باتت الإعفاءات التي تطال بعض مدراء المؤسسات التعليمية نتيجة ارتكابهم لبعض الخروقات المهنية أحد العناوين البارزة التي تميز الدخول المدرسي كل سنة، فلا يمكن أن ينطلق الدخول المدرسي سنويا دون أن نقرأ أخبارا في الصحافة أو على وسائل التواصل الاجتماعي عن مديرين أعفتهم وزارة التربية الوطنية من مناصبهم بعد أن سجلت لجان التفتيش التي زارت مؤسساتهم مجموعة من الأخطاء التدبيرية في حقهم.
وإذا كان أغلب المدراء المعفيين يصرون على عدم التعليق على الأسباب التي استدعت إصدار قرارات الإعفاء في حقهم أو الطعن فيها إداريا، فهناك بالمقابل مديرون ومديرات شكلوا حالات الاستثناء بعد أن قرروا الحديث إلى وسائل الإعلام لإبداء رأيهم في ما اعتبرته الوزارة المعنية اختلالات مهنية عجلت بإعفائهم من مهام الإدارة التربوية المنوطة بهم.
ليلى التاقي التي كانت تشغل منصب مديرية ثانوية السمارة الإعدادية بمديرية سلا قبل إعفائها أحد الأمثلة عن أطر إدارية بوزارة التربية الوطنية لم تعتبر قرار الإعفاء قرآنا منزلا لا يجب التشكيك في مصداقيته أو مساءلته وبناء على ذلك شرعت في التعقيب على مضمون قرار الإعفاء الصادر في حقها يوم ال 28 من شهر شتنبر المنصرم ما إن عرفت سبب ربط جريدة “بناصا” الإلكترونية الاتصال بها هاتفيا.
بحسب قرار الإعفاء الذي تتوفر “بناصا” على نسخة منه، فإن لجنة التفتيش الإقليمي سجلت في حقها “مجموعة من المؤاخذات” ذات الصلة بالإخلال بالواجب المهني وهي استخلاص مبلغ 20 درهما عن كل تلميذ دون سند قانوني واقتناء حاسوب من المبالغة المستخلصة خارج الضوابط القانونية والسماح لسيدة أجنبية عن المؤسسة بالقيام بأعمال إدارية بدون صفة والأمر بإحراق أوراق فروض المراقبة المستمرة ودفاتر النصوص والتسبب في احتقان الأوضاع بالمؤسسة بسبب التوترات بين المديرة وعدة متدخلين، بالإضافة إلى تغيير أقفال مكتبين دون موجب قانوني مقبول.
مؤسسة “مهجورة”
في ردها على المبلغ المالي الذي حصلت عليه من تلاميذ المؤسسة بدون سند قانوني، قالت التاقي إنه بعد حوالي 20 يوما من توقيع محضر انتقالها للعمل بالمؤسسة التعليمية سالفة الذكر زارتها لجنتين وبعد مضي أقل من أسبوع توصلت بقرار إعفائها “بناء على تهم تم إلصاقها بي بعد أن رفضت اللجنتان الاستماع إلي”، وفق تعبيرها.
وأوضحت أنها اجتمعت يوم ال 20 من شهر غشت المنصرم مع رئيس جمعية آباء وأمهات وأولياء التلاميذ وأمين المال بنفس الجمعية لإصلاح ما يمكن إصلاحه بالمؤسسة التي وصفتها ب “المهجورة” و”غير المؤهلة”، وخصوصا المرافق الصحية التي تفتقد إلى الأبواب وقنوات الصرف الصحي والقاعات الثلاثة التي تم إغلاقها لمدة سنتين بسبب تسرب المياه إليها، معلقة على ذلك بالقول “ماشي شي قطرة لي خطيرة”.
الوثائق المدرسية
بعد رفض ممثلي الجمعية سالفة الذكر المساهمة في تأهيل المؤسسة بمبرر أن ذلك يقع ضمن مسؤولية المديرية وهو الأمر الذي أبدت عدم اتفاقها معه، اقترحت عليهما أن يدفع التلاميذ مبلغ 20 درهما إلى إدارة المؤسسة كتعويض عن الوثائق المدرسية، لكن مقترحها قوبل بالرفض من طرف الفاعلين الجمعويين المعنيين.
وفيما رفض مقتصد المؤسسة جمع مبلغ الوثائق المدرسية إلى جانب واجبات التسجيل من التلاميذ، قامت المديرة بتعليق وثيقة تدعو من خلالها التلاميذ إلى أداء واجب الوثائق المدرسية المتمثل في 20 درهما، الأمر الذي أثار احتجاج المقتصد والحارسة العامة بالمؤسسة أمام التلاميذ وأولياء أمورهم بداعي أن ذلك غير قانوني، مشيرة إلى أنها أخطأت حين طلبت من التلاميذ دفع المبلغ المذكور لتقوم بإزالة الوثيقة والاحتفاظ بمبلغ 900 درهما الذي استخلصته منهم، وهو المبلغ الذي أضافت إليه 100 درهما من مالها الخاص واقتنت به حاسوبا مستعملا للحارس العام الذي تم تعيينه بالمؤسسة عن فئة المتصرفين التربويين المتدربين، وذلك راجع إلى أن جمعية دعم مدرسة النجاح لم يتم تفعليها بالمؤسسة منذ سنة 2018.
إدارية “بدون صفة”
وعن السيدة التي كلفتها المديرة بمزاولة مهام إدارية “بدون صفة”، قالت المديرة المعفية: “كيف لها أن تقوم بذلك وهي لا تفرق بين الليف والزواطة”، مشيرة إلى أن تواجدها بالمؤسسة كان من أجل القيام بأشغال التنظيف خلال الغياب المؤقت للسيدتين المكلفتين بهذه المهمة وما قصدته المديرية بقيامها بأشغال إدارية هو استلامها لوثائق التسجيل من طرف التلاميذ ووضعها في الأظرفة المخصصة لها وهي مهمة لا يحتاج تنفيذها أي مستوى دراسي.
وكرد فعل على رفض المكلفتين بأعمال التنظيف القيام بعملهما بالشكل المطلوب احتجاجا على خصم الجهة المشغلة لمبالغ من أجرتهما الشهرية، راسلت المديرة المديرية من أجل تعويضهما بأجيرتين أخريتين لتتلقى جوابا من المديرية مفاده قبول طلبها الوارد في المراسلة.
“تماطل” الحارسة العامة
وتعقيبا على إقدامها على تغيير أقفال مكتبين بدون مبرر قانوني مقبول، قالت المديرة السابقة لثانوية السمارة الإعدادية إن ذلك كان ردا على “تماطل” الحارسة العامة في تمكينها من ملفات التلاميذ المغادرين إلى مؤسسات أخرى ورفضها منح المديرة نسخة من مفتاح المكتب للحصول على تلك الملفات خلال الأوقات التي لا تكون فيها متواجدة بالمكتب، معتبرة أن “مكتب الحارس العام هو جزء من مكتب السيد المدير”، وفق تعبيرها.
وفيما كشفت أن الحارسة العامة تقدمت بشهادة طبية مدتها حوالي أسبوع دون أن تترك لها مفتاح مكتبها، أوضحت أن المكتب الثاني الذي غيرت له القفل هو مكتب الإطار الإداري الجديد، لافتة إلى أنها فعلت ذلك لعدم تسلمها مفتاحه.
واحتجاجا على ما أقدمت عليه المديرة، رفضت الحارسة العامة الدخول إلى مكتبها واستلام المفتاح الجديد من المديرة وقامت مقابل ذلك بالجلوس على طاولة دراسية على مقربة من الباب الخارجي للمؤسسة بعد أن وضعت عليها ورقة تعريفية كتب عليها “هنا مكتب الحراسة العامة”.
وعن إمكانية الطعن في القرار الصادر في حقها لدى الجهات المختصة، قالت متحدث “بناصا” إنها ستتصل بمحام لرفع دعوى قضائية نيابة عنها بخصوص التشهير الذي تعرضت له والتهم التي وجهت لها، ومن بينها التزوير وحرق أرشيف المؤسسة.
تعليقات الزوار ( 0 )