ذ. عبد النبي اليازيدي
قحط المطر وقنط الناس، وظلت الأسئلة والهواجس تدور مثل زوبعة في فنجان،وقد انشغلت الأرض بأوراق ذابلة، تساقطت في غفلة منا خلال خريف بارد، كنا نتطلع إلى الجهة الغربية منتظرين وصول الريح الشتوية والتنمية والمسافرين، لكن الهاجس الملعون الذي توارى في قلوب أكثر الناس برحيل الخضرة، ظل يرفع رأسه ويلح في سؤال: لماذا بقي القطار متوقفا كل هذه الساعات بالمحطة؟ سبعة أيام وسبع ليال وخمس سنوات، ما جرى في هذه الفترة بمقدار ما يثير من الضحك، والذي لا يمكن مقاومته، خلف أحزانا لا نهاية لها لسيدة القرية “الحاجة القاسمية”، وهي تبدو في حالات كثيرة أقرب إلى دموع الأطفال في عيون عطشى، وكأنها صاحبة جرح غائر، حتى في حالة ما إذا اصطدمت بالفراغ، باللاشيء، بوحشة الحدائق المعلقة، بالأسود الذي لا يليق بها، اقتعدت الأرض وبدأت تبكي حظها العاثر، كان بكاؤها يقطع القلوب، والأيادي التي تسببت لها في كل ذالك، كانت تلهو وتعبث، وهي تضحك وتصرخ، حين تراها قد انهارت وأصبحت آيلة للسقوط.
ومن الناس العقلاء والشباب القلائل الذين استمروا على نظرتهم لجغرافية التاريخ،وموقفهم من حالة الانغلاق والحفر السوداء التي لا تليق بها،لازالوا واقفين، يرسمون فسحة من الأمل في مساحات ضيقة خضراء، وكنا في كل مرة نكتب عن جروحاتها الغائرة ،نقول لها كلمات تداويها، نعيدها حتما إلى حالة من التوازن النفسي، اختل بسبب موت حس الانتماء وتهافت التهافت. ،والتدافع حول بقايا الحروف الدسمة.
ولسنا ننكر على احد من القراء أن سيدة القرية تتحمل وزر اختياراتها العرجاء والعوراء، وكل من رآها على هذه الحال لابد أن يستبد به الغضب،غضب اجتماعي يتولد عنه اخطر مرض سياسي ألاهو العزوف السياسي، الذي يتسبب غالبا في اتساع الهوة بين السياسات القطاعية المحلية وانتظارات المواطنين، غير أننا نسجل أن الشباب ليس عازفا عن الحياة السياسية بقدر ماهو عازف عن ولوج الممارسة الحزبية لاعتبارات ذاتية وموضوعية،نتيجة لضعف الديمقراطية الحزبية وهيمنة ثقافة الخلاف عوض ثقافة الاختلاف، وتركيز الحزب على إحياء مؤقت لتنظيماته في اللحظة الانتخابية بكيفية انتهازية،وبمجرد ما تنتهي الاستحقاقات يصبح هذا التنظيم في خبر كان.
مزيدا من الكتابة التي نحن في امس الحاجة اليها.
كل ما اقوله لك استاذنا الجليل هو :الله يوفقكم ويجازيكم على مجهوداتكم الذاتية.