عانت افريقيا طيلة عقود طوال من فتك الأمراض و الأوبئة، فكان التاريخ الافريقي مرير مع الأوبئة كالملاريا وكوليرا وأخيرهم ايبولا، قبل ظهور فيروس كوفيد 19 أو كورونا الذي لم يجتاح إفريقيا فقط بل اجتاح العالم و أضعف القدرة الصحية لمجموعة من البلدان .
استطاع فيروس كورونا أن يجد موطئ قدم له داخل القارة الإفريقية بعد مرور أزيد من 5 شهور على أول ظهور له في الصين. فرغم أن احصائيات المصابين بالفيروس داخل القارة الافريقية و خصوصا الشطر الجنوبي منها يبقى ضعيفا مقارنة مع الشطر الشمالي من العالم ، فسبب ذلك يرجع إلى أن الإصابات التي تم اكتشافها فهي تعود للمصابين القادمين من البلدان الأخرى إلا أن الفيروس من المرجح أن يدخل مرحلة الذروة على غرار باقي بلدان العالم ، المعروفة بارتفاع عدد المصابين نتيجة انتقال العدوى .
وما يثير القلق هو أن تصير افريقيا القنبلة الموقوتة للفيروس، ما دفع مجموعة من الدول إلى اتخاذ التدابير الوقائية كإغلاق الحدود وفرض حظر التجوال. لكن الواقع المعيشي الافريقي تجعل كل هذه الإجراءات غير معمول بها ، فالفقر و سوء التغذية تنهش المواطن الافريقي.
كما ان الحكومات غير قادرة على توفير المساعدات المالية و الغذائية للمواطنين على غرار دول العالم . فكيف تستطيع أن تقنع المواطن الافريقي بإتباع اجراءات النظافة و هو بالكاد يجد ماءا صالحا للشرب.
فدول افريقيا جنوب الصحراء تصنف من أفقر الدول عالميا ، فعدد الأفراد الذين يعيشون تحت فقر خط الفقر حسب التقرير السنوي للبنك الدولي يتجاوز 413 مليون شخص اي بنسبة تقارب 39% من سكان القارة الافريقية ،أما دولة التشاد مثلا يصل إلى 80% .
كما أن الخبيرالفرنسي كلود جاماتييه في مناقشته لكتاب ( إفريقيا و المياه: الاشكالية ) خلص إلى أن أربع عشرة دولة افريقية تفتقد المصادر المائية الكافية . كما يعيش ما أزيد عن 40 % من السكان في افريقيا في أراضي شبه قاحلة و الاراضي الجافة كما أنه في 16 دولة إفريقية يتجاوز التصحر في أراضيها إلى 50 %.
و تشهد افريقيا أعلى مستويات انعدام الأمن الغذائي في العالم ، حيث يصل عدد الاشخاص الذين يعانون من انعدام
الامن الغذائي إلى أزيد من 243 مليون نسمة . كما ان انتشار سوء التغذية يشكل أحد
الأسباب الرئيسية لسوء الصحة.
فالوضع الاجتماعي و الاقتصادي لهذه الدول جد هش ما قد يساهم في تفشي الوباء بشكل كبير ، كما أن الوضع الصحي لهذه الدول تعرف هشاشة من حيث البنية التحتية و المعدات ، فنجد دول لا
تملك وحدات العناية المركزة بما فيها أجهزة التنفس الاصطناعي كدولة زيمبابوي ، في
حين دولة مالاوي مثلا لا تتعدى 25 وحدة ، و 22 وحدة بالغابون، 20 بجمهورية الكونغو
، 5 وحدات في النيجر و 3 وحدات بإفريقيا
الوسطى . فهذه الأرقام توضح مدى هشاشة البنية الصحية بمجموعة
من الدول أمام التعداد و الكثافة السكانية.
فين حين تجاوز عدد الاصابات 19 ألف حالة من حالات كورونا في القارة الإفريقية مع
تسجيل 4.416 حالة شفاء و 991 حالة وفاة .إلا أن عدد المصابين بالفيروس تبقى نسبية
أمام انعدام أجهزة الكشف بمجموعة من هذه الدول.
تعليقات الزوار ( 0 )