عاد موضوع الاستراتيجية الهجينة التي يستعملها المغرب من أجل إعادة أراضيها المحتلة، وعلى رأسها مدينتي سبتة ومليلة، دون الاضطرار إلى خوض حرب عسكرية مع إسبانيا، لإثارة الجدل في الجارة الشمالية، بعدما عمل معهد الأمن والثقافة، الذي أنجز التقرير حول خطط الرباط، على عرض خلاصاته بسبتة.
وقدم معهد الأمن والثقافة، نتائج تقرير “ادعاءات المغرب بشأن سبتة ومليلية من منظور المنطقة الرمادية”، في غرفة الفحص بالمركز المرتبط بجامعة سبتة، حيث قال إن المغرب يعمل على نشر “استراتيجية هجينة”، على شكل منطقة رمادية، مع توجيه الأنظار إلى استعادة السيادة على سبتة ومليلية دون فرض حرب مفتوحة.
وشارك في عرض التقرير الذي سلط الضوء على ما أسماه “الضغط المغربي المتزايد في سبتة ومليلية من منظور المنطقة الرمادية”، كلّ من مانويل ر.توريس، وغيليم كولوم، أستاذا العلوم السياسية في جامعة بابلو دي أولافيد في إشبيلية (وهما ضمن الفريق الذي أعد التقرير)، كلّ من كارلوس إتشيفيريا، مدير مرصد سبتة ومليلية، ودييغو كريسنت مدير معهد الأمن والثقافة.
وقال توريس، إن “ما نقترحه في هذا التقرير هو أن المغرب قام منذ بضع سنوات بالبحث عن أهداف متطرفة، والحصول على السيادة على سبتة ومليلية، من خلال هذه الاستراتيجيات الهجينة النموذجية للمنطقة الرمادية. من المهم، من خلال أعمال مثل هذه، الحصول على تشخيص صحيح لما يحدث حتى يتسنى من هناك اقتراح مقترحات وحلول ملموسة”.
من جانبه، سلط كولوم، وهو أحد الأساتذة الذين عملوا على إعداد التقرير المذكور، الضوء، خلال مداخلته، على أهمية دراسة المنطقة الرمادية باعتبارها “إطارًا تحليليًا يسمح لنا برؤية التطور الزمني للأنشطة المختلفة غير العرضية، والتي تؤطرها استراتيجية من وراءها. استراتيجية يمكن أن تنتهي، على المدى الطويل، بتغيير الوضع الراهن”.
ويرى الأكاديميون في التقرير، أن الأحداث التي قام بها المغرب، ليس في الشهور الأخيرة فقط، بل في السنوات الماضية، تدخل في إطار المنطقة الرمادية، التي تعتمد فيها الرباط على استراتيجية هجينة لاستعادة سبتة ومليلية، متطرقين إلى تطورات مقاربة عمليات النفوذ من المغرب، ووصلاً إلى تحديث الأخير لقواته المسلحة وعلاقة الأمر بهذه الاستراتيجية.
وحول هذا، أشار كارلوس إتشيفيريا، مدير مرصد سبتة ومليلة، إلى ضرورة “الاستفادة من المواقف السيئة للحصول على أفضل النتائج الممكنة، على سبيل المثال، حققت الإجراءات التي نفذها المغرب منذ صيف 2018، مع سبتة ومليلية، موقفا واضحا اتخذته الحكومة الإسبانية، لم يتم إدراكه حتى الآن، أو أن الاتحاد الأوروبي يتخذ موقفا دفاعاً عن السيادة على هاتين المدينتين، اللتين لهما طابع إسباني”.
وأكد الأكاديميون، أن الأشخاص “الذين يروجون للمناطق الرمادية، يحرصون على استعمال الغموض، ليجعلوا من الصعوبة تفسير أفعالهم، لذا فإن أي محاولة لإثبات وجود هذه المنطقة، تميل إلى الكشف عنها، عن طريق تراكم الأدلة، وتكمن الصعوبة بالخصوص عندما يتعلق الأمر بإثبات وجود سياسة عامة وراء الأنشطة التي يتم تنفيذها من قبل المغرب”.
وشددوا على أنه للتمكن من الحديث عن هذه المنطقة، “من الضروري التحقق من وجود دافع لمادة جيوسياسية معينة”، مسترسلين أن “مطالبة المغرب بضم سبتة ومليلية تتناسب تماماً مع هذا المخطط”، مردفين: “من الضروري التحقق من استعمال مجموعة من الأدوات التي تميز هذه الأنواع من السيناريوهات والتي تجمع بين تدابير الضغط المختلفة”.
وأوضح التقرير، أن هذه الأدوات، “عادة ما تكون طبيعة غير عسكرية، على الرغم من تعزيزها دائما بقدرة ردع عسكرية موثوقة، مصممة لحماية تلك المنطقة الرمادية وتأثيراتها”، مردفين أنه “بالنظر إلى السوابق التي تمت مناقشتها في التقرير من المسيرة الخضراء إلى أزمة ماي، فإن أكثر الأمور حكمة هي مراقبة النشاط المغربي على أساس الأطر النظرية مثل الإطار المقترح بشأن المنطقة الرمادية”.
وجدّد الأكاديميون، التأكيد على خلاصة التقرير الأساسية، التي تقول إن “احتمال أن ينشر المغرب استراتيجية هجينة في إطار المنطقة الرمادية، مع التركيز على الاستيلاء على السيادة على سبتة ومليلية دون فرض حرب مفتوحة، تشكل، على الأقل، واحدة من أكثر فرضيات العمل المعقولة التي يمكن طرحها”.
تعليقات الزوار ( 0 )