تشهد المملكة واحدة من أسوأ موجات الجفاف في تاريخها المسجل، حيث أعلنت المديرية العامة للأرصاد الجوية أن عام 2023 كان الأكثر جفافًا منذ 80 عامًا، مع تسجيل أكثر من 20 حدثًا مناخيًا متطرفًا، بما في ذلك تسجيل درجة حرارة قياسية بلغت 50.4 درجة مئوية في منطقة أغادير الزراعية. ومع ذلك، فإن الأمطار الغزيرة التي هطلت في شهر مارس 2025 أعطت بارقة أمل في تحسن الوضع المائي في البلاد.
وشهد المغرب هطول أمطار غزيرة ومستمرة خلال شهر مارس، خاصة في المناطق الشمالية الممتدة من طنجة إلى الرباط.وهذه الأمطار، التي تعد الأكثر غزارة منذ سنوات، أثارت تساؤلات حول ما إذا كانت بداية النهاية لأطول موجة جفاف في تاريخ البلاد. ومع ذلك، يحذر الخبراء من أن هذه الأمطار قد لا تكون كافية لإنهاء الجفاف الهيكلي الذي تعاني منه المغرب.
وفقًا لأنس المنصوري، الباحث في الزراعة بالمناطق الجافة، فإن الأمطار الحالية، رغم أهميتها، لن تكون كافية لإنهاء الجفاف الهيكلي الذي تعاني منه البلاد. وأوضح المنصوري: “ما نشهده هو تناوب بين فترات جفاف طويلة وفترات قصيرة من الأمطار الغزيرة. هذه الأمطار هي بالتأكيد نعمة، لكنها لن تحل المشكلة الهيكلية للجفاف”.
وأشارت البيانات إلى أن معدل ملء السدود في المغرب ارتفع إلى 31%، وهو تحسن طفيف مقارنة بالسنوات الماضية، لكنه لا يزال غير كافٍ لتعويض العجز المائي المتراكم. وأضاف المنصوري: “الأمطار التي تجاوزت 120 ملم في الأسبوع الماضي في شمال البلاد ساهمت في تحسين مستوى المياه الجوفية وترطيب التربة، خاصة في مناطق الريف وغرب الأطلس المتوسط. هذا التحسن سيفيد بشكل خاص إنتاج الخضروات والفواكه”.
ورغم التحسن المؤقت، فإن الوضع المائي في المغرب لا يزال مقلقًا. وأكد المنصوري أن البلاد تواجه تحديات كبيرة بسبب التغيرات المناخية، التي تزيد من تواتر فترات الجفاف الطويلة وتكثف فترات هطول الأمطار الغزيرة.
وقال: “المغرب معرض بشكل خاص لتأثيرات التغير المناخي، مما يتطلب تبني استراتيجيات تكيف أكثر فعالية، مثل تعزيز سياسات تخزين مياه الأمطار، وترشيد استخدام المياه في الري، وتطوير البنية التحتية لتحلية المياه في المناطق الأكثر عرضة للجفاف”.
ودعا المنصوري إلى تبني ممارسات زراعية أكثر مرونة لمواجهة التحديات المناخية، مثل استخدام محاصيل مقاومة للجفاف وتحسين تناوب المحاصيل. وأضاف: “تحسين إدارة المياه أصبح أولوية مطلقة. يجب أن نعمل على تعزيز قدراتنا التكيفية لضمان الأمن الغذائي في ظل الظروف المناخية المتغيرة”.
وأعطت الأمطار الغزيرة التي شهدتها المغرب في مارس 2025 بارقة أمل في تحسين الوضع المائي، لكنها تظل غير كافية لإنهاء الجفاف الهيكلي الذي تعاني منه البلاد. وفي ظل التحديات المناخية المتزايدة، يبقى على المغرب تبني استراتيجيات فعالة لإدارة الموارد المائية وضمان الأمن الغذائي في المستقبل.
تعليقات الزوار ( 0 )