Share
  • Link copied

أكاديميون يرصدون أثر الطوارئ الصحية في السياسة الدولية من منظور القانون الدولي

نظم مختبر الدراسات السياسية والقانون العام بتعاون مع شعبة القانون العام بكلية الحقوق بفاس، وبشراكة مع جريدة بناصا، ندوة عن بعد في موضوع ”الطوارئ الصحية من منظور القانون الدولي والسياسة الدولية“.

وأكدت زهرة الهياض، أستاذة القانون الدولي بكلية الحقوق بأكدال، موضوع ”مفوضية شؤون اللاجئين واحتياجات اللاجئ في حالة الطوارئ الصحية“،أن صحة وسلامة اللاجئين في البلدان المضيفة لهم تكون لها أولوية رئيسية لدى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في برامج الحماية والمساعدة.

 واستعرضت المتدخلة قواعد القانون الدولي التي تحدد الإطار القانوني والمؤسساتي والتعاوني لحماية اللاجئين أثناء انتشار الأوبئة. وأعطت مثالا على التعاون بين المنظمات الدولية في هذا المجال بالشراكة الفعالة بين المفوضية السامية لشؤون اللاجئين ومنظمة الصحة العالمية للحد من تأثير المخاطر الصحية الناجمة عن جائحة كوفيد19 على حياة اللاجئين في مخيمات لاجئي “الرورهينغا” ببنغلادش، والسوريين بالأردن ولبنان.

وخلصت الأستاذة الهياض في مداخلتها إلى أن هذه الأزمة تفرض نهجا دوليا متماسكا لا يغفل أحدا حفاظا على الأرواح بصرف النظر عن وضع الأشخاص. لهذا فمخرجات كوفيد 19 -حسب رأيها- يحتم التضامن العالمي ووضع سياسات، وإصلاح النظم الصحية الهشة لحماية الناس في كل الأوقات وليس فقط عند وقوع أزمات، والتي تندرج ضمن التزامات الدول  بأجندة أهداف التنمية المستدامة للعام 2030.

من جهته تطرق حسن الوارث، أستاذ القانون الدولي بكلية الحقوق بفاس، في مداخلته المعنونة ”قراءة في النظام العالمي زمن كورونا: أزمة قيم أم أمة ريادة؟“ إلى مدى احتمال تأثر النظام الدولي والموازنات الدولية الراهنة بهذه الجائحة.

ورأى الأستاذ الوارث أنه ليست هناك حتى الآن تغييرات جذرية على النظام الدولي ، على اعتبار أن تداعيات هذا الوباء العابر للقارات، وإن اثرت على هذا النظام الدولي من حيث مسلماته القيمية، لكن لن تقلبه رأسا على عقب. وأردفه المتدخل أن  انتشار هذه الجائحة كشف مواطن أزمة حقيقية في قيم النظام الدولي الهشة (غياب تعاون دولي واضح، أزمة منظومة حقوق الانسان، تضييق للحريات، الحق في الصحة بات وهما …).

وأشار الأستاذ الوارث أيضا أن هذه الجائحة تجاوزت المفهوم التقليدي  لمنظومة الأمن الجماعي لميثاق الأمم المتحدة التي باتت اليوم لا تعكس طبيعة التهديدات الآنية للمجتمع الدولي: الامراض الفتاكة ، الهوة العلمية والمخبرية التي باتت تتكرس بين دول الشمال والجنوب عدا تلك ذات الطبيعة الاقتصادية… كما رأى المتدخل أن هذه الأزمة كرست تجاذبات تقليدية لاسيما ما يتعلق بأزمة الريادة العالمية، ففي نظره فرغم ”الانعزالية” الحالية للولايات المتحدة الامريكية، فإن الصين لن تقود العالم، لافتقادها لمقومات القيادة، ومن ضمنها افتقارها للقوة الناعمة، كما أن روسيا ستعمل على تعزيز نفوذها والقيام بأدوار لا تصطدم مع المصالح  الامريكية.

وخلص الأستاذ الوارث إلى أن معالم النظام الدولي ما بعد الحرب الباردة لا زالت ثابتة، كما  أن الولايات المتحدة هي التي ستحكم العالم في المديين القريب والمتوسط.

وتعرض خالد شيات، أستاذ القانون الدولي بكلية الحقوق بوجودة، في مداخلته لموضوع ”المسؤولية الدولية في رعاياها العالقين بالخارج أثناء جائحة اوفيد 19“، حيث انطلق ا من إشكالية التطبيق القانوني لوضعية العالقين في الخارج، وذلك سواء في القانون الدولي أو القانون الداخلي، ومن خلال مقاربتين قانونية صرفة وحقوقية. وقد اعتبر أن الحماية القانونية للدولة على أفرادها محددة في القانون الدولي من خلال الحماية الدبلوماسية التي تختلف عن مسؤولية الدولة المرتبطة بوجودها القانوني في مقابل باقي الدول، ذلك أن مسؤولية الدولة  في مقابل رعاياها في الخارج مرتبطة بحماية شخصية وأخرى إقلبمية، والحماية الشخصية تشترط وجود تعسف في الحق والذي يشترط فيه الا يكون نابعا من مسؤولية لمواطن أو متسببا فيه وان يستوفي الإجراءات القضائية بالخصوص للحصول على حقوقه.

وأشار الأستاذ شيات إلي أن الخطأ في القانون الدولي مفهوم مبهم، ويفترض في علاقة الدول وجود مسؤوليات واضحة اتجاه الأطراف الأخرى، غير أن في حالة المواطنين العالقين في الخارج لم تتأسس أية مسؤولية بناء على الخطأ أو فعل غير المشروع، وهنا ينعدم أساس مسؤولية الدول، بل إنه حتى المجال الفقهي والقانوني لا يشمل مثل هذه الحالات ناهيك عن انعدام قرارات قضائية تحدد طبيعة المسؤوليات.

ليخلص الأستاذ شيات إلى أن المقاربة القانونية لا تفي بتحديد الطبيعة القانونية، وهنا يجب أن تتدخل المقاربة الحقوقية التي تنطلق من وجود ضرر لفئة عريضة مشمولة بالحماية المفترضة والتي توجد في وضع هش. وبناء عليه يقترح المتدخل إيجاد آلية دولية للتعاون لحل هذا الإشكال العالمي.

من جانبه تناول جمال كدوري، أستاذ القانون الدولي بكلية الحقوق بفاس، موقف الولايات المتحدة الأمريكية من المنظمات الدولية: منظمة الصحة العالمية نموذجا، حيث ركز في مستهل مداخلته، على العوامل المفسرة للسياسة الأمريكية تجاه المنظمات الدولية بصفة عامة.

وأشار الأستاذ كدوري في معرض حديثه، إلى تزايد الانسحاب الأمريكي من العمل المتعدد الأطراف في ظل الإدارة الأمريكية الحالية؛ إن كان على مستوى الاتفاقيات الدولية، أو على مستوى المنظمات الدولية، كمنظمة اليونسكو أو منظمة الصحة العالمية. وفي هذا السياق، استعرض المتدخل الأسباب التي حدت بالولايات المتحدة الأمريكية إلى وقف التمويل على منظمة الصحة العالمية والانسحاب منها، والأهداف التي تروم تحقيقها من وراء هذه الخطوة.

ليخلص الأستاذ جمال كدوري إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية باعتبارها قوة مهيمنة في النظام الدولي الراهن، فإن ذلك يترك لها هامشا كبيرا من المناورة في اختياراتها بما يضمن تحقيق مصالحها؛ سواء بالتركيز على العمل المتعدد الأطراف أحيانا (الاتفاقيات الدولية/ المنظمات الدولية) أو في شكل اتفاقيات ثنائية، وفي أحيان أخرى التصرف بشكل أحادي/ انعزالي.

وقام فؤاد أعلوان، أستاذ القانون الدولي بكلية الحقوق بفاس في مداخلته بتقييم حصيلة “منظومة الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث” في مواجهة كورونا، معتبرا أنه بالرغم من الانجازات المحققة، فإنها تبقى عموما ضعيفة بالنظر لحجم انتشار الوباء وتداعياته الاقتصادية والاجتماعية الخطيرة. وأكد المتدخل أيضا أن تواضع الحصيلة يعود أساسا لضعف التأهب وسوء تقييم المخاطر المرتبطة بالفيروس، عدم توفر أغلب دول العالم على استراتيجيات وطنية ومحلية دائمة لمواجهة الكوارث، ثم ضعف التضامن الدولي وهيمنة النزعة الفردية التي سادت الاستجابة للوباء.

وخلص الأستاذ فؤاد أعلوان الى أن الحديث عن قصور “منظومة الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث” في مواجهة كورونا يعد غير عادل في ضوء الإكراهات العديدة التي واجهتها. واعتبر أن مسؤولية الاخفاق في مواجهة الفيروس تعد مشتركة بين هذه المنظومة وبين الدول وكذا مجلس الأمن الذي تبدو الضرورة ملحة لاصلاحه، حيث يستحيل مواجهة تحديات قادمة بحجم مخاطر وباء كورونا في ظل نظامه الحالي.

Share
  • Link copied
المقال التالي