نلاحظ جهودا إعلامية مغربية مشتتة وغير مدركة لحقيقة الموقف الرسمي الموريتاني من الملف الصحراوي، أو انها لا تود إدراك ذلك، انها صحافة تسيء على الدوام إلى العلاقات بين الرباط-أنواكشوط اكثر مما تخدمها حيث تظهر المغرب الشقيق وكأنه وصيا على الموقف الموريتاني وخاصة كلما صرح مسؤول موريتاني بموقف تراه هذه الصحافة ايجابيا أو سلبيا.
وذلك بالرغم من القفزة الهائلة على مستوى العلاقات المحققة اخيرا بعد فترة تجميد وتوتر ناهزت العشر سنوات، فالأولوية الان هي للرفع من حجم التبادل التجاري والمصالح الاقتصادية بين البلدين وليست فرصة تعاود من خلالها الصحافة النبش في اللبنات المترهلة ضمن سلم أولويات الدولتين.
ومع رغبتي في أن تتوقف صحافة الأثارة عن توتير الموقف وشحنه بنبرات خارجة عن السياق فإنني أرى أن تصريح رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني إنما يعكس الموقف الرسمي الذي اتخذته موريتانيا منذ العام 1979.
وهو الموقف القاضي بالاعتراف بجبهة البوليساريو وحكومتها بما يقتضيه ذلك من ترتيبات ومسؤوليات، ووفقا لقراءتي هذه فإن هذا الموقف يصعب تعديله في الوقت الراهن ولكن ذلك لا يعني انه سيكون على حساب علاقات التعاون المثمر حاليا مع المغرب.
بالنسبة لمصطبح “الحياد الإيجابي” فهذه هي الرغبة التي تضمنتها تقارير الأمين العام للأمم المتحدة السابق السيد بان كيمون والتي طالب من خلالها منذ 2014 موريتانيا التزام نوع من “الحياد الإيجابي” بعدما لاحظ مبعوثه الشخصي ان زعم أنواكشوط انها تتخذ موقف الحياد المطلق يجعلها زرقا سلبيا في جهود التسوية الجارية.
ومنذ تلك المناشدة باتت وزارة الخارجية الموريتانية والاطراف المرتبطة بالحكومة الموريتانية تعبر على الدوام عن هذا الموقف والذي من شأنه ان يمكن بلادنا من لعب دور التقريب أو التسهيل بين أطراف النزاع وليس فقط حضور مفاوضات التسوية دون أن تتحرك أو تبذل جهدا يؤكد على ثقلها المادي أو الديبلوماسي أو الجيو-استراتيجي.
كخلاصة، مثل هذه التصريحات ليست مستجدة وليست بالطارئة لذا يجب على الصحافة الاطلاع اولا على الموقف الموريتاني وتبين طبيعة الدور الذي تحاول القيام به.
*كاتب وإعلامي موريتاني، وخبير في قضايا غرب إفريقيا والساحل
تعليقات الزوار ( 0 )