شارك المقال
  • تم النسخ

استمرار توافد السياح على المدن في عزّ كورونا يفرّق السكان بين مؤيد ومعارض

بالرغم من استمرار تسجيل الآلاف من الإصابات اليومية بفيروس كورونا المستجد، وعشرات الوفيات، إلى جانب اكتظاظ غرف الإنعاش بالحالات الحرجة والخطيرة، إلا أن توافد السياح من داخل وخارج المغرب، على مجموعة من المدن ما يزال متواصلاً، وبأعداد كبيرة، خصوصاً في المناطق الساحلية.

وطالب مجموعة من سكان الحسيمة، التي تعدّ من المدن التي عرفت إقبالاً مهمّا في الصيف الحالي، السلطات بمنع استمرار هذا الوضع، لأنه يزيد من مفاقمة الحالة الوبائية التي تسجل ارتفاعا غير مسبوق في الآونة الأخيرة، وذلك من أجل تجنب الكارثة، خصوصاً في ظلّ أن أسرة الإنعاش في عدة مستشفيات وصلت إلى أزيد من 80 في المائة.

وانتشرت في الأيام الأخيرة، مجموعة من التدوينات التي تطالب السلطات بإغلاق مدينة الحسيمة، ومنعها على السياح، بعدما وصلت الوضعية الوبائية بها إلى مرحلة صعبة للغاية وغير مسبوقة، عقب رصد مئات الحالات المؤكدة خلال الأسبوع الأخير، وبلوغ مستشفى إمزورن، المخصص لاستقبال مرضى الفيروس التاجي، مرحلة التشبّع، بعد امتلاء غرف الإنعاش والعناية المركزة.

وحمل قاطنون بالحسيمة مسؤولية تدهور الوضع الوبائي إلى سماح السلطات بتوافد السياح، ما أسفر عن تفشٍّ كبير للفيروس في المنطقة، وامتلاء المستشفيات المحلية بالمرضى المشكوك في إصاباتهم بـ”كوفيد-19″، فيما دافع آخرون عن القادمين إلى المدينة، باعتبار أنهم ساهموا في تحريك العجلة الاقتصادية بعد ركود قاتل دام لأكثر من سنة ونصف.

وعكس ما ذهبت إليه الفئة الرافضة لاستمرار السياحة، أعرب عدد من مهنيي المقاهي والمطاعم والمتاجر في حديثهم لـ”بناصا”، عن فرحهم بالإقبال الكبير للسياح على الحسيمة خلال الصيف الحالي، الأمر الذي ساهم في انتعاش مجموعة من الأنشطة الاقتصادية التي كانت قد أوصلتها شهور الإجراءات المشددة إلى الاحتضار.

وفي هذا السياق، قال، فؤاد العزوزي، الإعلامي المنحدر من الحسيمة، إن من حقّ “ساكنة الحسيمة وباقي المدن السياحية أن تتساءل: لم يستمر توافد قوافل السائحين بينما الوضع الوبائي يزداد سوءا يوما بعد يوم و أسرة المستشفيات و مراكز التكفل بمرضى كوفيد قد امتلأت عن آخرها !؟”، حسبه.

وأضاف العزوزي، في تدوينة نشرها على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”: “من حق الساكنة كذلك أن تبحث وتجد جوابا لهذا السؤال أمام صمت الجميع”، موضحاً: “صحيح أن ما آلت إليه الأوضاع اليوم أحد أبرز مسبباته هو تشجيع السياحة.. حيث كان رهان المسؤولين منصبا على تحريك عجلة الاقتصاد المتوقفة عبر قاطرة السياحة التي تنتعش معها قطاعات أخرى عديدة (تجارة، تأجير، كراء، نقل…)”.

واسترسل: “الهدف المعلن كان هو التخفيف من تأثيرات الأزمة الصحية على الجانب الاقتصادي والاجتماعي.. كل القطاعات تضررت من الجائحة بعد عام ونصف من الإغلاق.. مقاولات أعلنت إفلاسها وأخرى على حافة الإفلاس.. وتجار يشكون الكساد.. ومواطنون تقطعت بهم السبل عانوا من قلة ذات اليد وقطعت الجائحة مصدر لقمة عيشهم ..”.

ونبه إلى أن هؤلاء الأشخاص “ضاقوا ذرعا بإجراءات الحجر الصحي التي خنقتهم و حولت حياتهم إلى جحيم.. بعضهم ترك رسائل قبل الإقدام على الانتحار..”، مستدركاً: “بيد أنه لا يمكن أن نعلق مسألة انتكاسة الوضعية الوبائية على شماعة السياحة وحدها فقط.. علما أن عداد الإصابات انفجر في فترة العيد..”.

واعتبر الإعلامي نفسه أن : “طرح هذا التساؤل منفردا دون ذكر الأسباب الأخرى هو حق أريد به باطل.. هو تهرب صريح من المسؤولية.. وإبراء للذمة..”، مسترسلاً “لا بد أن نطرح السؤال في سياقه الحقيقي والموضوعي بدل أن نلقي باللائمة على الآخر ونلعب نحن دور الضحية .. نلصق التهمة بالآخر المجرم ونلبس نحن ثوب البراءة..”.

ودعا العزوزي المطالبين برحيل السياح، إلى إلقاء “نظرة على حالنا الآن، لنقم بجولة في الشوارع و الأماكن العامة و الخاصة، لقد طبعنا جميعا مع المرض تطبيعا كاملا، واستهنا بخطورته، عدنا إلى حياتنا الطبيعية ولم ندرك أن التعايش مع الداء يقتضي التقيد بالحد الأدنى من الاحتياطات من تباعد وكمامة ونظافة، نحصد اليوم جميعا ما زرعناه بالأمس ..”.

وخلص إلى أن “المسؤولية مشتركة ونتقاسمها جميعا، مسؤولون ومواطنون، المسؤولون مسؤولون عن نتائج قراراتهم.. لأن قرار الإغلاق والفتح بأيديهم.. مسؤولون عن فشل تدبير الأزمة الصحية (توفير التحاليل المخبرية، تعزيز الموارد البشرية ودعم الأطر الطبية المستنزفة وتوفير الدعم اللوجستي والمعدات والأجهزة الطبية في مستشفيات ومراكز التكفل بمرضى كوفيد19..)”.

وأردف: “المواطنون كذلك ( قاطنون و زوار ) مسؤولون عن تهاونهم واستخفافهم بالوباء عن علم أو جهل، وأشد هؤلاء جهالة من يعتبر الوباء كذبة أو من يعتبر الداء مجرد نزلة برد أو زكام عادي، بل أكثر من ذلك يحارب كل من يحذر من خطورة تفشي الوباء وينشر الوعي بين الناس، أليس لمثل هؤلاء نصيب من المسؤولية بعد أن ساهموا بكلمات الجهل في هلاك من أصابهم الداء وخنق أنفاسهم..”.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي