تنتشر على الحدود المغربية الجزائرية مجموعة من القبائل الممزقة إلى نصفين؛ نصف في الجزائر والآخر في المغرب، كقبيلة أيت خباش وذوي منيع وبني كيل وبني يزناسن…
قبائل وعائلات جمعها الدم وفرقتها الحدود بعد إغلاقها بداية تسعينات القرن الماضي، فانقطعت الزيارات بين الإخوة والأعمام والأخوال، وفقدت عائلات أخرى أراضيها ونخيلها وممتلكاتها بالجزائر، في البلديات والولايات الجزائرية الحدودية، بعدما اضطرها إغلاق الحدود إلى عدم التمكن من الترحال بين البلدين كما كانت تفعل في السابق، فقبيلة أيت خباش على سبيل المثال لا الحصر، كانت ترتحل بكل حرية ودون مشاكل بين الجزائر والمغرب حتى حدود التسعينات باعتبارها من قبائل الرحل، وكانت تستوطن بلدية تبلبالة التابعة لولاية بشار سابقا وولاية بني عباس منذ 2019، لتستقر عائلات منها إلى اليوم هناك فيما يشبه عملية احتجاز جماعي بينما نصفها الثاني في المغرب، أما تلك التي التحقت نهائيا بالمغرب، فقد تخلت عن أراضيها مكرهة بعدما حاولت مرارا السفر إلى الجزائر لاستغلالها ولكن دون جدوى بسبب مصاريف التنقل الباهظة والتعقيدات القانونية التي لا تنتهي، لتفقد بذلك عشرات أشجار النخيل وأراضي شاسعة دون أي تعويض يذكر، وهي التي كان أفرادها يتوفرون على بطاقتي تعريف مغربية وجزائرية، وإن لم يكونوا أصلا بحاجة إليها لأن التنقل بين أرضهم في المغرب وأرضهم في الجزائر كان كالتنقل بين غرف بيوتهم ولم يكونوا يصدقوا أنه سيأتي يوم يصبح فيه السفر إلى بعض الدول الأخرى أسهل من الالتحاق بأرضهم ومنازلهم في الجزائر، ليأتي اليوم ويا للغرابة من يسأل وكأن الأمر بحاجة إلى سؤال؛ لمن الصحراء الشرقية؟
إنها إذًا مأساة إنسانية تجاهلها السياسيون والإعلام والحقوقيون، وحتى إن تطرقوا إليها، فإنه يبقى حديثا مناسبتيا وموسميا، في حين أن المطلوب هو الضغط والترافع المتواصل للتعريف بهذه المأساة التي تتخذ تمظهرات عدة لعل أشنعها موت الأجداد وغياب الأحفاد عن جنازاتهم ووفاة الإخوة ولم يحضر لتشييعهم إخوانهم من الجهة المقايلة…
في إحدى التسجيلات الصوتية المؤثرة(شاهد الفيديو المرفق)، نسمع صوت امرأة خباشية تدعى رقية موح يظهر من صوتها أنها مسنة، حيث تسأل بحرقة وبصوت يدمي القلب عن بنات أخواتها وإخوانها في المغرب، فرغم انقطاع العلاقات لأزيد من ثلاثين سنة، إلا أن خالتي رقية مازالت تتذكر وبقوة أفراد عائلتها بالمغرب واحدا واحدا كما تتحدث بطلاقة أمازيغية أيت خباش مصرة على رقم هاتف بنات أختها فطو للاتصال بهن، ما يبين أن الحنين إلى العائلة لن تمحوه الأيام ولا إغلاق الحدود.
فإلى متى ستبقى العائلات والأقارب من الجانبين يدفعون ثمن الخلافات السياسية بين البلدين؟ ومتى تتدخل الجمعيات والهيئات الحقوقية الدولية وفي البلدين لوضع حد لهذه المأساة الإنسانية وتعمل على الأقل من أجل تسهيل تبادل الزيارات كما هو جار في العديد من البلدان المتجاورة والتي تعرف صراعات حدودية؟ ومتى يسترجع المغاربة أراضيهم المفقودة في الجزائر؟.
تعليقات الزوار ( 0 )