شارك المقال
  • تم النسخ

أمازيغ: الاختلاف منطلق لإشاعة الأخوة وخرجات السلفيين نشاز خارج السياق

يحتفل أمازيغ المغرب و العالم، بالسنة الأمازيغية الجديدة 2971، ليلة يوم الثاني عشر من شهر يناير الميلادي، وسط ترقب اعتراف رسمي وجعله عطلة رسمية مؤدى عنها، بعدما قامت فعاليات و هيئات أمازيغية بمخاطبة الديوان الملكي عبر رسالة، تطالب بترسيم الاحتفال الشعبي الذي يحتفل به المغاربة منذ قرون، و جعله عطلة رسمية مؤدى عنها.

وككل سنة، فقد شهدت منصات مواقع التواصل الاجتماعي صداما بين شيوخ ‘’السلفية’’ و نشطاء أمازيغ، بعدما دعا (سلفيون) الى تكفير الاحتفال و دعوة المغاربة الى عدم الاحتفال، لكونه على حد تعبير الحسن الكثاني أحد شيوخ السلفية بالمغرب عبر تدوينة له ‘’ “جعل ما يسمى بالسنة الأمازيغية عيدا وطنيا رسميا، أمر مرفوض”. و في تدوينة أخرى كتب الأخير ‘’ وما يسمى بالسنة الأمازيغية فلا يجوز لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر و يتع رسول الله محمد صلى الله عليه و سلم أن يحتفل به’’.

وقد خلفت تدوينات ‘’السلفيين’’ موجة من الغضب و السخرية، من قبل النشطاء الأمازيغ الذين اعتبروا تلك الخرجات مجرد ‘’غوغائية’’ موسمية تسعى الى تفرقة الشعب المغربي المتعدد، فيما دعا آخرون الى عدم الاهتمام بكل ما كتب من قبل هذه ‘’الطائفة’’ التي تكفر كل ما هو خارج عن سياقها، و أن الاعتراف الرسمي هو الأساس، لأنه سيبقى مكسبا للأجيال اللاحقة و آنذاك لا يمكن لأي كان أن يرفض الاحتفال أو يفكره.

وسبق لهيئات و منظمات أمازيغية أن راسلت الحكومة المغربية، و عاهل البلاد، من أجل جعل رأس السنة الأمازيغية، عيدا وطنيا وعطلة رسمية مؤدى عنها، في ظل الاحتفال الشعبي بهذه المناسبة، التي تتخذ أشكالا و احتفالات متعددة عبر ربوع البلاد، حيث تختلف الطقوس و تتنوع الاحتفالات، الا أن السياق الذي تمر منه البلاد بسبب جائحة كوفيد 19، أرغمت العديد من الهيئات على الاحتفال افتراضيا.

الحركة الأمازيغية وخرجات السلفيين ‘’الموسمية‘’

قال عبد الله صبري، الناشط الأمازيغي و رئيس منظمة تماينوت، أن ‘’السلفيون هم أشخاص طائفيون، و توجههم الديني يبحث عن الطائفية بعيدا عن الدين الشعبي المغربي، و لن يرضوا عندك الا أن تكون منتيما الى طائفتهم، و هؤلاء ليسوا ضد الأمازيغ و الأمازيغية فقط، بل ضد الحريات العامة و الحقوق الفردية و الجماعية و حقوق النساء و الطفل، و ضد التنوير و الحداثة، و حقوق الانسان بشكل عام…. ‘’

وأضاف ذات المتحدث في تصريحه لمنبر بناصا ‘’ان هؤلاء ليسوا سوى صوت نشاز داخل المجتمع المغربي، ترافعنا و نضالاتنا يجب أن توجه للدولة و مؤسساتها، و هذا الأمر هو الرهان الأساس الذي يجب أن يهتم به الأمازيغ، لأن الاعتراف برأس السنة الأمازيغية بشكل رسمي و جعله عطلة رسمية مؤدى عنها، سيبقى مكسبا لنا و للأجيال اللاحقة، بعيدا عن ‘’غوغائية’’ الطوائف الذين ليسوا سوى فئة قليلة جدا داخل المجتمع المغربي، مقارنة مع الصحوة الأمازيغية و تامغرابيت بشكل عام’’.

وأضاف عبد صبري رئيس منظمة تماينوت، الإطار الطرف الذي وقع على الرسالة الموجهة للديوان الملكي، أن ‘’السلفيين’’ الذين يكفرون الامازيغ و يحرمون الاحتفال برأس السنة الأمازيغية، ليس بشيء جديد، بسبب كونهم فئة تتشبب بالقيم الشرقية، و تدعوا الى إقبار كل الثقافات بما فيها الأمازيغية، و تشريق المجتمع المغربي المتعدد لغة و ثقافة و ديانة، و هذا أمر تجاوزته الشعوب و السياسات الوطنية و الدولية’’.

عبد الكريم جويطي ” ينصت للفقيه والعشاب والمشعوذ أكثر ما ينصت للمثقف”

وفي ذات السياق أشار، أحمد بوزيد، الفاعل المدني و الباحث في الدراسات الثقافية الى ‘’إن التحولات التي مست البنيات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية للمجتمعات الثالثية التي عاشت التحديث التقني بهذا القدر أو ذاك، قد أسهمت في ميلاد خطاب ديني جديد، وميلاد شخصية ذات وضعية اعتبارية جديدة في المتداول الاجتماعي تتمثل فيما سماه عبد الله الغدامي بشخصية الفقيه الفضائي، إن التحول الذي مس قنوات تلقي وإنتاج هذا الخطاب من المنبر إلى الشاشة، جعلت الفقه الرقمي فقها مفارقا للأرض ولذاكرة الجماعات الثقافية التي أهالت المعنى عليها وشكلت لوجودها رمزياته الخاصة، وهو ما تمت مراعاته من قبل الفقه المشدود إلى معيش الناس والناظر في حاجاتهم والمنتبه إلى مقام تداوله وأحوال مخاطبيه.

مؤكدا على ‘’أن الظاهر أن من سمات هذا الخطاب الرقمي أنه يستند إلى التحريم أو إلى مرجعية ثابتة، لكن العودة إلى ذاكرته تكشف أنه محكوم بموجهات اجتماعية تشتغل في سيروته ومسار تشكله، فقد كان هذا الخطاب في بدايته قد اتخذ موقف التحريم من الوسائط الرقمية المعاصرة، قبل أن يقوم بتوظيفها واستثمارها’’.

وقال الفاعل المدني في حديثه لمنبر بناصا ‘’لقد نصب الخطاب ذاته نفسه نقيضا لكل الممارسات الثقافية المحلية، لكنه مع ذلك لم ينفصل عنها فقد حضن بعض أمشاجها، و بات أصحابه يقدمون فرجة مؤسسة على خطاب الانفعال ومعتمدة السخرية وجالبة لرأسمال مادي، أكثر مما يقدمون خطابا معرفيا رصينا حول ممارسات ثقافية تاريخية، لذلك كان من الطبعي أن يكون هذا الخطاب موضوعا للتنكيت و الفرج. مضيفا ‘’لكنه ومع طابعه الفرجوي فإن له امتدادات في مجتمعات شفهية تلح _ لاعتبارات عدة _ على عدم منح هوية ” العالم ” للباحث في العلوم الإنسانية بوجه عام، وعلى اتخاذها بإصرار مصدرا للمعرفة’’.

الاختلاف منطلق لإشاعة الاخوة بمفهومها الموسع

‘’إن الرهان اليوم هو الاشتغال على الممكنات الإنسية في الخطاب الديني وفي الثقافات المحلية، وهي ممكنات يضمرها النص الديني الذي ينتصر للجمال والفرح ويعتبر الاختلاف جوهرا كونيا ويعتبر العيش المشترك منطلقا لإشاعة الاخوة بمفهومها الموسع’’ حسب تعبير أحمد بوزيد.

وأكد الباحث في الثقافة المغربية على أنه ‘’ينبغي دوما أن نستعيد ما قاله التوسير عن الخطاب ونحن نتأمل خطابات فقهاء رقميين يمارسون التكفير إزاء الأصوات المثقفة والتصورات النقدية، والتحريم إزاء ممارسات ثقافية من قبيل إيض إيناير الروايس وتماوايت والسقير وتقرفيت و غيرها من الممارسات التي تضطلع بوظائف نفسية واجتماعية كممارسات رمزية تسهم في لحمة المجتمعات، إنه خطابغير بريء، خطاب له أساسه الاجتماعي، وتفكيك ما يتعيش عليه من فكر خرافي يستلزم وجود حوامل اجتماعية كالمقرارات التربوية التي يمكن أن تضطلع بدور مركزي في تمكين المجتمع من القيم الكونية النبيلة والفكر النقدي، والإيمان بالحق في ثروات الذاكرة وبتعددية الثقافة المغربية التي تعتبر مصدرا لبناء إنسان منفتح على كل الثقافات مجابه لنزعات التطرف وما يتصل بها من نزوعات العنف والهيمنة’’.

واعتبر أحمد بوزيد ‘’الانشغال الكبير والهائل بهذا الخطاب من قبل المجتمع ناتج عن أعطاب عديدة، إن بعض السواد لا ينبغي أن ينسينا إشراق الإسهامات التي تسدي خدمات جليلة للثقافة المغربية من أنطولوجيات للروايس والعيطة وأعمال علمية وأكاديمية حول التاريخ والثقافة المغربية والأمازيغية وأعمالا مسرحية وسينيمائية وموسيقية حول هذه الثقافة، إنها الجديرة بأن تكون موضوعا وحدثا جديرا بالاحتفاء والتقاسم، لكن عطبا ما يحول دون ذلك، ربما لأننا من مجتمع يصدق عليه ما قاله الروائي عبد الكريم جويطي ” ينصت للفقيه والعشاب والمشعوذ أكثر ما ينصت للمثقف ‘’.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي