرف هويتها تخرج من فوق ترابها لمهاجمة شاحنات وسيارات مدنية تجارية، فالجماعات الإرهابية قد تتسرب بهذا الشكل نحو ممر الكركرات.
ثالثا، ما دامت المنطقة العازلة أرض مغربية، وأن الخطر موجود فوقها، فإن شروط حق الدفاع الشرعي عن النفس المنصوص عليها في المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، باتت متوفرة للمغرب، حيث إن الشرط الأول لحق الدفاع الشرعي بات موجوداً لأن الخطر حال إما وقع أو على وشك الوقوع، نظرا لانتشار مليشيات البوليساريو وتهديدات زعيم المليشيات نفسه بقوله إن البوليساريو ”سوف يفعلون ولن يتوقفوا”، والشرط الثاني برد الخطر عن التراب المغربي بات متوفرا، وذلك بأن تتم مطاردة وإلقاء القبض على المليشيات المنتشرة في المنطقة العازلة، فرد الخطر هنا يكون مشروعا لأنه يتم فوق أرض مغربية، التي هي المنطقة العازلة ولايتجاوزها، والشرط الثالث المتمثل في أن هذا الحق يُمارسه المغرب في انتظار تدخل القوات الأممية يُحمل المسؤولية للأمم المتحدة ومجلس الأمن، في اتخاذ الإجراءات الردعية والزجرية ضد البوليساريو، وتحميل المسؤولية للجزائر التي ينطلق العدوان من فوق أراضيها.
لقد بات الخطر يكبر يوميا، ويجب الانتباه إلى الخطاب الذي تروج له الجزائر والبوليساريو، فالجنرال شنقريحة وتبون انطلقا في دعاية خطيرة تريد تحريف كل المفاهيم، ويكفي هنا العودة إلى الحرب الإعلامية التي تقودها وكالة الأنباء الجزائرية،والتي تؤشر وحدها على أن الجزائر تُعيد صناعة البوليساريو بخطاب ووقائع جديدة.
*رئيس المركز الأطلسي للدراسات الإستراتيجية والتحليل الأمني
تعليقات الزوار ( 0 )