Share
  • Link copied

اسليمي: تأييد “بيان المهزومين” يُحوِّل الجامعة العربية إلى جامعة دولتي مصر والإمارات

في أسرع بيان نشرته جامعة الدول العربية في تاريخها أعلن أحمد أبو الغيط الأمين العام للجامعة عن تثمينه لمبادرة المهزومين الأربعة التي أطلقها يوم السبت 6 يونيو الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بحضور المستشار عقيلة صالح واللواء المتقاعد خليفة حفتر، لإيقاف القتال في ليبيا والتوصل إلى تسوية سياسية.

فالجامعة العربية التي ظلت بعيدة عن الأزمة الليبية لزمن طويل ،وكأن شأن الليبيين لايعنيها، تستيقظ فجأة لتنشر بيانا تدعم فيه مبادرة السيسي في القاهرة، البيان السريع الذي يبدو أنه كُتِب قبل إنطلاق اجتماع السيسي وعقيلة وحفتر ووراءهم أبوظبي، لتكون الجامعة العربية شاهد على مبادرة يعرف العالم كله أنها مبادرة المهزومين الأربعة في ليبيا.

والخطير في الأمر، أن تعمد جامعة الدول العربية ،المفترض فيها أنها تنظيم إقليمي مؤطر بقواعد ميثاق الأمم المتحدة، إلى مساندة بيان المهزومين الأربعة الذي يحاول المناورة لتعويم اتفاق سياسي جاء بعد عامين من المفاوضات الليبية -الليبية في الصخيرات ،اتفاق يحظى بشرعية قانونية قوية مستمدة من قرارات مجلس الأمن، وعلى أساسه تقوم المؤسسات التي ضمنت ماتبقى من الدولة الليبية.

فهل يعلم أبو الغيط أن بيان جامعة الدول العربية المؤيد لبيان القاهرة هو إعلان عن تبنى لخطابات مليشيات حفتر ،ووقوفا ضد الأمم المتحدة ،فكيف لجامعة عربية بكل تاريخها أن تتبنى بيان مهزومين يحاولون إنقاذ زعيم مليشيات وضع نفسه فى أول الطريق نحو المحكمة الجنائية الدولية ،زعيم مليشيات لا أحد يريده أن يكون في أية مفاوضات قادمة ؟ وكيف لأبوالغيط أن يساند عقيلة صالح الرجل الذي يبدو أنه يقود بوعي أو بدون وعي مشروع تقسيم ليبيا إلى ثلاث مناطق ،فهل يعقل أن تساند جامعة الدول العربية بيان القاهرة للمهزومين الأربعة وتساند مشروع عسكرة شمال إفريقيا بتبنى قادة مليشيات مثل حفتر؟

أعتقد أن ابوالغيط بتأييده بيان القاهرة للمهزومين الأربعة يكون قد دق أخر مسمار في نعش جامعة الدول العربية ،فالدعوات القادمة من الجامعة هي دعوات من “جامعة دول مصر والإمارات”، أما جامعة الدول العربية فقد ماتت بهذا البيان ،وقبله كانت تحتضر بمواقفها الصامتة حول مايجري في اليمن.

إن أصعب شيء في حياة جامعة الدول العربية هو أن تنقاد أمانتها العامة وراء نزوعات دولة الإمارات التي تريد تصفية اتفاق الصخيرات لأنه جرى فوق أرض مغربية ،فالإتفاق يوجد له رب يحميه لأنه أساس استمرار ليبيا وحكومتها التي يتعامل معها العالم اليوم.

لقد كان من المفترض أن تنظر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية الى تحولات داخلية وإقليمية ودولية تجري في ليبيا، وأن ينتبه أبوالغيط قبيل تبنيه لبيان المهزومين الأربعة، فالجامعة تنضم في الوقت الميت للخاسرين حيث لم تعد هناك أية إمكانية لصمود حفتر، ولا أعرف هل كان أبوالغيط ومساعديه، وهم يدونون إملاء بيان المهزومين الأربعة ،يقرؤون ملامح إرتباك حفتر ولون وجهه وغيبوبة عقيلة وهو يقرء شيئا يعرف جيدا أنه غير ممكن.

وأبوالغيط بتبنيه بيان المنهزمين الأربعة لايعرف أن دولتا الإمارات ومصر اختلطت أمامهما الأوراق وباتتا غير قادرتين على معرفة ماذا يفعلان بحفتر وكيف ينظمان “جنازة هزيمته “، فحكاية دولة الإمارات مع حفتر شبيهة بقصة البقرة التي أنجبت قنفدا بشوكه ولم تعد تعرف هل تُقَبِّله أم ترميه.

والواضح اليوم، أن روسيا غيرت استراتيجيتها ،وتركيا استطاعت تغيير التوازنات في ليبيا، وحكومة الوفاق أخدت الثقة، ووسط كل هذا تستيقظ الأمانة العامة لجامعة الدول العربية للترويج لبيان المهزومين الأربعة بتبني اللواء المتقاعد خليفة حفتر الرجل الأكثر هزيمة في تاريخ ليبيا.

*رئيس المركز الأطلسي للدراسات الإستراتيجية والتحليل الأمني

Share
  • Link copied
المقال التالي