رصد عدد من الصحفيين والإعلاميين المغاربة، بعض ما وصفوه بـ”الانحرافات المهنية” خلال تغطيتهم لعملية إنقاذ الطفل ريان المتواصلة إلى حدود الساعة، وذلك عبر استغلال هذا الحدث الذي أصبح قضية رأي عام وطني ودولي للربح المادي عن طريق صفحات مواقع التواصل الاجتماعي ومنصة “يوتيوب”.
ولاحظ متابعون لهذه التجاوزات أن عدد من المنابر الإعلامية الإلكترونية المغربية والصفحات الاجتماعية عمدت إلى نشر صور الطفل وهو في حالة ضعف وينزف داخل البئر الذي يقبع به إلى الآن في عمق 32 مترا تحت الأرض دون مراعاة لمشاعر أسرته والمواطنين المتابعين لهذه القضية.
واعتبر عدد من الإعلاميين أن نشر صورة الطفل دون تغطية وجهه أو إخفاء هويته –على الأقل- يعد “خرقاً سافرا” لأخلاقيات مهنة الصحافة والإعلام واعتداء على شخص الضحية وأسرته.
كما انتقد آخرون، في هذا السياق، استجواب عدد من المنابر الإعلامية لأب وأم الطفل ريان بطريقة غير مهنية عبر طرح أسئلة تزيد من تعميق أزمتهما جرّاء فقدان ابنهما، وكان الغرض من هذه الأسئلة، وفق المتابعين، جلب المزيد من المتابعات عبر إقحام “والد ووالدة الطفل ريان” في عناوين هذه الفيديوهات المباشرة.
إلى ذلك، رصدت جريدة “بناصا” إقدام بعض الصفحات التابعة لمنابر إعلامية أخرى، على نشر فيديوهات قديمة، تعود لليوم الأول من بداية الحفر، على أساس أنها مباشرة –وهي تقنية يتيحها الفايسبوك ويتم استغلالها من طرف هؤلاء في تضليل متابعيهم- وذلك بغرض استمرار البث المباشر على صفحاتهم وتحقيق الانتشار الذي يطمحون إليه على هذه المنصة.
في هذا السياق، قال محمد أحداد، الصحفي في معهد الجزيرة القطرية، “أن يوثق كل الحضور أدق تفاصيل هذا المسلسل المرعب بالهواتف الذكية لا يبدو غريبا عندما تجتمع التكنولوجيا بالتصرفات غير السوية، أما أن تتحول الفاجعة إلى مادة دسمة إعلامية فذلك تجاوز يستحق وقفة متأنية وتأنيبا لعدم تطبيق أبسط المعايير المهنية”.
وأضاف أحداد في تدوينة على صفحته أن التغطية المهنية تقتضي أن نصون خصوصية الطفل و لا نظهر صورا خاصة مأساوية لا تقدم أي معطى خبري، لا نزاحم فرق الإنقاذ و لا نضغط عليها في هذه اللحظات الحرجة، ونختار مكانا مناسبا على مسافة منطقية و أخلاقية لنقل المستجدات و المعطيات التي توفرها الجهات الرسمية، ونتجنب التهور و المبالغة”. قبل أن يختم بالقول: “حذار حذار من البحث عن الصور الصادمة، ريان طفل وجب حفظ كرامته”.
من جهته، قال الصحفي المغربي إسماعيل عزام، إن “هناك أسماء متعددة لزملاء لم يناموا ويحرصون على ذكر التفاصيل انطلاقا من مصادرها وباحترام تام لأخلاقيات المهنة مهما وقعوا في أخطاء بسيطة غير مقصودة يقع فيها كل من جرّب العمل الميداني وصعوبته”.
“أما إعلام المجاري”، يضيف عزام، ومن “اعتادوا الانتفاع من مآسي الناس ومن تعودوا على نقل الكذب والمبالغة بشكل مقصود، وكذلك من سارعوا للوصول إلى المنطقة لغرض واحد هو البحث عن آلاف المتابعين حتى ولو كان ذلك على حساب آلام الأسرة وحق ابنها في تغطية تحفظ كرامته، وغيرهم من محترفي الركمجة، فالله ياخذ فيكم الحق وصافي!”.
وكانت السلطات المحلية قد دخلت، ليلة أمس، في مشادات مع بعض “الإعلاميين” بسبب تجمهرهم في أمكنة تعيق عمل فرق الإنقاذ وتعرّض حياتهم للخطر، بحيث يبحثون عن زوايا مناسبة لنقل جميع أطوار العملية، قبل أن يتم تخصيص مكان لهم من قبل السلطات. وفق ما نقلته مصادر محلية.
تعليقات الزوار ( 0 )