شارك المقال
  • تم النسخ

استقطاب الشباب.. تكتيك سياسي لأغراض انتخابية أم مقاربة لإنتاج نخب شبابية؟

لاتزال الإكراهات التي تعرقل انخراط ومشاركة الشباب المغربي في العمل السياسي مطروحة بشكل كبير، الأمر الذي يستدعي بسط النقاش والسعي من خلاله إلى إفساح المجال لهذه الفئة من أجل الالتزام وتحمل المسؤولية داخل الأحزاب وولوج مناصب المسؤولية وتبني بدائل قادرة على تعزيز العمل السياسي للشباب.

وتبقى استمرارية الأحزاب السياسية رهينة بتجديد نخبها والمراهنة على القيادات الشبابية مما يوجب عليها الانفتاح والتجديد واستقطاب الشباب دون استغلال الأمر فقط كتاكيتك سياسي كلما اقتربت الاستحقاقات الانتخابية.

خُفوت الشباب داخل الأجهزة الرئيسية للأحزاب

في سياق متصل اعتبر أمين السعيد أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية بجامعة سيدي محمد بن عبدالله أن “مرور عشر سنوات على إقرار دستور 2011 وولايتين تشريعيتين (2012  ــ 2016)، (2016 ــ 2021) تعد كافية نسبيا للخروج بخلاصات عامة حول تقييم أثر الدستور في علاقته بالشباب، بالرغم من ندرة الدراسات العلمية والتقارير التي لامست هذا الموضوع.”

وأكد الأستاذ الجامعي في تصريح لـجريدة بناصا أنه “يتضح بشكل جلي خفوت الشباب داخل الأجهزة الرئيسية للأحزاب السياسية والنقابات المهنية، حيث عرف المشهد السياسي بعض الوجوه الشبابية التي انبثقت من ألية اللائحة الوطنية، غير أنه على المستوى الجهوي والمحلي لوحظ غياب القيادات الشبابية نظرا للعديد من الاكراهات الموضوعية.”

“وخلال سنة 2021 ساد تقدير سياسي يرمي إلى تغيير اللائحة الوطنية باللوائح الجهوية، ومنح النساء مكانة متميزة تخول لهم الولوج الآلي إلى المؤسسة التمثيلية، دون أن يستفيد من ذلك الشباب الذكور، غير أن الأحزاب السياسية تكاسلت في البحث عن بدائل جديدة لتقوية مكانة الشباب في العملية السياسية”. يضيف أمين السعيد.

تزكيات حزبية تهمش الكفاءات

ومن خلال النقاش الذي واكب منح التزكيات الحزبية قال أستاذ العلوم السياسية إنه “يظهر بشكل جلي استمرار المقاربة العددية لقيادات الأحزاب السياسية التي تتهافت على المرشحين القادرين على كسب المقاعد (أصحاب المال) مقابل تهميش العديد من الكفاءات الشبابية، وهو ما انعكس على النفسية العامة للشباب، مما دفع البعض منهم إلى تقديم استقالاتهم ومحاولة البحث عن تزكيات ولو كانت على مستوى الجماعات”.

بُعد الخطاب السياسي عن تطلعات الشباب

وشدد الأستاذ الجامعي أنه “ينبغي إعادة النظر في تدبير الحقل الحزبي بصيغته التقليدية والحرص على تماشيه مع تطلعات الشباب، مضيفا أن المؤسسة الملكية أقدمت على اتخاذ مبادرات مهيكلة لتدعيم حضور الشباب في العملية الانتخابية.”

موردا أنه “تزامنا مع اليوم العالمي لحقوق الإنسان (10 دجنبر 2002) أنهى الملك النقاش السياسي حول السن القانوني للتصويت حيث جاء في الخطاب الملكي ما يلي: “… وعملا على تجسيد تطلعنا إلى الانخراط الواسع للشباب المغربي في إنجاز مشروعنا المجتمعي الديمقراطي الحداثي، فقد قررنا تخفيض سن التصويت إلى ثماني عشرة سنة، داعين الحكومة إلى إعداد كل التدابير اللازمة لذلك…”.

تحفيز على الانخراط في الحياة السياسية

وأفاد السعيد أنه “بهدف إشراك الشباب في تدبير الشأن العام وتحفيزه على الانخراط في الحياة السياسية قرر الملك من خلال الخطاب الملكي بمناسبة إفتاح السنة التشريعية لدورة أكتوبر من سنة 2008 إلى تخفيض سن الترشيح”.

 حيث ورد في الخطاب الملكي ما يلي: “… وهو ما يتطلب توسيع الانخراط الملتزم لكافة الفئات الاجتماعية، وفي طليعتها الشباب، ليسهم بطاقاته وطموحاته البناءة، ليس فقط في الاختيار الواعي لممثليه، بل أيضا في تحمل مسؤولية تدبير الشأن العام المحلي؛ باعتباره الأساس المتين للحكامة الجيدة، ولهذه الغاية، نوجه الحكومة لاتخاذ التدابير اللازمة، قصد تخفيض السن القانوني للترشيح الانتخابي للجماعات المحلية من23 إلى 21 سنة…”.

بدائل ممكنة لتعزيز العمل السياسي للشباب

وفي هذا المنحى أبان أمين السعيد أنه  “لا يمكن الحديث على قيادات شبابية، دون تطوير فكرة البدائل الممكنة القادرة على تعزيز العمل السياسي للشباب من خلال إجبار قيادات الأحزاب على منح تزكيات للشباب للترشح في اللوائح التشريعية، والعمل على دفع وزارة الداخلية لتقديم تحفيزات مالية للأحزاب التي ترشح الشباب في مقدمة الدوائر التشريعية والجهوية والجماعية”.

ودعا أستاذ العلوم السياسية إلى “التفكير في إنشاء صندوق مالي لدعم المشاركة السياسية للشباب على غرار صندوق دعم تمثيلية النساء. مضيفا أنه يمكن أيضا التفكير في مسألة حصر التباري في بعض الدوائر التشريعية على ترشيحات شبابية، وكلما تزايد عدد الدوائر المحجوزة للتباري من قبل الشباب، وإلا سينعكس ذلك على تقوية الشباب في المشهد السياسي بشكل إيجابي”.

ومن الجانب الإعلامي أكدت الجهة عينها على أهمية تخصيص حيز زمني في القنوات الرسمية لدعم الحملات الإخبارية التي تدعوا الشباب إلى المشاركة السياسية كناخبين أو كمنتخبين أو كملاحظين.

وخلص السعيد إلى أن “القيادات الحزبية في المغرب مطالبة بالانتقال من مقاربة السعي لحصد المقاعد العددية إلى مرحلة التفكير في إنتاج نخب شبابية قادرة على الترافع ومنتجة ومبدعة ولها المؤهلات لتحسين صورة الفاعل السياسي لدى الرأي العام”.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي