Share
  • Link copied

أ.ف.ب: “البيجيدي” يدفع ثمنا باهضا “لتليين” خطه السياسي

مني حزب العدالة والتنمية الإسلامي بهزيمة قاسية في الانتخابات التي جرت الأربعاء في المغرب، يرجعها مراقبون إلى “تليين خطه السياسي” منذ إعفاء الملك زعيمه السابق عبد الإله بنكيران من رئاسة الحكومة قبل خمسة أعوام وإلى الانقسامات الداخلية.

وبعد توليه رئاسة حكومتين ائتلافيتين لعشر سنوات في أعقاب الربيع العربي العام 2011، انهار الحزب الإسلامي المعتدل مكتفيا بـ12 مقعدا برلمانيا مقابل 125 في البرلمان المنتهية ولايته، وفق النتائج الجزئية التي أعلنت ليل الأربعاء الخميس.

وفقد الإسلاميون الصدراة لصالح حزب التجمع الوطني للأحرار، المصنف ليبراليا، رغم أن الأخير شاركه الحكومة المنتهية ولايتها وسي ر فيها وزارات أساسية مثل الزراعة التي يتولاها رئيسه عزيز أخنوش منذ 2007 وهو يوصف بالمقرب من القصر.

وخلافا لما حدث مع الإسلاميين في مصر وتونس بعد الربيع العربي، يعد العدالة والتنمية أول حزب إسلامي يغادر السلطة من خلال صناديق الاقتراع.

وربط أستاذ العلوم السياسية إسماعيل حمودي هذه الهزيمة المدوية و”المفاجئة” ب”تليين الحزب خطه السياسي منذ إبعاد زعيمه السابق عبد الإله بنكيران” عن رئاسة الحكومة في العام 2017.

بدوره لا يستبعد المؤرخ الفرنسي المتخصص في الشؤون المغربية بيار فيرمورين أن يكون “فقدان الحزب زعيمه الكاريزمي بنكيران، وقبوله باتفاق التطبيع بين المغرب وإسرائيل” عوامل أساسية في اندحاره.

ظل الحزب الإسلامي المعتدل يحقق نتائج تصاعدية منذ مشاركته في أول انتخابات برلمانية العام 1997، إلى أن وصل إلى رئاسة الحكومة من دون السيطرة على الوزارات الأساسية. وذلك في أعقاب احتجاجات حركة 20 فبراير 2011 التي طالبت “بإسقاط الفساد والاستبداد”.

بعد خمسة أعوام استطاع الحفاظ على موقعه وفاز بانتخابات 2016 بفارق مهم عن أقرب منافسيه، بقيادة أمينه العام السابق عبد الإله بنكيران.

واشتهر الأخير بحضوره الإعلامي البارز وانتقاده المتواصل “التحك م”، في إشارة منه إلى الدولة العميقة.

ويرى حمودي أن “الناخبين احتضنوا الحزب حينها رغم استعمال المال وتدخل السلطة بالنظر للمقاومة التي كان يبديها بنكيران، بينما تخلوا عنه اليوم وعاقبوه”.

رغم فوزه بانتخابات 2016 لم يستطع بنكيران تشكيل حكومة ثانية مصرا على رفض شروط وضعها رئيس حزب التجمع عزيز أخنوش في أزمة سياسية استمرت أشهرا ، قبل أن يعفيه الملك ويعين بدله الرجل الثاني في الحزب سعد الدين العثماني.

وقبل الأخير مباشرة بعد تعيينه كافة شروط أخنوش، ما أظهر الحزب في صورة ضعيفة.

ورأى المحلل السياسي مصطفى السحيمي أن قبول العثماني تلك الشروط “كان من باب التوافق لكنه اعتبر خضوعا من طرفه ما أضعفه منذ البداية”.

وأضاف “اليوم أغلق قوس الإسلاميين، نحن أمام مرحلة جديدة بأحزاب لا تعارض أسس الحكم ولديها قرب من القصر”.

وعلاوة على التجمع الوطني للأحرار الذي سيرأس الحكومة المقبلة، حافظ الأصالة والمعاصرة على المرتبة الثانية (82 مقعدا) بعدما فشل في هزم الإسلاميين قبل خمسة أعوام.

وكان خصمهم الرئيسي منذ أسسه مستشار الملك حاليا فؤاد عالي الهمة العام 2008، قبل أن يغادره في 2011.

من جهته يشير أستاذ العلوم السياسية أحمد بوز إلى أن “انهيار” الإسلاميين في هذه الانتخابات يرتبط أيضا “باستمرار الازدواجية لديهم بين شعارات قوية تخالف الممارسة”.

ويخص بالذكر توقيع رئيس الحكومة المنتهية ولايته سعد الدين العثماني على اتفاق استئناف العلاقات بين المغرب وإسرائيل أواخر العام الماضي في مقابل اعتراف الولايات المتحدة بسيادة المملكة على الصحراء “بينما دان ذراعه الدعوي ذلك”.

ويرتبط العدالة والتنمية بحركة التوحيد والإصلاح وهي جمعية دعوية نشيطة، تعتبر مناهضة التطبيع مع إسرائيل من شعاراتها الرئيسية.

ووجد الحزب نفسه مرة أخرى في تناقض مع مواقفه المعلنة عندما تبنى قانونا ينص على استعمال اللغة الفرنسية في التدريس، فيما خاض ذراعه الدعوي وأمينه العام السابق حملة ضد “استهداف” اللغة العربية.

وتكرر الأمر مجددا عندما تبنت الحكومة قانونا لإباحة زراعة القنب الهندي لأغراض طبية وصناعية، لكن نواب الحزب في البرلمان امتنعوا عن تبنيه بعد تهديد بنكيران بالاستقالة منه بدعوى أن المشروع “شرعنة للمخدرات”.

وعكست الخلافات انقساما واضحا بين خطين وأث رت سلبا على الاستعداد للانتخابات وفق حمودي الذي لفت إلى تواري حركة التوحيد والإصلاح خلال الانتخابات وعدم دعوة أعضائها للتصويت لصالح الحزب.

وختم “في النهاية توجه العثماني وتيار الوزراء إلى الانتخابات معزولين”.

وكانت أولى نتائج الهزيمة المدوية استقالة أعضاء الأمانة العامة للحزب من قيادته، بمن فيهم سعد الدين العثماني.

وأعلنت الأمانة العامة المستقيلة مساء الخميس أنها “تتحمل كامل مسؤوليتها السياسية عن تدبيرها لهذه المرحلة”.

Share
  • Link copied
المقال التالي