Share
  • Link copied

ولماذا لا تجلس في بيتك؟ !!

“طوم هانكس” في فيلم “sleepless in seattle”،عندما سألته “ميج رايان” عن مدى حبه لزوجته المتوفاة، قال انه عندما التقى بها ولمس يدها، شعر وكأنه  كان ضائعا وعاد إلى البيت..

هكذا هو البيت بالنسبة للأجانب، الملاذ،المستقر، الأمان، يخرجون للضرورة وحتى إذا خرجوا تلهفوا للرجوع، أواصر المحبة بينهم قوية، يحب الزوج زوجته، يصادق الأخ أخاه، عندما يعودون ويغلقون الباب وراءهم،ي غمضون أعينهم ويبتسمون في سعادة، لقد عادوا إلى البيت،”the home”..

أما بالنسبة لبعض الإخوة في الله،فيعتبر البقاء في البيت عقوبة،بحكم أنهم فئة تكره العزلة،تخاف  من البقاء وحيدة مع أفكارها،لا تحب سماع نفسها،ترعبها فكرة الدخول في مونولوك داخلي،قوم يعشق الاكتظاظ والزحام،يقصد الأسواق ليس رغبة في الشراء بل فقط من اجل الاحتكاك،يقصد بقعة بعينها ونتجاهل  باقي الشاطئ،يترك المساحات الخضراء على اتساعها ل”يتكب” قرب شخصين،وأول ما يصل شخص آخر يتجه مباشرة نحوهم،وهكذا إلى أن يصبحوا كتلة بشرية متعفنة،يحبون الالتصاق بعضهم كالبق،يلمسون ويشمون ويدققون في الأوجه،لدرحة أن بعضهم “طلع” في رأس البعض.

لا تقف المصيبة في كونهم يكرهون العزلة،بل أنهم لا يدعون الآخرين يأخذون أنفسهم بعيدا عن متناول أعينهم وأيديهم وأنوفهم ،لا يدعون لهم مجالا للخلوة،فما إن يرى احدهم أحدا يجلس وحيدا حتى يقترب منه،مستفسرا ومتسائلا،محاولا الولوج إلى أمعائه الدقيقة،بعد إخضاعه لاستنطاق معمق،معتبرا نفسه الشخص السليم العادي،بينما المعتزل يعاني من مرض نفسي خطير،بحاجة للمساعدة العاجلة..

الرائعون فقط من يعشقون العزلة،أولئك الذين يعيشون سلاما داخليا،المكتفون بأنفسهم،وليس لديهم مانع ولا تخوف من مجالسة أنفسهم،يتفحصون دواخلهم بحنو،إن وجدوا ما يحتاج إلى الإصلاح أصلحوه،وان كان لديهم جرح عالجوه بصمت،يعشقون تفاصيل محيطهم،وان مكثوا في بيوتهم بالأسابيع والأشهر لن يصابوا بالملل،فبعد الاستيقاظ هناك أغنية الصباح،وطقوس استقبال يوم جديد،ثم بعد الفطور يشرع في تنظيف الأركان والزوايا،للتخلص من كل الطاقات  السلبية،ولتوفير جو من الانتعاش والنقاء، على وقع سهرات شعر مسجلة،أو كلمات أغاني قديمة طربية،وأثناء كل وجبة،يجتمع الكل على فيلم أو مسلسل،وبعدها يركن كل إلى نفسه وهواياته،حتى إذا حل المساء،حان موعد أغاني أم كلثوم وفريد الأطرش،ثم فيلم المساء،وبعده تحلو اللمة العائلية وتبادل أطراف الحديث،وتلك هي حياة الآدميين..

في البيت أشياء  مشوقة كثيرة تغنيك عن الخروج،وأشخاص لن تجد مثلهم ولو قطعت الأرض جيئة وذهابا،فلا داعي لممارسة دور بطولة الدجاج،فأنت ونحن نعلم انك آخر من يملك ذرة شجاعة وقت الجد،البطولة حاليا هي أن تلزم بيتك،كأي مخلوق بشري عادي،بعد سنوات من نكران الفصيلة ،وعيش دور التشرد الإرادي،وانتحال صفة الرحالة ابن بطوطة،من العمل الى “التجلويق” في المقاهي ونشر الأرجل في الساحات،فالأجانب يعيشون في بيوتهم ولم يحدث لهم إلا كل خير ،ولا داعي لعنترياتك فالبلد لديه ما يكفي من الهموم،نعرف انك لا تفهم إلا بالعين الحمراء،ولا تقتنع إلا بعد “التقرفيد” لكن جرب أن “تحشم” على عرضك،وتنفذ الأوامر التي هي في صالح الأمن العام،وان كانت لا تهمك سلامتك فسلامتنا تهمنا،لان أقصى ما ستقوم به من بطولة  الآن هو “نقل الفيروس” كاي جرذ او قملة.

Share
  • Link copied
المقال التالي