أثر استثناء الموانئ الإسبانية من عملية “مرحبا 2021” لعبور المهاجرين المغاربة، في سياق تداعيات الأزمة الدبلوماسية بين البلدين، بشكل كبير على الاقتصاد الإسباني، الذي بدأ يحسب خساراته الفادحة، حيث كانت مئات الآلاف من الأسر المغربية تحرك عجلة اقتصاد المملكة الإيبيرية كل صيف على جانبي المضيق.
واستخدمت الرباط ورقة من أوراق الضغط التي تمتلكها للرد على مواقف مدريد العدائية تجاه الوحدة الترابية، وذلك بشل مورد اقتصادي هام بالنسبة لإسبانيا، حيث أفادت صحيفة «الكونفيدنشال» يومه (الجمعة) بأن إلغاء الموانئ الإسبانية، جعل اقتصاد مدينتي سبتة ومليلية على شفا الانهيار.
وقال رئيس بلدية الجزيرة الخضراء، خوسيه إجناسيو لاندالوس، إنّ شركات الشحن تحملت طوال السنة جملة من الخسائر، إضافة إلى وكالات الأسفار وسائقي سيارات الأجرة والفنادق، لافتا إلى أن حوالي نصف مليون مركبة ستتوقف فجأة عن الحركة في عملية “مرحبا 2021“.
وأضاف المصدر ذاته، في تصريحات صحافية، تعليقا على استثناء المغرب موانئ اسبانيا من عملية مرحبا 2021، أنّ الجزيرة الخضراء هي الميناء الأكثر حركة مرورًا في مرحلة المغادرة، حيث عبر في عام 2019، أزيد من 900000 مسافر.
وأوضح أن شركات الشحن والشركات المرتبطة بهذه العملية، ستخسر حوالي 500 مليون يورو، خاصة وأن الجزيرة الخضراء هي النقطة الرئيسية التي عبر فيها العديد من المهاجرين المغاربة الذين يقدر عددهم بـحوالي 3.34 مليون مغربي شاركوا في عملية 2019.
طريق الخراب
بدوره، أوضح ناتشو رابادان، المدير العام لاتحاد أرباب العمل في محطات الخدمة الإسبانية، أن المطاعم على جانب الطريق ومحطات الوقود ستعاني أيضًا من سياسة الضغط المغربية ضد إسبانيا، قائلا: “إن استثناء الموانيء الإسبانية كانت بمثابة أخبار سيئة جدًا للجميع، وهي القشة الأخيرة التي قصمت ظهر اقتصاد المدينتين”.
وأضاف المدير العام لاتحاد أرباب العمل في محطات الخدمة الإسبانية، أنه في 2019، مرت 740 ألف مركبة عبر إسبانيا، وفي سنة 2021، توقعنا أن يكون هناك المزيد في عملية مرحبا، لأن العديد من المغاربة في أوروبا لم يروا عائلاتهم منذ عامين”.
وقدر المصدر ذاته، أن المغاربة كانوا سينفقون ما لا يقل عن 85 مليون يورو على الطرق الإسبانية، وجزء كبير من هذه الأموال كان سيذهب إلى صوب طريق “روتا دي لا بلاتا” السريع (A-66).
وفي السنوات الأخيرة، اكتسبت طريق A-66 وزناً باعتبارها الطريق المفضل لآلاف المغاربة للعودة إلى وطنهم خلال فصل الصيف، حيث إن العديد من المهاجرين الذين يأتون من بلجيكا أو فرنسا يعبرون الحدود للتزود بالوقود في محطات إيرون، حيث يكون الوقود أرخص مما هو عليه في فرنسا، ثم يتابعون طريقهم إلى بورغوس.
وبدلاً من الاستمرار في طريق A-1 للذهاب عبر مدريد، يتجهون نحو سالامانكا، حيث يتم اختيار الطريق رقم A-66، على الرغم من أنه يتعين عليهم السفر لمسافات أطول للوصول إلى ميناء الجزيرة الخضراء وعبور المضيق إلا أن ذلك الطريق أقل ازدحامًا ولا يتعين عليهم دفع رسوم المرور.
وفي قشتالة وليون، تقدر الخسائر بـ25 مليون يورو بسبب إلغاء عملية مرحبا، وفقط في ضاحية سالامانكا، تصل هذه الأرقام إلى تسعة ملايين، وفي إكستريمادورا لن يتم تفويت الجيران في الجنوب أيضًا، وبالنسبة للعديد من الشركات في المنطقة، خاصة تلك المرتبطة بالطريق رقم A-66، لا يعتمد الموسم السياحي على البريطانيين أو الألمان أو الصينيين، بل على المغاربة.
وعلى بعد بضعة كيلومترات من سالامانكا، بجوار مجمع صناعي لبيع لحم الخنزير، يوجد فندق صغير متداعي يسمى “العائلة المالكة”، حيث القائمة باللغتين العربية والإسبانية، وتأمله صاحبته ليزريا أن يتم استئناف عملية مرحبا التي دأبت فيها على إعداد المأكولات للعابرين المغاربة قبل وصلوهم إلى بورغوس.
وعلى بعد أقل من 15 كيلومترًا من فندق ليزريا، في أرابيلز، تندب السيدة إنيما على الأموال التي سيتكبدها مطعمها، قائلة: “إن عدم عبور المغاربة سيعني خسارة 30 في المائة من الأرباح، علاوة على الكارثة الاقتصادية الناجمة عن الوباء، يمكن أن يكون استثناء عملية مرحبا ضربة قاضية للمؤسسات التجارية على هذا الطريق السريع.
وفي بلدية موتريل، التابعة لمنطقة أندلوسيا جنوب إسبانيا، هناك توقعات بخسارة 22 مليون يورو بسبب إلغاء عملية “عبور المضيق”، وهو النشاط الاقتصادي الأكثر تأثيراً في المدينة، كما سيؤثر في موانئ الجزيرة الخضراء، وطريفة، ومالقة، وألميريا، وأليكانتي، وسبتة، ومليلية.
ووفقا لتوقعات شركة إيبيريا الإسبانية، فإن استثناء الموانئ الإسبانية من هذه العملية، سيكبد شركات الملاحة في هذا البلد خسائر تقدر بنحو 450 إلى 500 مليون يورو، وذلك في الوقت الذي أعلن فيه المغرب عن خط بحري جديد يربط مدينة طنجة مع بورتيماو في البرتغال ويبدأ العمل به في يوليو القادم.
تعليقات الزوار ( 0 )