قررت وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، برئاسة سعيد أمزازي، منح صلاحية اختيار الطريقة التي سيدرس بها التلاميذ، وبشكل استثنائي هذا الموسم، للأسر، والتي قامت حوالي 90 بالمائة منها، بتفضيل الصيغة “الحضورية”، على نظيرتها “عن بعد”، واضعةً الجهة الوصية على قطاع التربية الوطنية، في موقف وُصفَ بـ”المحرج”.
وفي ظل اختيار أغلب الأسر لصيغة التعليم الحضوري، أُجبرت الوزارة على السعي لتأمين دراسة ما يقارب 9 ملايين تلميذ، وهي التي كانت تتوقع ألا يتجاوز التلاميذ الذين سيفضل أولياء أمورهم الدراسة من داخل المدارس، في هذه الوضعية الوبائية، الـ 60 في المائة، أي حوالي 6 ملايين شخص، _ أُجبرت على السعي لتأمينهم _ بسنها لإجراءات وقائية صارمة بالمؤسسات التعليمية.
وبعد مرور حوالي أسبوعين على انطلاق الموسم الدراسي الجديد، كال مجموعة من الأساتذة اتهامات لاذعة لوزارة أمزازي، بخصوص أنها غير مهتمة بمدى نجاعة الحضوري في هذه المرحلة، بقدر ما يهمها مرور حضور التلاميذ للمدرسة وخروجهم منها في ظرف مراعي للبروتوكول الصحي المعمول به، فقط.
وفي هذا السياق، صرح أحد الأساتذة لجريدة “بناصا”، بأن انطلاقة الموسم الدراسي الحالي تعتبر الأسوء في العقدين الأخيرين، وربما في تاريخ المنظومة التعليمية بالمغرب، مشيرا إلى أن الأطر التربوية وجدوا صعوبات بالغة، على رأسها القيام بالتقويم التشخيصي بدون توزيع أي أوراق، وبدون لمس الورق التي يكتب عليها التلاميذ.
وتابع الأستاذ الذي رفض الكشف عن اسمه، بأن “مسألة التقويم التشخيصي مجرد البداية، فكيف يمكن للأستاذ فيما بعد، في المؤسسات التعليمية التي لا تتوفر على مسلاط، أن يقدم بعض الدروس التي تحتاج لأن يتوفر كل تلميذ على ورقة خاصة؟ سيكون مطالبا بكتابته على السبورة لكي يقوم التلاميذ بنقله على أوراقهم، ولكن هذه العملية لوحدها سيتجاوز وقتها نصف الحصة”.
وأضاف المصدر السابق، بأن “كتابة درس على السبورة، قد يحتاج لما يزيد عن نصف الحصة، فهل يمكن أن يتم إنجازه والحرص على تفاعل التلاميذ فيما تبقى؟ هل سيستفيد التلاميذ وتتحقق الكفايات المستهدفة من الدرس؟ لا أعتقد”، مضيفا:”هذه الأمور تؤكد جليا أن مسألة التعليم الحضوري في ظل الإجراءات الحالية، فاقدة للنجاعة تماما”.
مصدر آخر رفض الكشف عن اسمه، قال لـ”بناصا”، إن مفتش المادة التي يدرسها، طلب من الأساتذة إنجاز الدرس فقط، والحرص على إتمام المقرر، بغض النظر عن استفادة التلاميذ من عدمها، مردفاً:”المفتش شدد على عبارة لا يهم هل تحققت الكفايات أم لا، ولا يهم هل استفادة المتعلمون أم لا، الأساس هو إنهاء الدرس، وهذا استثناء في الظرفية الراهنة التي تمر بها البلاد”.
وانطلاق من المعيقات العديدة التي واجهها الأساتذة، اعتبر مهتمون بالشأن التربوي في المغرب، بأن وزارة أمزازي، تسعى لإنجاح البروتوكول الصحي فقط، وهي غير مهتمة مطلقة، بمدى نجاعة التعليم الحضوري في هذه المرحلة، لأنه من المستحيل أن تتحقق الكفايات المستهدفة في ظل طريقة التدريس الحالية.
وأوضح التربيون بأنه كان يفترض بوزارة أمزازي، أن تكون حريصة على استفادة التلاميذ الذين يجضرون للمؤسسات التعليمية، مع تأمين ولوجهم وخروجهم منها، لا التركيز على الالتزام بالبروتوكول الصحي المعمول به فقط، مذكرين بأن الوزير سبق وصرح بأن مصالحه مستعدة لضمان سلامة التلاميذ داخل المؤسسات، دون أن يشير إلى مدى ضمان أن تتحقق الكفايات المرجوة.
من جانب آخر، يرى مراقبون بأن وزارة أمزازي “تتعامل مع ظرفية استثنائية، وهذا أمر مفهوم، غير أن التعليم الحضوري، وخلال الأسبوعين الماضيين، اتضح أنه شكلي فقط، ولا يحرص الأطر التربوية والإدارية والمصالح الإقليمية لوزارة التعليم، سوى على التطبيق الكامل للبروتوكول الصحي فقط، دون أي مراعاة لمصلحة التلاميذ على المستوى المعرفي”.
ولهذه الأسباب، يرى مجموعة من الأستاذة، أنه “كان يفترض على الوزارة الاستمرار في التعليم عن بعد، بدل وضع الحضوري ضمن الخيارات المتاحة، وتعريض حياة التلاميذ للخطر، منبهين إلى أن وزارة أمزازي قد تضمن سلامة المتعلمين داخل المؤسسة، ولكن يستحيل أن تضمنها خارجها، حيث يقوم التلاميذ بتجمعات، الأمر الذي يضاعف احتمال تفشي كورونا بينهم”.
يشار إلى أن وزارة التربية الوطنية، كانت قد أصدرت بروتوكولا صحيا صارما، يتضمن مجموعة من الإجراءات الواجب الالتزام بها داخل المؤسسات التعليمية، الأمر الذي ضاعف من مهام الأستاذ، وخلق مجموعة من الصعوبات أمام طرفي العلمية التعليمية التعلمية، ما يصعب من تحقيق الكفايات اللازمة.
تعليقات الزوار ( 0 )