التركيبة التي تم اختيارها لتمثيل دول الطوق السوري في اجتماع عمان مثيرة إلى حد كبير سياسيا، وتطرح أسئلة آنية وإستراتيجية عن ملامح خطة هذه الدول لمواجهة التحدي الأمني في العمق السوري في حال الاتفاق على تعريفه.
الناطق باسم الخارجية الأردنية السفير سفيان القضاة أصدر تصريحا يكشف فيه النقاب عن تركيبة وفود اجتماع دول الجوار السوري في عمان.
لا يحضر وزراء الخارجية فقط في كل من الأردن وتركيا ولبنان وسوريا والعراق، بل يحضر فيما طبول الاشتباكات الأمنية تقرع في الساحل السوري رؤساء الأركان ومدراء أجهزة المخابرات في الدول الخمس، الأمر الذي يعني أن أجندة اللقاء والاجتماع ذات جذر سيادي وليس سياسيا فقط، بمعنى تداول المعطيات ونقل الخبرة والمعلومات لا بل التحذيرات المتبادلة أيضا.
بذلت عمان جهدا مرصودا في هندسة استضافة هذا اللقاء المهم.
أحد المسؤولين البارزين في وزارة الخارجية علق “للقدس العربي” قائلا: إن هذا الاجتماع مبرمج ليس فقط لدعم وإسناد مؤسسات الدولة السورية الجديدة ولكن لمحادثات بينية صريحة أيضا يظهر بعدها مستوى التوافق على ملفات محددة أمنيا باتت مطروحة بسبب الأحداث الأخيرة في مدن الساحل السوري.
السفير القضاة رسم خارطة الملفات التي تناقش وأبرزها أمن الحدود والتصدي لمكافحة الإرهاب، ثم التصدي لتهريب المخدرات والسلاح وأخيرا البعد الاقتصادي.
تعريف الإرهاب يتباين في الداخل السوري اليوم ما بين تركيا والأردن من جهة والعراق ولبنان من جهة أخرى، ففي فهم الدولتين ثمة إرهاب كردي شرقي سوريا وآخر مستحدث يتقمص فلول النظام السابق.
القناعة راسخة بأن أي وصول للحد الأدنى من التنسيق يتطلب تجاوز كمائن ومطبات الخلاف وأحيانا الصراع.
ما تسرب من كواليس تحضيرات الاجتماع يشير إلى أن الأردن وتركيا اتفقا على ضغط خاص يفترض أن يمارس على حكومة بغداد ويطالبها بالتصدي لأي محاولة من مجموعات عراقية مسلحة يمكن أن تخطط لعبور الحدود باتجاه سوريا.
وقد يطالب العراق هنا بأن لا يسمح لأي أطراف أخرى في الإقليم باستخدام الحدود العراقية السورية، حيث باتت الحكومة العراقية معنية بأن لا تتأثر علاقاتها مع الأردن سلبا وباستمرار تهدئة تركيا.
وجود مسؤولي المنظومات الدفاعية والعسكرية والأمنية والسيادية في اجتماع عمان عنصر إضافي في المشهد يمكن توقع مصارحات نشطة بسببه، حيث أن هذا التمثيل الرمزي لم يحضر مؤتمر العقبة في بدايات تشكيل الحالة السورية الجديدة، وحيث مصلحة دولة مثل الأردن ملحة اليوم بأن لا تعبر حدودها أو تتكدس بجانبها تلك التناقضات التي تحصل في مدن الساحل السوري.
هندسة لقاء عمان لما يسمى بدول الجوار السوري مثيرة ولافتة جدا للنظر لأنها مشتركة هذه المرة مع المؤسسات التركية، وهو الأمر الذي تطلب لقاء مقصودا مع صورة بدلالات سيادية لثلاثة رجال هم الأقوى في المؤسسة التركية مع نظرائهم في القوة والحضور في المؤسسة الأردنية.
وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي عقد لقاء تنسيقيا في مكتبه قبل انعقاد الاجتماع الخماسي بحضور رئيس الأركان ومدير المخابرات في الجانب الأردني ووزير الدفاع التركي يشار غولر ومدير المخابرات إبراهيم كولن.
التقط الستة الكبار صورة خاصة بعد اجتماع الهندسة المشار إليه، وأجندة لقاء اجتماع الجوار السوري في عمان تتضمن حد أدنى من التصور العملياتي التنسيقي على الحدود العراقية واللبنانية مع الجانب العملياتي التنسيقي على الحدود التركية والأردنية مع سوريا.
اجتماع عمان يسعى للبحث عن الحلقة المفقودة.
الوضع في لبنان قد لا يسمح بالتوافق على المسطرة التركية الأردنية بخصوص الملف السوري، والموقف العراقي شائك ومعقد وحاجة تركيا والأردن قوية لضمان حياد المعادلة العراقية ما دامت بعض الأحداث الأمنية قد حركتها عدة أطراف في الساحل السوري وفي شرق سوريا حيث الأكراد.
وما دامت أيضا بيانات المشايخ بدأت تظهر وتناكف في مواقع مثل السويداء ودرعا.
تعليقات الزوار ( 0 )