شارك المقال
  • تم النسخ

إصدارات: نظام الأشياء مقاربات في تاريخ الأفكار الحيوية

صدر للباحث المغربي الدكتور بدر المقري المتخصص في الجغرافيا الثقافية وتاريخ الأفكار عن مركز ابن غازي للأبحاث والدراسات الاستراتيجية وعالم الكتب الحديث كتاب كتاب بعنوان “نظام الأشياء: مقاربات في تاريخ الأفكار الحيوية”، وهو دراسة فلسفية تحليلية لأبنية الثقافة والسياسة والمعرفة.

وقد جاء الكتاب من فصلين، عنون الكاتب الفصل الأول بحفريات في الخطاب العربي/ إعمال الذهن في بنى التمثل، والفصل الثاني بـ”الثقافة العضوية وما إليها: إجالة النظر في كتابات عمر بن جلون”، ومما جاء في تقديم الدكتور إدريس مقبول للكتاب:

فإن النقد الثقافي يسعى في جوهره، إلى جانب ما يتوخاه من تعرية لنشاط البنى الإيديولوجية في تحديد التوجهات والمواقف الكبرى، إعادة تركيب علاقة التاريخ بالبشر الذين صنعوه، وذلك حتى نتمكن من رؤية المشاهد الدالة بدون كثافة استعارية وبدون عمليات حذف واختزال ثقافي.

إن حركة المجتمعات تأخذ مسارات متنوعة يتحكم فيها طبيعة الأنساق الثقافية في كل طور حضاري وقوى الجذب والدفع التي تصنع الإمكانات والاحتمالات التي تغذيها تطلعات وأشجان البشر المتسلحين بإرادة التغلب وإرادة الحياة، ولا تكون الحركة في الواقع إلا ترجمة لصراع هذه القوى في طريقها نحو ما تراه مشروعا ثقافيا يستحق أن تناضل عنه وتحميه بكل الأساليب، لأنه يصبح حينها المقابل الموضوعي لوجود الذات في مقاومة عمليات المحو والتذويب والإلحاق.

في هذا الكتاب يجد القارئ نفسه إزاء مشروع تفكيكي يشتغل بهدوء يجرب أدواته التحليلية بمهارة وشجاعة بعيدا عن صخب الورشات الاستعراضية والأضواء المضللة، يحاول أن يتوغل عميقا في قضايا الذات والموضوع، التاريخ والاجتماع، بحس فلسفي يفتش عن نقط الارتكاز ويكشف مجاري السيولة والانصهار والتلاشي وكل أشكال التشويه التي تقصف بها أدوات الاستعمار الثقافي والفكري حصون الذات.

لقد ساعد الدكتور بدر المقري في قدرته على الغوص عميقا في مياه الثقافة بمعناها الموسع التي اختار أن تكون مجال نقده على طريقة إدوارد سعيد، انفتاحه على أكثر من مدرسة فكرية في مجال السوسيولوجيا وعلم النفس وتحليل الخطاب والتاريخ والعلوم السياسية، مع توفره على قدر كبير من الحساسية يمنحه الكفاءة اللازمة لصياغة استشكالاته وأجوبته بطريقة إبداعية مختلفة غير مألوفة، تبحث عن المفتاح في مكان غير متوقع، وهذا واحد من عوامل تميز أعماله.

ولم تكن العلوم الإنسانية والاجتماعية وحدها التي نفذ من خلالها الدكتور بدر المقري لموضوعاته وحقوله ليكشف ما وراء الخطابات من برامج ومصالح وأهواء، بل يكشف لنا عمله هذا عن اطلاعه الواسع على المنجز في العلوم البحثة وفي فلسفتها، مَكَّنَه من السياحة المعرفية عبر حدود تستعصي على باحث لا يمتلك المهارة في رصد التشاكلات وعبور الجسور الدقيقة وغير المرئية أحيانا والوصول إلى تخوم الدلالات البعيدة.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي